الخلاف في هذه المسألة مشهور، ومذهب جمهور العلماء وهو إحدى الروايتين عن أحمد، أنه غير ممنوع للرجل الطهارة بفضل طهور المرأة، سواء خلت به أم لا، وسواء كان لطهارة الحدث أو الخبث، وهو الصحيح، بل الصواب، لحديث اغتساله صلى الله عليه وسلم بفضل ميمونة[1]، وهو أصح من حديث النهي عن اغتسال الرجل بفضل طهور المرأة[2] بلا شك، وكثير من أهل العلم لا يرى صحته، فلا تقوم بمثله حجة، ويؤيد هذا القول العمومات في الأمر بالطهارة بالماء من غير قيد، فكل ماءٍ لم تغيره النجاسة، فإنه داخل في العموم، وأيضًا فالله تعالى يقول:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [سورة النساء:الآية43 وسورة المائدة:الآية 6]
فلم يبح التيمم حتى يعدم الماء، وهذا يسمى ماءً بلا شك، والشارع لا يمنع من شيءٍ لغير موجب، وهذا الماء كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إن الماء لا يجنب))[3] ولو كان الرجل ممنوعًا من الطهارة بفضل طهور المرأة مع كثرة ذلك ومشقته وعموم البلوى به، لورد فيه من النصوص الصحيحة ما يبين هذا الأمر، فتبين أن هذا القول هو الصواب، أما الرواية الأخرى عن أحمد، وهي المشهورة عند المتأخرين، فمنعوا الرجل من تطهره بما خلت به المرأة لطهارة الحدث، والحديث الذي استدلوا به لا يصلح أن يكون دليلاً على هذه المسألة لضعفه ومخالفته للأدلة، ثم التقييد بطهارة الحدث وحدها لا دليل عليه.
----------------------------
[1] رواه أحمد ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
[2] رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي من حديث الحكم بن عمرو الغفاري رضي الله عنه.
[3] رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.