تعريفه : قصائد ينقض بعضها بعضا وذلك بأن يقول الشاعر قصيدة يفتخر بنفسه وقبيلته ويعرض بشاعرآخرأويهجوقبيلة الشاعر الآخرفإذا سمع الشاعر المهجوتلك القصيدة نقضها .أي نقض معانيها وفضح أكاذيبها ولا بد من اتفاق القصيدتين البادئة بالهجاء والمنقوضة في البحروحرف الروي وحركة حرف الروي وبما أن شعر النقائض يعتمد على نقض المعنى المشتمل على معارف كثيرة فإنه لابد لشاعر النقائض من المعرفة التامة بمثالب القبائل وأنسابها وأيامهاحتى يتسنى له نقض كل مايورده الشاعر الذي هجاه أو هجا قبيلته والأصل فيها المقابلة والاختلاف؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو مناط النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.
نشأتها:نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النقار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة، حتى قوي واكتمل واتضحت أركانه وعناصره الفنية. فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتمل الملامح تام البناء الفني، اتخذ الصورة النهائية للنقيصة ذات العناصر المحددة التي عرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدق والأخطل.
وهذا نموذج لأشهر شعراء النقائض في الشعر العربي ,,(( جرير والفرزدق((..
من قول الفرزدق في جرير : وهذا من قول جرير يقول :
يا صاحبي دنا الرواح فسيرا فغض الطرف انك من نمير
غلب الفرزدق في الهجاء جريرا فلا كعبا بلغت ولا كلابـــــــــا
ومن قول الفرزدق في جرير:
ووجـدت قومك فقّؤوا مـن لـؤمهم *** عينيك عنــد مكارم الاقوام
صغــــرت دلاؤهم فما ملأوا بها *** حوضا ولاشهدوا عراك زحام
فأجابه جرير :
مهلا فرزق إن قومك فيــهم *** خور القلوب وخفة الاحلام
الظاعنون على العمى بجميعهم *** والنازلــــون بشر دار
أما الأخطل فقد أرسل إليه أحد أسياد قبيلة مجاشع (قبيلة الفرزدق) بألف درهم وكسوة وبغلة لكي يدعم الفرزدق في حربه ضد جرير فقال قصيدة يهجو جريرا ويفضل الفرزدق عليه منها :
أجرير إنـك والذي تسمو له *** كأسيفة فخرت بحدج حصـان
تاج الملوك وفخرهم في دارم *** ايام يـــــربوع مع الرعيان
فأجابه جرير :
ياذا الغباوة إن بشراً قد قـضى *** ألا تجوز حكومة النشوان
فعوا الحكومة لستم من أهلهـا *** إن الحكومة في بني شيبان