بداية هذه المأساة ، بل نهايتها تبدأ باعتراف رب الاسرة ، والحسرة تعتصر قلبه ، واللوعة تملا نفسه ، والدموع تنساب من عينيه ، ولكن ،،، ما الفائدة !!! لقد حدث ما حدث … والبداية كما يشير رب الاسرةمنذ حوالي شهرين كنت في الامارات مع زوجتي وأولادي في رحلة تسوق وراحة من متاعب العمل ، وهناك التقيت في الفندق برجل من الجنسية
الايرانية - حيث كنت أقيم - كان متحدثا" لبقا" ، فأخذ يحدثنى عن التجارة في الخليج والسياحة ، والحياة الرغدة ، تبادلنا في نهاية هذا الحديث ارقام هواتفنا في الامارات حيث كنت اقيم مع أسرتي في الفندق ، وفي الديرة بالكويت ، وفوجئت عند مغادرتي الفندق ، وعند القيام بتسديد رسوم الاقامة بالفندق بموظفة الفندق تؤكد لى ان كل الرسوم قد قام صديقك الايراني بدفعها ، وفوجئت ايضا بمكالمة تليفونية من الصديق الايرانى اثناء مغادرتي الفندق يقول لى انه يعتبر ما قام بتسديده من رسوم الاقامة والطعام ، والتلفونات عبارة عن هدية منهسافرت مع زوجتي واولادي الى الكويت ، وبعد يوم واحد او يومين بدأ يتصل بي الصديق الايرانى تليفونيا" اكثر من ثلاث او اربع مرات في اليوم ، وكنت سعيدا" بهذه الاتصالات التلفونية لانى احسست فعلا" انه يريد بصدق … او يسعى بشدة لان اكون صديقا حميما له ، ووجه لى الدعوة لزيارته في ايران حيث اكد لى انه يمتلك مصنعا للسجاد الفاخر ، وانه سوف يعرض على عند حضوري الى ايران آخر واحدث منتجات هذا المصنع ، وابلغني انه قد وجه الدعوة للكثير من اصدقائه في كثير من دول الخليج لكي يعرض عليهم منتجات السجاد من مصنعه ، وسوف التقى بهم عند حضوري لايران ، عندئذ توجهت الى الخطوط الجوية الكويتية ووجدت هناك بأنتظارى تذكرة من الكويت الى ايران على الدرجة الاولى ، وفوجئت عند وصولى الى مطار طهرن باستقبال حافل ، واخذنى بسيارة فاخرة الى أفخم فنادق طهران ، وجدت كل ما أطلبه في الفندق ميسر ومتاح . وبقيت هناك ليلة كاملة لم أرى فيها صديقي الايراني ، ولكن كل ما وجدته أناس اشكالهم تفرع ، او ما يسمونهم الفتوة وكانوا يقدمون لى كل شئ أريده او اطلبه ، وبعد ثلاثة أيام كنت أعيش فيها كالملك ، كل شئ أطلبه مجاب ، واخيرا" جاء الصديق الايراني واستقبلنى بحفاوة بالغة ، وقال لى : ان الاذكياء هم الوحيدون الذين يستطيعون استغلال الفرص ، وهنا تساءلت : ماذا تقصد ؟؟؟ فبادرني الى القول اذا كنت تريد ان تصبح تاجرا" في اسرع وقت ممكن فعليك ان تصبح معي ، واصطحبنى معه الى مكان اشبه بسكراب او مخزن ، وشاهدت أشياء كنت لا اراها او أشاهدها الا في أفلام السينما ، وهنا قال لي سنعطيك مبلغا" كبيرا" ، وستكون سعيدا" للغاية اذا عملت معنا في تجارة المخدرات ، واصابنى الذهول ، وخفت ان أرفض فيقتلنى طاقم الفتوة الذى كان في انتظارنا في الخارج ، فسألته كيف أتاجر في المخدرات ؟؟؟ فقال لى مهمتك قيادة طراد الى الكويت ، وبدلا" من أن تعود الى الكويت بالطائرة تعود بطراد ، فقلت له وانا خائف : أنني لا اعرف قيادة الطراد ، فقال لى بسرعة : سنعلمك كيف تقود هذا الطراد ، وطلبت من الصديق الايراني العودة الى الكويت حتى أستطيع ان ادبر اموري ، واستعد لهذه المهمة الخطرة ، فبادرني بحزم : لن تعود الى الكويت او تغادر ايران الا بطراد عن طريق البحر ، ومكثت في ايران عدة ايام للتدريب على قيادة الطراد ، وكل يوم أسال متى اعود الى الكويت يقولون لى غدا" ، وهكذا حتى قالوا لى غدا"ستنطلق الى الكويت ، وأعطونى كمية بسيطة تحتوى على ثلاثة كيلوجرام من الحشيش ، و45 جرام من الهيروين ، ومسحوق مخصص لخلطه مع الهيروين ، وكثير من الحبوب المخدرة ، وثلاثة رشاشات MB5 صغيرة الحجم ، وكمية من الذخيرة ، وقلت لهم هل كمية المخدرات هذه ستجعلنى تاجرا" كبيرا" ، هنا ضحك صديقي الايرانى وقال المهم أن تستلم المكأفاة ، وليس المهم حجم الكمية لاننى اريد تجربتك ، واذا حدث وان اصطادك رجال خفر السواحل فما عليك الا ان ترمى هذه الكمية في البحر ، والمهم الا تستسلم بسهولة ، وركب معى على الطراد شخصين سوف يحموننى اذا حدث لى اى مكروه ، واعطانى بوصلة سوف تقودنى الى المكان المتفق عليه ، وفور انطلاقي بالطراد اذ بطراد آخر أصغر من الطراد الذى كنت أقوده يسير وراء الطراد الذى كنت أقوده ، وعرفت ان قائده كويتي حيث قال لى : الله بالخير ، فقلت له : آمر ، فرد : سنبقى معا حتى تصل الى الكويت ، ونظرت الى الرجليين اللذان كانا معى في الطراد ، واذا بهما يقولان لى أستمر في قيادة الطراد . وفور دخولنا الكويت ، وبالتحديد عند جزيزة كبر اذا برجال خفر السواحل يفاجئون الطراد الذى كنت أقوده عندها أخرج الرجلان اللذان كانا معى اسلحتهم ، واخذا يطلقان النار على رجال خفر السواحل حتى القى القبض على ، والتفت الى الطراد الذى كان يصاحبنى من ايران الى الكويت فلم اجده فعرفت انه هرب ، وبعدها فهمت الحكاية ، حيث أننى كنت مجرد طعم مرافق للبضاعة الكبيرة من المخدرات التى كانت مشحونة في الطراد الذى هرب وفي التحقيقات التى تمت مع رب الاسرة المتهم أبلغه قائد حملة خفر السواحل ان الكمية من المخدرات التى كانت في الطراد الذى كان يقوده اقل كثيرا" من المعلومات التى كانت لديهم ، وسأله قائد الحملة : هل القيت بأيى كمية في الخليج فأشار بالنفى ، هنا تم ادخال الرجلان اللذان كانا معه في الطراد الى التحقيق ، وسألهما المحقق عن معلوماتهما حول معرفتهما بالمهرب الذى كان يقود الطراد المصاحب لهما ، فأشار انه موجود بمنطقة ابو حليفة او بمنطقة جليب الشيوخ ، فقام رجال المباحث بمساندة رجال القوات باقتحام أحد المنازل حيث تم ضبط المهرب وهو نائم ، ومعه الرجلان اللذان قاما بالتهريب معه ، وتم ضبط ثلاث كيلوجرامات من الهيروين الخالص ، ومائة جرام من الافيون ، وثلاثين كيلوجرام من الحشيش ، وأحيل الجميع للتحقيق ، وثم للمحكمة ، حيث حكم على الرجال المرافقين الاربعة بالحبس لمدة عشر سنوات لكل منهم مع الابعاد عن البلاد بعد تنفيذ الحكم ، وحكم على المهرب الكويتي بالحبس لمدة 15 سنة مع الشغل والنفاذونتساءل … لماذا اندفع رب الاسرة ، ورضخ لضغط صديقه الايرانى ؟ وكيف سمحت له نفسه بأن يدمر أبناء وطنه من الشباب بهذه السموم ؟ واين قيم الولاء والانتماء للوطنانه رب اسرة كانت تعيش حياة آمنة مستقرة مع زوجته وأولاده ، وكانوا سعداء يقضون عدة ايام في زيارة دولة الامارات … ونتساءل ايضا … لماذا لم يبلغ رب الاسرة عند عودته السلطات المسئولة عن شكه في المكالمات التلفونية المكثفة من صديقه الايرانى ، والدعوة المريبة التى تركها له صديقه الايرانى بمكتب الخطوط الجوية الكويتية . انها المخدرات ذات الكسب السريع ، وانه الطمع في الثراء والحياة الرغدة … الشيطان الذى هدم سعادة هذه الاسرة ، والقى برب الاسرة في السجن لمدة 15 عاما" . وتعيش الاسرة بدون عائلها طوال هذه المدة !!! ماذا تفعلون في مواجهة مشكلات الحياة الصعبة ؟؟؟ ان كل الاحتمالات واردة … التفكك الاسري ، وضياع الابناء ، … وتفسخ المجتمع … انها المخدرات ، ومشكلات المخدرات وما خفى كان أعظم:....
مجلة المجتمع وآفة المحدرات العدد27