حملة إعلامية وأطراف مغرضة تدفع سعدان للتفكير في الإستقالة
مؤامرة لتفجير المنتخب الوطني من الداخل
دأبت بعض الأطراف والجهات على زرع الفتنة و"التخلاط" داخل صفوف المنتخب الوطني كلما حقق نتائج طيبة أو كان على موعد مع منافسات حاسمة، مثلما هو الأمر بالنسبة لكأس إفريقيا التي ستنطلق بعد أيام معدودة بلواندا، وكذا كأس العالم بجنوب إفريقيا في شهر جوان القادم!
* انطلقت حملة "التخلاط" مباشرة بعد مقابلة أم درمان التاريخية، وراحت بعض الأقلام والأصوات "غمزا" و"لمزا" تتعرّض للمدرب الوطني، الشيخ رابح سعدان، وكذا لرئيس الفدرالية، السيد محمد رورارة، وكأن النجاح الذي حققه هذا الثنائي أزعج بعض الذين كانوا ينتظرون انهزام الفريق الوطني وإقصاءَه للمطالبة بتصفية حسابهما وتحميلهما المسؤولية، ولكن انتصار الفريق وتأهله للمونديال أسقط مؤامرة هؤلاء، لكنهم لم يتردّدوا في زرع الفتنة داخل الفريق ومحاولة تحريض بعض اللاعبين لزعزعة استقرار المنتخب الوطني، من خلال الدفع بمن صنعوا أمجاده إلى الاستقالة أو مجرّد التفكير فيها، كما فعلوا مع الشيخ رابح سعدان الذي شنّت عليه بعض الصحف المفرنسة والمعرّبة ـ ممن تدعي المهنية والإحترافية ـ حملة مركزة لدفعه إلى التفكير في الاستقالة.
هذه الصحف التي ما فتئت تزرع الفتنة منذ الندوة الصحفية التي عقدها الشيخ رابح سعدان في "الهيلتون" في الأيام الماضية، حيث راحت تنتقد كل شيء وتقول أي شيء، وواصلت ذلك بعد دخول الفريق الوطني في التربص بمرسيليا حيث واصلت حملتها، الأمر الذي أثار غضب الطاقم الفني، وكادت هذه الحملة أن تعصف بكل ما تمّ إنجازه خلال سنة 2009، لولا حكمة وخبرة سعدان وروراوة وتفانيهما في خدمة الفريق الوطني.
كشفت مصادر موثوقة للشروق أن المدرب رابح سعدان ضاق ضرعا بكل ما أحاط بالمنتخب الوطني من مؤامرات وتجاوزات وهو ما دفع به إلى التفكير في الإستقالة والابتعاد نهائيا عن أجواء المنتخب الوطني قبل التنقل إلى أنغولا للمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا.
وأكدت مصادرنا أن سعدان متأثر كثيرا بالحملة الإعلامية المركزة التي استهدفته شخصيا وما زالت تستهدفه هذه الأيام لا سيما من بعض الصحف التي اختصت في هذه المرحلة بالذات في انتقاد المدرب والمنتخب الوطني وظروف التربص القائم بمرسيليا، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك لما وجهت سهامها إلى رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة واللاعبين.
الضغط يزداد .. وسعدان يمر بظروف صعبةوأضافت مصادرنا أن رابح سعدان لم يتقبل الأجواء التي باتت تحيط بالخضر أياما قليلة قبل تنقلهم إلى أنغولا، فقد تحلى الشيخ بالصبر حفاظا على تماسك المنتخب، لكنه فكر في رمي المنشفة يوم الخميس الماضي، ثم تريث بعد تدخل بعض العقلاء الذين طلبوا منه إكمال العمل الكبير الذي أنجزه مع المنتخب.
