19 حالة خلال الثلاثي الأخير من سنة 2009فتيات يبتلعن دبابيس أثناء ارتدائهن الخمارقد يبدو غريبا أن نتحدث عن فتيات في عمر الزهور خضعن لفتح الصدر بعمليات جراحية دقيقة، من أجل نزع دبوس ''إبرة خمار'' ابتلعنه سهوا أثناء ارتدائهن خمارهن، لكنه واقع عاشته عديد الفتيات عندنا ومن مختلف أنحاء الوطن، حيث أحصت مصلحة الأمراض الصدرية لمستشفى مصطفى باشا الجامعي وحدها، خلال الثلاثي الأخير من العام الماضي، 19 عملية دقيقة لنزع تلك الدبابيس، ناهيك عن عديد العمليات المشابهة التي يوجّه أصحابها لمصلحة الأنف والحنجرة.
التقينا، أثناء قيامنا بإحدى المهمات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي وبالذات بمصلحة الأمراض الصدرية، بفتاتين من الجزائر العاصمة، تواجدهما بالقسم ذاته لم يكن بسبب مرض صدري أو غيره بل للخضوع لما يسمى بعملية إدخال الأنبوب الهضمي عبر البلعوم ''فيبروسكوبي''، وهو جهاز مزود بمرآة عاكسة لباطن الشخص، خضعت له الفتاتان بهدف نزع الدبوسين اللذين ابتلعاهما واللذين غرزا وسط قصبات الجهاز الصدري.
وغالبا ما تقوم الفتيات بوضع الدبابيس في الفم أثناء ارتداء الخمار، وعند حديثهن أو سهوهن، تقمن بابتلاع الدبوس.
الفتاة الأولى التي وقفنا على صراخها ورفضها الخضوع ثانية لتلك العملية الدقيقة قدمت من بلدية القبة وكانت صحبة عدد من أفراد عائلتها، كانت تردد أنها تفضل أن تجرى لها عملية جراحية عوض معاودة كرة الخضوع لمعاناتها مع ذلك الأنبوب رغم ضغط عائلتها عليها. وفي المقابل كانت الفتاة الثانية التي جلست بالقرب منا في غرفة الانتظار تنتظر دورها غاية في الهدوء، ولم نكن نعلم مشكلتها إلا بعد دخولها قاعة الفحص وقلق والديها عليها خاصة أمها التي أجهشت بالبكاء رغم محاولة التحكم في نفسها، لتسر إلينا أن ما أثر فيها هو ما تعرضت له ابنتها من معاناة في مستشفى باينام الذي قصدوه أولا لنزع الدبوس، لكن محاولات الأطباء باءت بالفشل بل توغل الدبوس أكثر نحو الداخل.
غير تلك الفتاتين اللتين علمنا من بعد أن الفريق الطبي توصل لنزع الدبوسين من داخلهما، كثيرات يقصدن مصلحة الأمراض الصدرية لمستشفى مصطفى باشا الجامعي من كل أنحاء القطر الجزائري، حيث تتولى مصالح الطب الداخلي أو أقسام الأمراض الصدرية إرسالهن لمصلحة مصطفى باشا بالجزائر العاصمة كونها الوحيدة على مستوى الوطن صاحبة التجربة في مجال نزع الدبابيس ومختلف الأجسام الغريبة التي يبتلعها الشخص وتستقر وسط قفصه الصدري.
نزع 19 دبوسا خلال ثلاثة أشهر والرقم مرشح للارتفاع
وجهتنا الوحيدة للحصول على مزيد من المعلومات حول الموضوع، كانت قسم الأمراض الصدرية بمستشفى مصطفى باشا الذي يتولى تلك العمليات، وعنها أكد لنا البروفيسور نافتي سليم، رئيس القسم ذاته، أن مثل تلك الحوادث سارية وسط الفتيات المحجبات بالجزائر، حيث تستقبل المصلحة العشرات ووصل العدد إلى 19 حالة خلال الثلاثي الأخير من سنة 2009، مضيفا أن العدد كثيرا ما يتراوح بين 4 إلى 5 حالات يوميا.
وعن خطورة هذا، أضاف محدثنا أنها تكمن في صعوبة نزع الدبوس وتلك عملية دقيقة يتولاها فريق طبي بالمصلحة ذاتها، وهنا سجلنا تدخل مساعد طبي بالمصلحة ذاتها، أكد لنا أن البروفيسور نافتي وحده من يشرف حاليا على تلك العمليات، ليؤكد لنا البروفيسور ذاته أنه يسعى منذ فترة لتكوين فريق طبي متخصص في ذلك ليضمن استمرارية العمل، خاصة أن القسم يعتبر الوحيد على مستوى الوطن، وهو ما اطلعنا عليه من خلال ملفات الفتيات التي اطلعنا عليها والقادمة من كل مناطق الوطن بجاية، باتنة، الجلفة، جيجل، وهران، فالمة والبليدة.
أما عن الطريقة المتبعة فتتمثل في إجراء صور إشعاعية تبين موقع الدبوس الذي يظهر بوضوح كونه مادة حديدية، ومن ثم مباشرة العملية بإدخال الأنبوب الهضمي المزود بمرآة عاكسة عبر البلعوم ''فيبروسكوبي'' مصحوبا بخيط حديدي موصول برأس حديدية ماسكة يتولى الطبيب تحريكها بمتابعة العملية عبر المنظار، ليجذب الدبوس بمجرد وصول الأنبوب إلى المكان، ليضيف أنه كلما توغل الدبوس نحو القصيبات الهوائية الدقيقة كلما باتت العملية أكثر صعوبة، وقد تستحيل ليبقى الحل الوحيد هو إجراء عملية جراحة على الصدر في بعض الأحيان مما يشوه صدور فتيات في عز الزهور.