سليمان بخليلي
أمام الكلام الذي يروج في الأوساط الإعلامية
وعبر مواقع الأنترنت عن تخطيط مسبق مبني على الجهوية والمحسوبية لفرض
تتويج أحد المتسابقين في برنامج فرسان القرآن بالمرتبة الأولى .
وحيث
أن جميع المسابقات عبر مختلف أنحاء العالم تمنع إعادة مشاركة من سبق وأن
وقفوا على منصة التتويج في أية منافسة، خصوصا وأن المرشح المعني حاز على
مبلغ 100 مليون سنتيم سلمها له المدير العام الحالي للتلفزيون، وبالتالي
فلم يكن من حقه أبداً إعادة المشاركة في هذه الطبعة، إلا للاعتبارات التي
تروج هنا وهناك باتخاذ المتسابقين الثلاثة الذين أعادوا المشاركة معه ــ
ثم تم إقصاؤهم لاحقا ــ مجرد مطية لتتويجه، خصوصا وأن هذا المتسابق شارك
تحت لجنة التحكيم التي يرأسها رئيسها الحالي، حيث لا مجال للتشكيك في
نزاهة نتائج الطبعتين السابقتين اللتين شدتا أنظار المشاهدين في
الجزائر وخارجها .
وأمام
انحراف البرنامج عن مساره الصحيح القويم من خلال مظاهر الانحلال والميوعة
التي يظهر بها متسابقو فرسان القرآن على الشاشة وعلى الأسرة في الفندق
بنفس مظهر متنافسي ستار أكاديمي وألحان وشباب، والمشوبة بالاختلاط في صفوف
الصلاة، وبالسلوكات المخلة بآداب القرآن الكريم .
أتشرف بإفادة قرائكم يما يلي :
* أولا:
انتزاع برنامج فرسان القرآن مني يعود لأسباب شخصية محضة لا علاقة لها
بالمهنة أبدا، وقد أوقع المدير العام للتلفزيون بيني وبين مدير قناة
القرآن بما جعله ينضم من خلال إدارة قناته إلى حملة اختطاف البرنامج، بل
إنه راح أبعد من ذلك، بتسمية موقع قناة القرآن الكريم باسم: فرسان القرآن،
في الوقت الذي تحمل كل القنوات والفضائية تسميات لمواقعها الإلكترونية
تتضمن تسميتها القانونية، وذلك ظنا من القائمين عليها أنهم بهذا يحطمونني
معنويا، أو يكرسون أحقيتهم في ملكية البرنامج.
* ثانيا:
عندما استدعاني المدير العام الحالي للتلفزيون لمكتبه وأخبرني باستغنائه
عن خدماتي في البرنامج ونيته الشروع في إنتاجه من طرف قناة القرآن طلبتُ
منه تبرير موقـفه، فأخـبرني بالحرف الواحد ــ وأنا هنا أنقل لكم كلامه ــ
بأن: "السلطات العليا للبلاد هي التي قررت ذلك، وأن قرارها أعلى من
قرار الديوان الوطني لحقوق التأليف وأقوى من شهادة الشعب
الجزائري كله في أحقيتي في الملكية الفكرية للبرنامج " .
ورغم
أنه لم يحدد طبيعة "السلطات العليا" التي تحدثَ عنها، إلا أن سعادتي بأن
أكون محل اهتمام من "سلطات بلادي العليا" جعلني أقر له شفويا ووديا
بالتنازل، شريطة عدم الخوض في قضية الملكية الفكرية باعتبار أنه لن
يَخلـُد في منصبه على رأس إدارة التلفزيون، وبالتالي فعندما يغادر المنصب
أسترجع ملكيتي الفكرية للبرنامج، غير أنه لما قام بالإخلال بهذا البند
بتصريحه لجريدتكم الغراء الشروق غداة الإعلان عن انطلاق التصفيات في 16
أفريل الماضي أن البرنامج ملك للتلفزيون الجزائري، اضطررتُ للرد عنه
بالطريقة التي تابعها القراء على صفحات الجريدة .
ويجب
أن يعلم السادة القراء الآن ــ كما سبق وأن وعدتهم في ردي السابق على مدير
التلفزيون ــ بأن هذا الأخير قام بالتمهيد لسيناريو انتزاع البرنامج مني
باستغلال فقرة تسليم راية الدفعة السابقة للبرنامج للدفعة اللاحقة ــ
والتي قمتُ بتصميمها بالطريقة التي تتم بها في المدارس العسكرية حرصا على
تقوية اللحمة بين الشباب ووطنهم ــ وقام باستغلالها بالطريقة التي تصـور
خطورتي على ما يبث في البرنامج من النواحي الأمنية والسياسية، وبالأخص
عندما استلم متسابق الدفعة راية البرنامج، وهي عبارة عن مصحف، مصحوبة
بتعليق: "هذه راية دفعتكم، فاحفظوا الأمانة وصونوا الوديعة، ودافعوا عنها
حتى آخر قطرة من دمائكم"، وقد أشرتُ حينها ــ حتى لا يفهم كلامي خطأ في
الجزء المتعلق بعبارة آخر قطرة من دمائكم ــ إلى أن متسابقي البرنامج
سيرددون بدلاً من هذا التقليد الشهير المعمول به في المدارس العسكرية
جنريك البرنامج الذي يقول : " هذا كتاب الله، فاستمسكوا بهداه،
فرسانه أنتم، والحاملون لِـواه ".