وكان من المفروض أن يبقى سعدان في مرسيليا لكنه فضل العودة إلى أرض الوطن مع رأس السنة الميلادية للتفكير طويلا في مستقبله، قبل أن يقرر العودة إلى مقر تربص الخضر بالجنوب الفرنسي تحت ضغط المسؤولية الملقاة على عاتقه. ويبدو من الواضح أن المنتخب الوطني الذي استطاع العودة إلى الواجهة الإفريقية والعالمية بتأهله إلى المونديال وكأس الأمم الإفريقية، قد أحرج بنجاحاته العديد من الجهات داخل وخارج الوطن وهو ما جعل المدرب سعدان وكتيبته يتعرضان لأنواع عديدة من الانتقادات خاصة لما اقترب الموعد الإفريقي. وكان الناخب الوطني قد عبر بطريقته الخاصة عما يتعرض له من ضغوط بعد نهاية مباراة الذهاب التي جمعت الخضر بالمنتخب السينغالي في الدور الثاني من التصفيات المؤهلة لكأسي العالم وإفريقيا، لكنه تراجع بعد أن منح ضمانات بعدم التعرض له مستقبلا.
تأثر كثيرا بالحملة الإعلاميةيكون سعدان قد تأثر كثيرا بالحملة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها مباشرة بعد التأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا.
وكانت بعض وسائل الإعلام قد انتقدت رابح سعدان في قضية اختياره لإجراء التدريبات في فرنسا تحت درجة حرارة منعدمة والمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا في أنغولا تحت درجة حرارة تفوق الثلاثين، إضافة إلى التطرق لأمور شخصية متعلقة أساسا بمستوى مساعديه.
يطالب بالحماية والدعموسيعقد رابح سعدان ليلة اليوم اجتماعا يرجح أن يكون مهما لمصيره في المنتخب الوطني. ويرتقب أن يطالب رابح سعدان بالحماية والدعم من طرف رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة الذي يملك بدوره القدرة على احتواء مشاكل سعدان وإقناعه بتأجيل أي قرارات في الظرف الراهن لأن 35 مليون جزائري ينتظرون بشغف تألق فريقهم في كأس العالم، خاصة أن الحاج روراوة جدد في سعدان الثقة وعبر له في أكثر من مناسبة عن وقوفه إلى جانبه من أجل إتمام العمل الكبير الذي أنجزه في ظرف وجيز جدا.
صراحته لم تعجب البعضويبدو أن البعض لا يتقبل الكلام الصريح لرابح سعدان خاصة وأنه كان قد صرح في الندوة الصحفية الأخيرة التي عقدها بملعب 5 جويلية أن عملا كبيرا ينتظر الخضر حتى يحسنوا أداءهم وأن الفريق منقوص من ناحية العمل الجماعي وأن الخضر قد يواجهون مشاكل حتى مع فريق مالاوي.
وكانت بعض الأطراف التي تهدف إلى زعزعة استقرار الخضر قد علقت على كلام سعدان هذا بالسلبية والانهزامية، وطالبته بتغيير الكيفية التي يتحدث بها إلى الصحافة وهو ما رفضه و قرر مواصلة التحدث بصراحة فائقة لم تعجب البعض.
وكان سعدان قد أكد قبل انطلاقة التصفيات المؤهلة لكأسي العالم وإفريقيا بأن الهدف هو التأهل لكأس إفريقيا لكن الأمور تغيرت لما تحقق الحلم بالوصول إلى كأس العالم. ومن تحقيق حلم الملايين من الجزائريين، بالرغم من ذلك، فإن الأخبار التي بحوزتنا تؤكد بأن سعدان وإن قبل التنقل للإشراف على الخضر في أنغولا فإنه سيضطر لمراجعة أموره مع الاتحادية بعد العودة من الكان.
تذكر سيناريو 82 و86وحسب محيط المدرب الوطني فإنه تذكر في الآونة الأخيرة ما حدث له قبل مونديال 1982 حين أبعد في آخر لحظة، كما تذكر ما حدث له سنة 1986 حينما دُفع للاستقالة لكنه فضل إكمال مهامه تحت الضغط.
