بسـم الله الرحمـن الرحيـم
كلنا توقع حين كتب العنوان ان الكلام سيكون عن نفس النملة التي ذكرت في القرآن
والجواب بنعم فلم ياتينا من اخبارهم سوى خبرها
ولكن الجديد هو كلام الامام ابن القيم رحمه الله في تفصيل الشرح عن فصاحة هذه النملة وليتنا نتعلم منها كيف يكون الخطاب
في كتابة الماتع شفاء العليل
حيث يقول
ويكفي في هداية النمل ما حكاه الله سبحانه في القرآن عن النملة التي سمع سليمان كلامها وخطابها لأصحابها بقولها: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}
فاستفتحت خطابها بالنداء الذي يسمعه من خاطبته ثم أتت بالاسم المبهم ثم
أتبعته بما يثبته من اسم الجنس إرادة للعموم ثم أمرتهم بأن يدخلوا مساكنهم
فيتحصنون من العسكر ثم أخبرت عن سبب هذا الدخول وهو خشية أن يصيبهم معرة
الجيش فيحطمهم سليمان وجنوده ثم اعتذرت عن نبي الله وجنوده بأنهم لا
يشعرون بذلك وهذا من أعجب الهداية وتأمل كيف عظم الله سبحانه شأن النمل
بقوله: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} ثم قال: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ}
فأخبر أنهم بأجمعهم مروا على ذلك الوادي ودل على أن ذلك الوادي معروفا
بالنمل كوادي السباع ونحوه ثم أخبر بما دل على شدة فطنة هذه النملة ودقة
معرفتها حيث أمرتهم أن يدخلوا مساكنهم المختصة بهم فقد عرفت هي والنمل أن
لكل طائفة منها مسكنا لا يدخل عليهم فيه سواهم ثم قالت لا يحطمنكم سليمان
وجنوده فجمعت بين اسمه وعينه وعرفته بهما وعرفت جنوده وقائدها ثم قالت وهم
لا يشعرون فكأنها جمعت بين الاعتذار عن مضرة الجيش بكونهم لا يشعرون وبين
لوم أمة النمل حيث لم يأخذوا حذرهم ويدخلوا مساكنهم ولذلك تبسم نبي الله
ضاحكا من قولها وأنه لموضع تعجب وتبسم
منقول للفائدة