فازت هذه القصيدة بالجائزة الأولى عربيا لمسابقة ديوان
الشهيد محمد الدرة لمؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري
لعام 2001م
بقلم : الشاعر زبير دردوخ
عانقت جرحك كي تظل الأطهرا
ولكي تجل على الزمان وتكبرا!!
الجرح أجدر بالعناق .. لأنه
نور .. توضأ بالدما وتعطرا!!
يادرة الشهداء .. كيف يضمه
صدر الزمان ؟! وكيف يحويه الثرى؟!
***
لك أن ترد الغاصبين .. وجحفلا
للحاكمين .. وجحفلا مستكبرا !!
بحجارة قدسيـــــة وضــــــــــاءة
رشقت على وجه الزمان المنكرا !!
طفل .. يدافع بالحجارة عالما
لما رأى الأقصى يباع ويشترى!!
طفل .. يرى مالا يراه الحاكمون
وهل رأوا إلا سرابا أخضرا؟!
طفل .. يرتق أمة مثقوبة
بدمائه .. مستبشرا ومبشرا!!
طفل .. يشد على الثرى بدمائه
كي لا يبيع الحاكمون المشعَرا!!
شاء القضاء بأن يكون سفينة
نحو ..الخلود فكنت أنت المبحرا!!
وأسفت لما كان عمرك واحدا
لو كان أكثر لاستبحت الأكثرا!!
بك قد بخلت على الممات وإنها
لفخورة لوشئتها أن تفخرا!!
أحييت يابسة الخلود بقطرة
ولمست أهداب الظلام فأبصرا!!
يا واهب الروح الزكية لا أرى
إلاك حيا بالممات .. فمن يرى..
غير الذي اغتسل الثرى بدمائه
يا طيب ما اغتسلت به روح الثرى!!
بعت الحياة لمن أرادك غانما
وابتعت من نعماه مالا يشترى!!
إلا بمن جعل الشهادة دربه
وطوى إلى فجر الخلود الأعصرا!!
علمتنا أن الشهادة معبر
ومددت روحك جسرها كي نعبرا!!
نحو الخلود معانقا أسراره
فرأيت من أسراره ما لانرى!!
ودنوت من قدسية الأنوار إذ
لامستها أطلعت فجرا أخضرا!!
يا درة الأقصى وطهر صلاته
لله !! كيف تخذت منه منبرا؟!
وخطبت في حج الوداع بخطبة
عصماء .. رتلها الزمان وفسرا!!
أطلعت شمس اليائسين بشهقة
فمسحت عن أرواحهم ليل الكرى!!
وكتبت في دنيا الشهادة سفرها
ورسمت للمستسلمين المعبرا!!
بك تهتف الأيام .. لو منيتها
أمل اللقاء .. مشت إليك القهقرا!!
كيما تعانق فيك معنى خلدها
وتضم فجرك طاهرا ومطهرا!!
يا وارثي حلم الشهيد وعهده
ومناه ما آب الزمان وأدبرا!!
عهد بأعناق الشعوب معلق
إن يحفظوه غدا بهم فوق الذرى!!
فبه استنار الراشدون لرشدهم
وبنكثه ركن الخؤون إلى الثرى!!
أنتم حماة الحلم أنتم ذخره
فاستمسكوا به قبل أن يتبخرا!!
ياليت أمّتنا التي شهداؤها
لو حاسبوها حرموا عنها الكرى!!
ياليتها رعت الذمام .. وحسبنا
من نكثه أنا إذا شر الورى!!
يا أمَّ دُرَّةَ والزمان مهوَّدٌ
لولاه درةُ كيف ينتفض الثرى!!
لا تحزني يا أمّه .. فلقد جرى
دمه زكيًّا كي نعزَّ ونكبرا