مظاهرات 17 أكتوبر 1961
كان خروج المهاجرين الجزائريين في السابع عشر(17) من شهر أكتوبر 1961 إلى شوارع المدن الفرنسية الكبرى في مظاهرات سلمية يطلبون من خلالها رفع حظر التجول وفك قيود الرقابة البوليسية على تحركاتهم العادية، لكن ذعر السلطات الإستعمارية من تحركات الجزائريين في أرض الوطن وتصاعد الكفاح المسلح جعل قوات الشرطة تقابل المتظاهرين بالغازات المسيلة للدموع والعصي وطلقات الرصاص في جو يسوده العنف المسلح حيث كان ساسة فرنسا أناذاك يعيشون هاجس عمليات شهر أوت 1958 التي أخذ فيها العدو ضربات موجعة. ويحتفل الشعب الجزائري بهذه الذكرى الخالدة التي سقط فيها الكثير من الشهداء والمعتقلين وما لقوه من بشاعة وقمع البوليس الإستعماري في بلد تزعم الريادة في حقوق الإنسان وشعاره “الأخوة” و “المساواة” و “العدل”. ومن الأسباب التي أدت إلى قيام المظاهرات
السبب الرئيس لحدوث المظاهرات هو النشاطات العسكرية (الفدائية) التي قام بها مناضلو جبهة التحرير الوطني بفرنسا بتاريخ 25 أوت 1958 في معظم المدن الفرنسية الكبرى وهذا العمل الثوري الذي ضرب العدو في عقر داره صعّد من القمع الوحشي للشرطة الفرنسية ضد المهاجرين الجزائريين بصفة عامة
وكذلك من أسبابها تكسير النظام الجبهوي (التعبوي) داخل فرنسا الذي كان يغذي الكفاح المسلح داخل الجزائر ويدعم ميزانية الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية لذلك كانت السياسة الفرنسية (الباريسية) تضرب حصارا مشددا على المهاجرين الجزائريين العاملين بفرنسا بفرضها اليومي لنظام حظر التجول (couvre feu)، يمتد من الساعة الثامنة (08) مساء إلى صبيحة اليوم الموالي ويستهدف ذلك عرقلة نشاط المناضلين في اتحادية جبهة التحرير الوطني الذين كانوا يعقدون الإجتماعات من أجل جمع الإشتراكات
تنظيم المظاهرات
لم تبق القاعدة النضالية لاتحادية جبهة التحرير بفرنسا مكتوفة الأيدي اتجاه حظر التجول المفروض وهذا ما تضمنته التقارير التي كانت تشكو من مخاطر هذا الحظر وأثره على سير النشاط النضالي للمهاجرين فقامت بتنظيم مسيرة بقلب المدن الفرنسية قبيل أسبوعين من ذلك، والهدف الرئيسي هو تكسير قانون حظر التجـــــــول وتقرر: تاريخ 17 أكتوبر 1961 لإنطلاق المظاهرات المبرمجة بثلاثة (03) أيام متتالية حيث خصص
اليوم الأول خروج الجزائريين والجزائريات عبر كامل أرجاء فرنسا وخصوصا بعمالة باريس
اليوم الثاني تضمن على الخصوص خروج النساء الجزائريات رفقة أطفالهن، في الشوارع للمطالبة بإلغاء حظر التجول والإفراج عن المعتقلين الجزائريين الذين ألقي عليهم القبض في اليوم الأول
إنطلاق المظاهرات
بعد خروج العمّال من مقرات العمل أي في حدود الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي (الباريسي) أختيرت ساحة الأوبيرا OPERA كموقع للتجمع باعتبارها من الأماكن الإستراتيجية (قلب باريس النابض بالحركة ليلا ونهارا)، وهنا غلّقت الشرطة الفرنسية كل المنافذ التي تصل إلى ساحةالأوبيرا وخاصة منافذ الميترو والحافلات وهذا للحد من وصول المتظاهرين إلى عين المكان، فصطدمت الجموع الغفيرة للمتظاهرين بقوات القمع الوحشي (C.R.S) وعند ساعات متأخرة من مساء 17 أكتوبر صعّدت الشرطة من وتيرة العنف والبطش لتفريق المتظاهرين مستخدمة كل الوسائل منها العصيوالقنابل المسيلة للدموع، فسقط خلالها العديد من القتلى والجرحى
حصيلة نهاية التظاهرات
صرحت السلطات الفرنسية أنذاك من أجل تغطية وحشيتها بسقوط مئتا (200) ضحية في حين أن ضخامة المظاهرات في الواقع تفوق الخمس مئة (500) شهيد ومفقود، بالإضافة إلى عمليات الإغتيال التي لا تحصى وكان المهاجرون الجزائريون عرضة لها في كل مكان تطأه قدم شرطي فرنسي عقب يوم 17 أكتوبر فقد بلغت بهم الحماقة إلى رمي المهاجرين الجزائريين أحياء في نهر السين، وحسب مصادر فرنسية رسمية امتدت حصيلة الإعتقالات إلى 7500 شخص شملت شرائح مختلفة وواسعة من المهاجرين
أثار تظاهرات 17 أكتوبر 1961 على الثورة الجزائرية
إن لهذه التظاهرات صدى كبير في تعزيز مطالب جبهة التحرير بالإستقلال وقد ساند هذه التظاهرات إضراب عشرين (20) يوما عن الطعام من طرف السجناء بمختلف سجون فرنسا والذي خطط له قبل حدوث مظاهرات 17 أكتوبر 1961 وقد بلغ الحدث المعنوي مفعوله الناجح إلى الأمم المتحدة حيث تقرر بعد ذلك تمكين المساجين من كافة الحقوق السياسية في الوقت الذي جرت فيه سلسلة من التحويلات الداخلية بين سجن وأخر
المتميز