مدربون آخرون كانوا أسوأ منه ولم يتعرضوا للحملةالغريب في الحملة التي تشن ضد الفريق الوطني ورابح سعدان أنها حملة مغرضة يراد منها ضرب وحدة الفريق الوطني وزعزعته أياما قليلة قبل السفر إلى أنغولا والمشاركة في نهائيات كأس الأمم الإفريقية. وفي غياب الأدلة، ذهب البعض ليتحدث عن البرودة التي تجرى فيها التحضيرات بفرنسا، في حين أن المنتخب الانغولي يحضر في البرتغال في أجواء أكثر برودة ولم يتحدث عن هذا الأمر أي صحفي أنغولي أو حتى جزائري.
أما فيما يتعلق بقضية تسريح اللاعبين في منتصف التربص فالجميع يعلم أن مدرب المنتخب الايفواري وحيد حاليلوفيتش منح بدوره يومين راحة لعناصره من أجل الاحتفال بأعياد السنة الميلادية دون أن يتعرض لأي حملة.
وأكثر من ذلك فإن مدربين تداولوا قبله على تدريب المنتخب الوطني في الآونة الأخيرة ولم يحققوا أي نتائج ايجابية إلا أنهم لم يتعرضوا لأي حملة، فمثلا كفالي أو واسيج أو ليكانس أدخلوا الكرة الجزائرية في نفق مظلم لكنهم خرجوا دون التعرض لأي حملة ولم يتحملوا حتى المسؤولية.
ويبدو من الواضح أن الحملة التي يتعرض لها سعدان تحركها أياد خارجية وأخرى داخلية، ويدور الحديث عن تورط بعض اللاعبين فيها، حيث قالت بعض المعلومات إن بعض اللاعبين يقومون بأدوار سلبية ويقومون بتعميق الفتنة في الفريق الوطني من خلال "القيل والقال" والتحريض والحديث عن المنتخب خارج الاطر الرسمية، وهو ما قد يؤثر سلبا على لحمة وانسجام الفريق، إلا أن تدخل روراوة دائما يأتي في الوقت المناسب، فالرجل قادر على احتواء أي مشكلة خاصة عندما يتعلق الامر بمصير الالوان الوطنية.
روراوة قادر على تذليل الصعوبات واحتواء المشاكلينتظر أن يعمل رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة أقدم محمد روراوة بحنكته المعهودة من أجل تذليل هذه الصعوبات والقضاء على الاوهام التي تدور في ذهن بعض اللاعبين وحتى سعدان، وهو قادر على إقناع رابح سعدان بالبقاء على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني وتقديم أداء مشرف في الكان، ومواصلة المسيرة الحسنة التي قام بها في التصفيات المؤهلة لكأسي العالم وإفريقيا.
*
وينتظر أن يقدم روراوة كل التطمينات لمدربه لحمايته مستقبلا من الحملات التي تشن ضده سيما من بعض وسائل الإعلام والتي من المنتظر أن تزداد ضراوة في الأيام القليلة القادمة.
التوقيت غير مناسبواضح أن أحدا لن يتقبل وجود مشاكل من هذا النوع في المنتخب أياما قبل الكان، ولن يتقبل الشعب الجزائري استقالة المدرب رابح سعدان الذي أعاد الفرحة إلى قلوبهم بعد أن غابت لقرابة 20 سنة أي منذ التتويج بكأس إفريقيا 1990 . ويحظى سعدان في الآونة الأخيرة بدعم جماهير الكرة والشعب الجزائري كله.
وأصبح رابح سعدان بعد التأهل للمونديال بطلا قوميا يصعب التخلي عنه خاصة وأن الكرة الجزائرية مرت بسنوات عجاف إلى غاية عودته.
الشروق: 2010/01/04.