الخيانة اللغوية
*
لم تعد الخيانة في حياتنا من الوقائع والحوادث المفاجئة او الغريبة في مجــتمع اعتاد على التضحية في سبيل الذات
لكن الغريب أن تطال القضية لغتنا المتـداولة الفصحى منها وحتى العامية ... فما سبـــب هذه الظاهرة وإلى اي حـــد
ساهمـنا في صناعتها ؟!
أفتح الجريدة كما افتح الكتاب وحتى مواقع الانترنيت وابواب القاعات والمحاضرات ومختلف الندوات والخطابات فلا
أجد إلا بضع حملة سكاكين يمضون قدما في ذبح لغتهم .. بل ويتفننون في ذلك فالبعض منهم يجيد استعمال اللغة في
النحو والصرف لكنه يدفنها دلاليا ليؤكد صحة أن الألفاظ قبور للمعاني ، في حين نجد اخرين ينتهكونها نحويا ودلاليا
فخانوا اللغة فخانتهم !
وبين كل هذه الأصوات والإنتهاكات لم يشغل بالي سوى قلم المثـقف الذي لم يفلح وبشدة دلاليا ولا حتى نحـــويا فـي
إيصال المعنى في قالبه الصحيح ولا اللغة في قاعدتها المستقيمة ، حتى و إن غض الواحد منا البصـــر عن الجانــب
النحوي سنجد مختلف التقلبات و" التكركبات" في كتاباتهم ..فلم يكونوا كشكسبير المعروف بأخطائه الإملائية وقوته
الدلالية الفكرية ولا حتى كالعقاد او طه حسين في البراعة اللغوية واتقان فنون الصرف والنحو رغم غموض المعنـى
ربما هي المعمعة اللغوية التي يعيشها الفرد المغاربي مـن تداخــل كبير بين الفصحى والعامية يقابلها تشـــابك غـــير
عقلاني فــي طرح الأفكار سبباً في فساد وتفشي الخيانة اللغوية أو هي اصلا إهمال المثقـف الراقي ونظيره الهابـــط
لقضايا اللغة العربية على الصعيد السياسي والإعلامي على حد السواء !
وفي كل الحالات الواردة والمحتملة يبقى واجب الإهتمام باللغة من حيـــث هي نسق دلالي وصرفي أمـر يغفـــل عــنه
الكثــيرون في عالمنا الثقافي الهش ، والكل الخوف فقط أن لا يدركوا ذلك إلا وهم يستيقظون على صـــوت مذيـــعة او
خطبة إمام يكسر كل منهما تلك الأساسات اللغوية التي قرر تدوينها اشباه سبويه او الزمخشري في حقبة مضت وولت
ورغم يقيني بحدوث الأمر مسبقاً إلا انني اتفاءل خيرا عسى ولعل اجده في قادم الكتابات من مختلف الأسطر والحكايات ..
دمتم بود