وينبغي أن نعلم أن الناس في توكلهم على الله سبحانه وتعالى على درجات: فأعظم الناس منزلة الأنبياء وأتباع الأنبياء جعلنا الله وإياكم من أتباع الأنبياء، فهم الذين يتوكلون على الله سبحانه وتعالى في أمورهم كلها، في إيمانهم بالله، في عباداتهم لله، في دعوتهم إلى الله، في جهادهم في سبيل الله ونصرتهم له ومجاهدة أعدائه، في أمورهم كلها يتوكلون على الله سبحانه وتعالى وحده. ودونهم درجة من يتوكل على الله في استقامة نفسه، وصلته بربه فقط، لكن لا يهمه أمر المسلمين أو أمر الآخرين، فهذا إنسان توكل على الله في أن الله يحميه ويحمي دينه فقط، لكنه أقل درجة من النوع الأول المجاهدين الداعين إلى الله سبحانه وتعالى. وأدنى من هؤلاء درجة من يتوكل على الله في أمور دنياه فقط، في رزق يناله، أو عافية، أو زوجة يريدها، أو نصر على عدو، أو حصول شيء ما. وأشر من هؤلاء جميعاً من يتوكل على الله في المعاصي، نعوذ بالله من أحوال هؤلاء، تجده وهو يحجز للسفر إلى الفساد يقول: بإذن الله تبارك وتعالى نسافر، بإذن الله تقابلني فلانة فيتوكل على الله في أمور المعاصي، نعوذ بالله من أحوال هؤلاء!