في أحد الأيام و بينما كان الإمام الشافعي -رضي الله عنه - يقوم بتدريس طلة العلم في المسجد دخل عليه رجل غريب لم يره قط ، و جلس أمامه مباشرة ثم قال له :
* - يا إمام سمعتك تقول لطلبتك بأن الله موجود بدليل الحديث " أعبد الله كأنك تراك فإن لم تكن تراه فهو يراك" فأين هو الله الذي تتحدث عنه بينما لا وجود له في أي مكان؟
* - ثم سمعتك تقول لهم بأن الله سوف يعاقب إبليس في الدرك الأسفل من النار و أنتم تقولون بأن إبليس مخلوق من النار ، فيكف تعاقب النار بالنار؟
* - و أخيرا كيف تقول من جهة بأن الإنسان لا هروب له من قضاء الله و قدره الذي يخضعه لأمور شتى من دون أن يحبها ، و من جهة أخرى تقول بأن الله يعاقب عباده على عصيانهم له ، أفليس هذا تناقضا بين أن يخضعك ربك لأمر ثم يحاسبك عليه؟
فما كان من الشيخ الجليل إلا الصمت ، ليس لأنه عاجز على الرد بل لأنه حكيم في رده
كانت بجانب الإمام قربة مصنوعة من الطين فضرب بها الرجل على رأسه حتى بدأ يصيح من شدة الألم دون سقوط الدم منه .
فذهب الرجل و اشتكى من الإمام إلى أمير الؤمنين ، فاستدعاه هذا الأخير وقال له:
ما كنا نحسبك ظالما هكذا يا شيخ أفتضرب رجلا من دون أي سبب؟
فرد الإمام:
لا يا أمير المؤمنين إنما تلك الضربة فيها إجابات لـ 3 أسئلة سألها :
* - لقد قال بأن الله غير موجود ، و أتاك هنا و أخبرك بأنه يتألم ، و أنا لا أرى أي ألم هنا
* - ثم قال أيعقل أن تعذب النار بالنار ، و الجرة أليست مصنوعة من الطين فكيف آلمته؟
* - و أخيرا قال كيف يحاسبنا الله على أعمال فرضها علينا ، أولم يستطع في ذاك الوقت الذي ضربته بقربة الماء أن يضربن كما ضربته ، طبعا نعم و لكنه اختار أن يأتي لك بإرادته لأنه يعرف بأن خياره الأول سيكلفه العقاب من طلبتي أما أنت فسترد له حقه إن سلب منه حقا.
وهنا اعتذر الخليفة للإمام و عاقب الرجل على كلامه الخطير