بسم الله الرحمن الرحيم
أظنها الآن قرابة العشر سنوات قد مرَّت على ذلك الموقف مع ياسمين.
ياسمين طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها..
لكنها كانت تملك عقلاً راجحًا ما كنت أملكه أنا البالغة الراشدة..
كنت تلك الأيام أدرس في مدرسة تحفيظ قرآن، وأظن أني قد دخلتها لأني لم أجد طريقًا آخر سواه. وتعرفت حينها على ياسمين فقد كانت طفلة جميلة مهذبة وذكية وهي قد أحبتني كثيرًا..
في أحد تلك الأيام كنا قد قررنا أنا وأخواتي وقريباتي أن نذهب إلى الملاهي بعد خروجي من التحفيظ، كنت سعيدة بذلك اليوم لأني سأذهب للملاهي وألعب وأمرح!!
رأيت ياسمين وأنا خارجة من التحفيظ وبكل لهفة وفرح عرضت عليها بقولي: ياسمين نحن سنذهب اليوم للملاهي هل تذهبين معنا؟
هل تعلمون ماذا كان ردها؟
قالت: لا. أنا لا أذهب للملاهي!
قلت لها: لماذا؟ هل أمك لا ترضى؟ سأذهب أنا وأكلمها لتذهبي معنا!!
قالت وبكل ثقة: لا. ولكني لا أذهب للملاهي، انظري إلى اسمها (ملاهي) إنها تلهي عن ذكر الله!!
لله درك يا ياسمين
لقد وقعت كلمتها تلك كالصاعقة على أذني..
لا أدري حينها ما هي المشاعر التي خرجتُ بها... ولكن
كلمة ياسمين ظلَّت تتردد معي كل السنين..
ياسمين تلك الطفلة التي ربتني..
علمتُ حينها هشاشة ما كنت اهتم به..
علمتُ حينها ضآلة ما كنت أفكر فيه..
علمتُ حينها أي همٍّ يجب أن أتمسك به..
طفلة ترى أن الملاهي تلهيها عن ذكر الله!
فما بالي أنا العاقلة الراشدة أرضى أن تذهب أوقاتي وسنين عمري في لهو ولعب؟!
لله درك يا ياسمين حيث كنتِ
ولله دَّر أمك وأبيك اللذين ربياك على ذلك..
كم كان الفارق شاسعًا بيني وبينها.
ترى كم من الآباء والأمهات الذين يربون أبناءهم تلك التربية الجادة غير المتميعة؟!