العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية. ستيفن كوفي.
في حياتنا، ومنذ صغرنا نتعلم كيف نتصل مع الناس الآخرين بالوسائل المتعددة، الحديث والكتابة والقراءة، ويتم التركيز على هذه المهارات في المناهج المدرسية بكثافة، لكن بقية وسيلة اتصالية لم نعرها أي اهتمام مع أنها من أهم الوسائل الاتصالية، ألا وهي الاستماع.
والاستماع يعد أهم وسيلة اتصالية، فحتى تفهم الناس من حولك لا بد أن تستمع لهم، وتستمع بكل صدق، لا يكفي فقط أن تستمع وأنت تجهز الرد عليهم أو تحاول إدارة دفة الحديث، فهذا لا يسمى استماعاً على الإطلاق، في كتاب ستيفن كوفي العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية، تحدث الكاتب عن أب يجد أن علاقته بابنه ليست على ما يرام، فقال لستيفن: لا أستطيع أن أفهم ابني، فهو لا يريد الاستماع إلي أبداً.
فرد ستيفن: دعني أرتب ما قلته للتو، أنت لا تفهم ابنك لأنه لا يريد الاستماع إليك؟
فرد عليه "هذا صحيح"
ستيفن: دعني أجرب مرة أخرى أنت لا تفهم ابنك لأنه -هو- لا يريد الاستماع إليك أنت؟
فرد عليه بصبر نافد: هذا ما قلته.
ستيفن: أعتقد أنك كي تفهم شخصاً آخر فأنت بحاجة لأن تستمع له.
فقال الأب: أوه (تعبيراً عن صدمته) ثم جاءت فترة صمت طويلة، وقال مرة أخرى: أوه!
إن هذا الأب نموذج صغير للكثير من الناس، الذي يرددون في أنفسهم أو أمامنا: إنني لا أفهمه، إنه لا يستمع لي! والمفروظ أنك تستمع له لا أن يستمع لك!
إن عدم معرفتنا بأهمية مهارة الاستماع تؤدي بدورها لحدوث الكثير من سوء الفهم، الذي يؤدي بدوره إلى تضييع الأوقات والجهود والأموال والعلاقات التي كنا نتمنا ازدهارها، ولو للاحظت مثلاً المشاكل الزوجية، عادة ما تنشء من قصور في مهارة الاستماع خصوصاً عند الزوج، وإذا كان هذا القصور مشتركاً بين الزوجين تتأزم العلاقة بينهم كثيراً، لأنهم لا يحسنون الاستماع لبعضهم البعض، فلا يستطيعون فهم بعضهم البعض، الكل يريد الحديث لكي يفهم الطرف الآخر! لكن لا يريد أحدهم الاستماع!!
إن الاستماع ليست مهارة فحسب، بل هي وصفة أخلاقية يجب أن نتعلمها، إننا نستمع لغيرنا لا لأننا نريد مصلحة منهم لكن لكي نبني علاقات وطيدة معهم.
تكلمنا في ما سبق عن أهمية الاستماع والإنصات، وفي هذا الجزء نتحدث عن الأسلوب العملي الذي علينا اتباعه في أثناء الاستماع للآخرين، ولنتذكر أننا إذا أردنا فهم الآخرين فعلينا أولاً أن نستمع لهم، ثم سيفهمونا هم إن تحدثنا إليهم بوعي حول ما يدور في أنفسهم.
1- استمع استمع استمع! نعم عليك أن تستمع وبإخلاص لمن يحدثك، تستمع له حتى تفهمه، لا أن تخدعه أو تلقط منه عثرات وزلات من بين ثنايا كلماته، استمع وأنت ترغب في فهمه.
2- لا تجهز الرد في نفسك وأنت تستمع له، ولا تستعجل ردك على من يحدثك، وتستطيع حتى تأجيل الرد لمدة معينة حتى تجمع أفكارك وتصيغها بشكل جيد، ومن الخطأ الاستعجال في الرد، لأنه يؤدي بدوره لسوء الفهم.
3- اتجه بجسمك كله لمن يتحدث لك، فإن لم يكن، فبوجهك على الأقل، لأن المتحدث يتضايق ويحس بأنك تهمله إن لم نتظر له أو تتجه له، وفي حادثة طريفة تؤكد هذا المعنى، كان طفل يحدث أباه المشغول في قراءة الجريدة، فذهب الطفل وأمسك رأس أبيه وأداره تجاهه وكلمه!!
4- بين للمتحدث أنك تستمع، أنا أقول بين لا تتظاهر! لأنك إن تظاهرت بأنك تستمع لمن يحدثك فسيكتشف ذلك إن آجلاً أو عاجلاً، بين له أنك تستمع لحديثه بأن تقول: نعم... صحيح أو تهمهم، أو تومئ برأسك، المهم بين له بالحركات والكلمات أنك تستمع له.
5- لا تقاطع أبداً، ولو طال الحديث لساعات! وهذه نصيحة مجربة كثيراً ولطالما حلت مشاكل بالاستماع فقط، لذلك لا تقاطع أبداً واستمع حتى النهاية، وهذه النصيحة مهمة بين الأزواج وبين الوالدين وأبنائهم وبين الإخوان وبين كل الناس.
6- بعد أن ينتهي المتكلم من حديثه لخص كلامه بقولك: أنت تقصد كذا وكذا.... صحيح؟ فإن أجاب بنعم فتحدث أنت، وإن أجاب بلا فاسأله أن يوضح أكثر، وهذا خير من أن تستعجل الرد فيحدث سوء تفاهم.
7- لا تفسر كلام المتحدث من وجهة نظرك أنت، بل حاول أن تتقمص شخصيته وأن تنظر إلى الأمور من منظوره هو لا أنت، وإن طبقت هذه النصيحة فستجد أنك سريع التفاهم مع الغير.