أحـد منا يمكنه أن يتجـاهل تلك الظاهرة الغريبة وإن لم أقل الشادة و التي نراها مع إطـلالـة شهر رمضان, شهر البركة و أعني هـنا ظاهرة الإقبال على ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها و من مـختلف شرائح المجتمع. قــد يـعترضني أحدكم بقـوله: إن ممارسة الرياضة أمر محمود.
أجـيـب أكيد أنها كد لك وهذا ما أحاول جادا أن أؤكد عليه و أرغب فيه، غير أن أغلبكم يعلم أن كل ما خرج عن المألوف فهو شاذ، و الشاذ هنا يبقى إهمال الأغلبيـة الساحقة للرياضة طول السنة ولمدة 11 شـهرا و فجأة يعانقونها و بدون سابـق استئذان أو تحضير، وهذا أمر من الخطورة بمكان من الناحية الصحية, ويشتد هـذا الخطر ويكبر ليترقب ضحاياه من أولئك الذيـن نطلق عليهم نحن المغاربة بالدارجة " عباد ين رمـضـان ".
عبادين رمضان: هم نوعية من الناس ضعيفة القوة و الإيمان يرغبون و يأملون في شهر واحد و هـذا أكبر الإيمان عندهم تحقيق ما وصل إليه في سنة بل العمر كله من الناحية الدينية أصحاب الإيمان القوي و من الناحيـة الرياضية أصحاب البنية الجسمانية السليمة.
لمثل هـذه النوعية وترغيبا في ممارسة الرياضة وجني فوائدهـا أقول لهم: ليتكم مادمتم قد عزمتـم على ممارسة الرياضة خلال هذا الشهر المبارك أن تجعلوها انطلاقة بدون توقف, أن تكون بداية المشوار, مشوار رياضة يومية سليمة وطول السنة بدلا من رياضة مناسبات, رياضة أيام وشهر رمضان فقط. وأؤكد هنا أنه من السليم قبـل هده البداية من زيارة الطبيب للتأكد من سلامتنا وخلو أجسامنا من بعض الأمراض التي نجهلها وقد تسبب لنا بعـض المتاعب من جراء الصيام و الإجهاد البدني العشوائي, كالمصابين بداء السكري, ضعف القلب...
أما الرياضيين الذين يعشقون رياضتهم و يواظبون عليها بصدق وجلاء فأقول لهم :تمرنوا ولـكـن بترو. الصيام سيريكم قوة تحملكم وصدق صلابة أجسامكم, ولممارسي رياضة بناء الجسم أقول: أكيد أن معظمكـم سيفقد شيئا من لياقته البدنية و حجمه العضلي الذي عمل جادا طوال سنة من التمرين للوصول إليه ولكن فليتـأكـد الجميع أن ما سنفقده من وزن سيكون أكثر من 90 بالمائة منه على حساب الكمية الدهنية المخزونة في الجسم بدليـل أنه و من تجربة ميدانية مع العديد من المتدربين ( البد ينين )عندي في النادي ما إن يحصل عندهم هبوط في الوزن إلا ويعترفون بأنهم يشعرون بنوع من الخفة والنشاط و الرشاقة. وإذا كان هناك نوع من التخوف عند ممارسي بناء الجسم من عدم تزويد الجسم بحاجياته الغذائية مع الصيام فأقول: إنه بإمكان أي واحد منا أن يتناول الوجبات الغذائية الكاملة أثناء شهر رمضان لأن ما سوف نأكله طيلة الليل ابتداء من وجبة الفطور حتى وجبة السحور يكفينا لتزويد جـسمنا بحاجياته طوال يوم صيامنا. فقط يبقى علينا أن نختار نوعية طعامنا وعدد الوجبات الكافية بالنسبة لوزن كل واحد منـا
وتوقيت تناولها مع تطبيق النصيحة التي تقول " النوعية قبل الكمية ". أما كيفية التمرين فنصيحتي هي : ألا تـحاول إرغام جسد ك على إعطاء ما هو فوق طاقته وأن لا تـحاول أن تجعل تمارينك بنفس القوة و الشدة خلال باقي أشهر السنة و عليك كذلك أن تنقص المدة الزمنية لتمرين داخل النادي وأن تجعلها تتراوح في الغالب بين 30 دقيقة و 45 دقيقة على الأكثر على أن تنهي هذه المدة التمرينية بربع ساعة إلى نصف ساعة كفارق زمني عن موعد الإفطار الذي أنصح الجميع أن يكون متنوعا وغنيا بجميع العناصر الضرورية : كالبر وتينات , الفيتامينات , الأملاح المعدنية و السكريات...
عـلى العموم لقد أثبتت كل الأبحاث الطبية أن معضم الأمراض التي تصيب الناس يكون السبب فيها الإفراط في تناول الطعام و الإكثار من المواد الدسمة مع قلة الحركة لا من قلة الأكل وصدق من قال " المعدة بيت الداء " ولهدا ومند القديم كان الأطباء و الحكماء يوصون بالصيام لأن حرمان الجسم من الطعام لا يضعفه كما أشرت وإنما يجبره على إحراق المخزون من طاقته الاحتياطية التي تتمثل في هذا الكم الهائل من الشـحم الذي يثقل أجسامنا.
كمسلمين فلنحمد الله على نعمة الصيام ولنقف جميعا بإيمان شديد لنعانق هده النعمة الربانية, لنستقبل شهر رمضان بالعبادة و العمل ونستقبله برياضة النفس ورياضة الجسد.
وكل رمضان وأنتم بألف خير