وبـطبيعة
الحال فإن تقريراً مزيفاً متحاملاً عن هذه الفقرة بالذات ــ والتي قمتُ
لاحقاً بقصها ولم تبث في البرايم الرابع ــ سـيقـنع أبسط مسؤول في الدولة،
وهو ما حصل فعلاً، بـنفض يـده من الوقوف معي في أحقيتي في الملكية الفكرية
للبرنامج، رغم اقتناعه بالظلم والإجحاف الذي تعرضت له، والذي حـرف
البرنامج عن مساره في الأخير عندما وقع بين يدي فريق ألحان
وشباب لتنفيذه بالطريقة التي تظهر شباب القرآن وهم يؤمون الشابات
في مكان واحد .
* ثالثا:
يصرح مدير إدارة قناة القرآن لجريدتكم أن برنامج فرسان القرآن ملك
للجزائريين، وهذا وسام شرف أوشح به جبيني، فأنا لم أعتبر نفسي يوما
مـِلـْكاً لنفسي، بل أعتبر دائما أنني وما يختلج به صدري ملكٌ للجزائريين
جميعا، وملكُ لهذه الأمة التي لن أتوانى أن أقدم لها أغلى ما حباني
الله به ... غير أن الملكية الفكرية الشخصية لأي عمل فني أو
أدبي هي ملكية فردية تقرها شرائع السماء وتحميها قوانين الأرض،
ولا مجال بشأنها للعب بالكلمات أو التلاعب بالعواطف .
*
رابعا: كان أولى بمدير التلفزيون ــ وهو يعود بالمؤسسة إلى ممارسات المنهج
الاشتراكي البائد ــ أن يبدأ باسترجاع برنامج ألحان وشباب الذي تعود
ملكيته فعلا لمؤسسة التلفزيون باعتبار أنه أنتج في السبعينيات في الفترة
التي كانت الجزائر تنتهج فيها النهج الاشتراكي، لا أن يمد يده لما يملكه
غيره، وأنا هنا أتحدى أيًّا كان أن يـقنع أبسط مشاهد جزائري بملكية
التلفزيون لبرنامج فرسان الفرسان، وهو المؤسسة التي لم تعد الآن تملك إلا
الرداءة ولا تنتج سوى الفشل اليومي، بحيث صارت تتخبط خبط عشواء بين
الكاميرات المخفية التي تشتم بها الجزائريين وتستخف بعقولهم، حيث لم يسبق
لأي قناة تلفزيون في العالم أن جعلت من فواصل الكاميرا الخفية برنامجا
رئيسيا، وبين البرامج التي تبث حلقات منها ثم تقوم بإيقافها، وبين التخبط
بشبكة برامجية يخطط لها يوما بيوم، بدلا من التخطيط المسبق الذي تضبطه
القنوات المحترمة قبل شهر من موعد البث .
وبعكس
انتزاع برنامج فرسان القرآن مني بالقوة، قام المدير العام للتلفزيون بدلا
من ذلك بتوقيع عقد إنتاج برنامج ألحان وشباب للشركة الخاصة التي ستنتجه
بعد رمضان دون أن يطالبها باسترجاع الملكية الفكرية كما طالبني، وهو سلوك
يجسد سياسة الكيل للضعيف بمكيال الاسترجاع والتأميم، والكيل للقوي
بمكيال 15 مليار سنتيم !
* وأخيراً: لقد
كانت نيتي منذ أن تفجر الخلاف بيني وبين مديـرالتلفزيون بشأن البرنامج، أن
لا أجعل من كلام الله عز وجل محل نزاع قضائي بين البشر، وقـد حرصتُ على أن
لا أحرم شباب بلدي من التنافس على كلام الله بعد شروع التلفزيون في إنتاجه.
غير
أنه أمام انتهاء الطبعة الحالية، وأمام تحريف هذا البرنامج القيم عن
مساره، أعلن عن قراري اللجوء إلى العدالة الجزائرية لاسترجاع ملكيتي
الفكرية للبرنامج، واستعادة ملكيتي بالخصوص لعنوان "فرسان القرآن" الذي لم
يخطر في بال أي من مسؤولي التلفزيون منذ 1962 م إلى يوم إيداعي لملف
إنتاجه عام 2008 م، رغم قناعتي وقناعة كل المشاهدين أنهم وهم ينتجونه ــ
مُحـرفا بالشكل الذي آل إليه ــ مازالوا يقتاتون على الفتات الذي تركته
على المائدة بعد إنهائـي للطبعتين السابقتين سواء في جانب المتنافسين
الذين مروا عندي في السابق أو في جانب إشراك الصوت النسوي الذي بدأته في
الطبعة الأولى، أو في جانب التصميم الأصلي الذي لم يقوموا إلا بتحريفه عن
مواضعـه، وهي كلها مبررات تدفعني اليوم لاسترجاع هذا البرنامج بقوة
القانـون، بعيدا عن الدعاية الرديئة ذات الدوافـع الماركسية الشيوعية التي
تعتبر بائـع أشرطة القرآن الكريم مثلاً تاجر دين، أو تعتبر من يتقاضوا
أجوراً عن إنتاج برامج في القرآن والحديث لقنوات التلفزيون مجرد بزناسيـة،
لأن أصحاب هذه الدعاية لا يؤمنون بالله الذي أحـل البيـع وحرم الربـا
والرشـاوى!
عن جريدة الشروق