معلقة عبيد بن الأبرص
أقفرَ من أهلهِ ملحوبُ
فالقطبيّاتُ فالذنوبُ
وبدّلت منهمُ وحوشاً
وغيّرتْ حالها الخطوبُ
أرضٌ توارثها الجدودُ
فكلُّ من حلَّها محروبُ
إمّا قتيلاً وإمّا هُلكاً
والشيبُ شينٌ لمن شيبُ
عيناكَ دمعهما سروبُ
كأنّ شأنيهما شعيبُ
واهيةٌ أو معينٌ معنٌ
أو هضبةٌ دونها لهوبُ
تصبو وأنّى لكَ التصابي
أتى وقد راعكَ المشيبُ
فكلُّ ذي نعمةٍ محلوسٌ
وكلُّ ذي أملٍ مكذوبُ
وكلُّ ذي إبلٍ موروثٌ
وكلُّ ذي سلبٍ مسلوبُ
وكلُّ ذي غيبةٍ يؤوبُ
وغائبُ الموتِ لا يؤوبُ
أعاقرٌ مثل ذاتِ رحمٍ
أو غانمٌ مثلُ من يخيبُ
من يسألِ الناسَ يحرموه
وسائلُ الله لا يخيبُ
بالله يدرك كلُّ خير
والقولُ في بعضهِ تلغيبُ
والله ليسَ لهُ شريكٌ
علاّمُ ما أخفتِ القلوبُ
أفلِح بما شئتَ قد يبلغُ
بالـضعفِ وقد يخدعُ الأريبُ
لا يعظُ الناسُ من لا يعظِ
الـدهرُ ولا ينفعُ التلبيبُ
ساعد بأرضٍ تكونُ فيها
ولا تقل إنني غريبُ
والمرءُ ما عاشَ في تكذيبٍ
طولُ الحياةِ لهُ تعذيب
ملاحظة
عبيد بن الأبرص بن عوف بن أسد، وهو شاعر جاهلي قديم من كبار المعمّرين يقال أنه مات وله ثلاثمائة سنة. أدرك امرؤ القيس يقال أنه لقي النعمان في يوم بؤسه فقال النعمان: هلا كان هذا لغيرك يا عبيد: أنشدني فربما أعجبني شعرك. فرد عبيد: حال الجريض دون القريض (يريد: حال جفاف الريق دون الشعر) فقال النعمان: أنشدني: أقفر من أهله محلوب. فأنشد عبيد: أقفر من أهله عبيد فاليوم لايبدي ولايعيد فما كان من النعمان الا ان خيره بطريقة موته، فاختار أن يسقى حتى يثمل ثم تقطع عنقه. فأجابه النعمان ففعل كما أراد
.