. . . . مفترق الطرق . . . . . قصـــة قصـــــيرة. . . . . . . . . .

ارتشف من قدح الشاي مرة ومرة اخرى

وعاد ونظر في داخل القدح من جديد

كان ماتبقى من الشاي قليل جدا ولكنه شفطها ومصدرا صوتا لم يكن جميلا

ذكرني بزوبعة الماء المنحدر في ثقب بالوعة الحمام ومن ثم مد يده الى جيبه وأخرج علبة السجائر. . تلقفت أصابعة واحدة منها وأشعلها ليضخ بعدها كمية من الدخان الممزوج بأبخرة القطران الفتاكة وثاني أكسيد الكاربون الى داخل رئتاه ومن ثم قال :

- لنتوكل على الله .

نظرت اليه وقلت له :

-لست آتيا معك

فأجابني

- ماذا ؟

فقلت له:

- الم تسمعني لست آتيا معك ..انساني خلاص ..

فأجابني باستغراب:

- هل جن جنونك ؟

فقلت له:

- ياأبتي لن أتزوجها . . ومشيت نحو الباب كي أطمئن بأن أمي سكينة التي كانت تتنصت الى محادثتنا في الغرفة التالية ستسمعني فقلت وبصوت مسموع :

ياناس لاأحبها وليس هناك اي شيء مشترك بيننا ..

فأجابني أبي :

-تحبها أولاتحبها غير مهم .. ستحبها فيما بعد.. سوف لن يتزوجها . . .

احم احم احم أخذ يسعل وأظاف قائلا:

- ثروة المرحوم أخي الحج سوف تبقى في العائلة احم احم أتفهم !

فأجبته:

- هه هه ثروة أخي ..ثروة أخي انها نقود المخدرات يا حج يوسف ...انها نقود الشيطان , ماذا بك أبي هل تريدني أن أسكت للباطل واهظم كومة من الدبوس توخز كبدي ومصاريني طوال حياتي.....

واضفت بنبرة أسف وحزن وبصوت خافت :

- كهلت ياأبتي ونسيت ضحايا أخيك الحج توفيق الاعرج رحمه الله على ذنوبه التي مازالت تنبض بالحياة في ضحاياه وذريتهم ... هل نسيت رفيقك الياس الهيروييني أين هو ؟..مات وبجرعة اظافية

جابر السماك ..؟ مات ..مصطفى بن بهية مقيم في الدار ويتشاجر مع الحيطان وأولاد أبو برنيطة شاهين الخمار وعبدو الهيكل العظمي أين هم وا.....

وفي هذه اللحظة وضع أبي يداه على اذنيه وقاطعني قائلا :

- كفى كفى

ولكن جمرالسيجارة انفصل ولدغ وجنته وصاح من الالم :

-اوف اوف اوف.. اسمع يا كميل ! كلامي واحد لااثنان وهذا كلام امك ايضا .. ستتزوج بنت عمك مفهوم..!

كان منظر أبي مضحكا ومبكيا ومخجلا ومرعبا ومعيبا في أن واحد لم يكن في فمه سوى ناب واحد... ناب ملون بالاسود والاصفر بقى صامدا رغم عوامل التعرية والتآكل التي تعرض لها طوال سنين ...كان يشبه ديناصورا هرما ..ولكنه أبي ويريد اجباري على السجود للشيطان الرجيم ...فتذكرت نبينا نوح عليه السلام حينما فضل أمر الله حتى على ابنه وتركه ليموت في ظلالته ويغرق في الطوفان ...