أينشتاين، ألبرت (1879-1955م). أحد أهم العلماء على مدى العصور. ذاع صيته بسبب نظريته التي تسمى النسبية، التي قدّمها أول مرة عندما كان عمره 26 عامًا.
النسبية أحدثت نظرية أينشتاين تطورًا في الفكر العلمي، إذ أتت بمفاهيم جديدة عن الزمن والفضاء والكتلة والحركة والجاذبية. وقد تناول فيها المادة والطاقة على أنهما متماثلان وليس على أنهما منفصلان تمامًا. وقاد مفهومه إلى فكرة انطلاق الطاقة من الذرة.
وهكذا كان أينشتاين واحدًا من آباء العصر النووي. وأصبحت معادلته الشهيرة: ط = ك ث² [الطاقة، ط = حاصل ضرب الكتلة (ك) × مربع سرعة الضوء، (ث)]. حجر الأساس في تطوير الطاقة النووية. وقد توصل أينشتاين إلى نظريته من خلال فكر فلسفي عميق، وتفكير رياضي معقد. انظر: النسبية.
أبحاث في الأسلحة النووية. قام أينشتاين في 2 أغسطس 1939م بكتابة خطاب إلى الرئيس فرانكلين روزفلت، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، موضحًا بأنه في الإمكان صنع قنبلة نووية. وحث أينشتاين روزفلت على تقديم عون حكومي لدراسة موضوع تحرير الطاقة النووية. كما حذَّر أينشتاين الرئيس من أن الألمان النازيين قد يكونون في طريقهم بالفعل إلى إنتاج قنبلة نووية. وساعد خطابه هذا على وضع الولايات المتحدة على الطريق الطويل الصعب المُكَلِّف، الذي قاد في النهاية إلى إنتاج قنبلة نووية في عام 1945م. انظر: السلاح النووي.
سنواته الأولى . وُلد أينشتاين في 14 مارس 1879م في أُلْم في فارتمبرغ بألمانيا - ابناً لهيرمان وبولينا كُوخْ أينشتاين. وعندما بلغ أينشتاين الخامسة من عمره أراه والده بوصلة جيب. وقد تأثر الطفل بشدة بالأداء الغامض لإبرة البوصلة، التي استمرت تشير دائمًا إلى إتجاه واحد مهما كان إتجاه إدارة البوصلة، وقال بعد أن رأى ذلك إنه شعر بوجود قوة خفية خلف كل شىء.
بعد ذهابه إلى المدرسة في ميونيخ في آرو بسويسرا، درس أينشتاين الرياضيات والفيزياء في معهد زيوريخ متعدد التقنيات، وتخرّج فيه عام 1900م. عمل أينشتاين من عام 1902م إلى عام 1909م فاحصًا بمكتب الاختراعات السويسري في بيرن. وقد سمحت له وظيفته بالكثير من وقت الفراغ الذي أمضاه في الأبحاث العلمية. حصل أينشتاين على الجنسية السويسرية عام 1905م.
أبحاثه المنشورة عام 1905م. نجح أينشتاين خلال هذا الوقت في إنجاز ثلاث من أعظم إضافاته إلى المعرفة العلمية. وقد كان عام 1905م علامة بارزة في تاريخ العلوم الفيزيائية، حيث قَدَّم فيه أينشتاين ثلاثة مقالات إلى مجلة أناليه ديرفيزيك، وهي مجلة علمية دورية ألمانية، وأصبحت كل مقالة منها أساسًا لفرع جديد من فروع الفيزياء.
اقترح أينشتاين في إحدى مقالاته اعتبار الضوء تيارًا من الجسيمات الدقيقة، وتُكَوِّن هذه الفكرة جزءًا مهمًا من أجزاء نظرية الكم. انظر: ميكانيكا الكم. وفي عام 1900م، اقترح العالم الفيزيائي الألماني ماكس بلانك أن إشعاع الضوء ما هو إلا حزَم من الطاقة تُسمى الكمات. وقد طوّر أينشتاين في مقالته هذه الفكرة مؤكدًا أن الضوء يتكون من كمّات، سُميِّت فيما بعد فوتونات.
اكتشف العلماء قبل أينشتاين أن اصطدام شعاع برّاق من الضوء بسطح فلز ينتج عنه تحرير إلكترونات، قد تُكَوِّن تيارًا كهربائيًا، وأطلقوا على هذه الظاهرة التأثير الكهروضوئي. ولكن العلماء أخفقوا في تفسيرها بسبب افتراضهم أن الضوء ينتقل على هيئة موجات. وقد استطاع أينشتاين باستخدام نظريته الكميّة أن يُفسر ظاهرة التأثير الكهروضوئي، حيث بين أن اصطدام كمّات من الطاقة الضوئية بذرات فلز يجبر الذرات على تحرير الإلكترونات.
وفي مقالته الثانية، المعنونة كهروديناميكا الأجسام المتحركة، قدَّم أينشتاين النظرية الخاصة للنسبية. وبيّن في مقالته كيف تشرح هذه النظرية نسبية الزمن، وهي فكرة لم يتخيلها أحد قبل ذلك. وقد ذاع صيت أينشتاين بسبب هذه النظرية. ففي عام 1944م ساهمت نسخة مكتوبة باليد من مقالة أينشتاين المشهورة عن الكهروديناميكا في الحصول على تعهد باستثمار 6,5 مليون دولار أمريكي في سندات الحرب، في مزاد بمدينة كانساس بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد أُرسلت هذه المقالة بعد ذلك إلى مكتبة الكُونجرس في مدينة واشنطن دي سي. وفي دراسة نُشِرت في عام 1905م، بيّن أينشتاين تعادلية الكتلة والطاقة معبرًا عنها بالمعادلة الشهيرة ط = ك ث2.
تناولت الورقة الرئيسية الثالثة لسنة 1905م الحركة البراونية، وهي حركة غير منتظمة لجسيمات مجهرية معلقة في سائل أو غاز. وقد عزَّزت النظرية الذرية للمادة.
حقق أينشتاين كل هذا قبل أن يحصل على منصب أكاديمي. ولكنه أصبح في عام 1909م أستاذًا للفيزياء النظرية في جامعة زيوريخ بسويسرا، وشغل في عامي 1911 و 1912م المنصب نفسه في جامعة براغ بألمانيا الغربية، وعاد في عام 1912م إلى منصب مماثل في المعهد الاتحادي للتقنية في زيوريخ.
تم انتخاب أينشتاين عضوًا بالأكاديمية البروسية للعلوم ببرلين عام 1913م، واكتسب الجنسية الألمانية مرة أخرى عام 1914م، عندما قبل منصب الأستاذية في الفيزياء بجامعة برلين. وفي العام نفسه أصبح مديرًا لمعهد قيصر فلْهلْم للفيزياء ببرلين.
أعلن أينشتاين عام 1915م أنه طوّر نظرية عامة في النسبية مبنية على نظريته الخاصة. وحاول في نظريته العامة التعبير عن كل قوانين الفيزياء بمعادلات مُوَحدة، أي معادلات لها الشكل الرياضي نفسه بغض النظر عن نظام الإسناد المُطبقة عليه. وقد نُشرت النظرية العامة عام 1916م.
نظرية المجال الموَحد . لم تستطع نظرية أينشتاين العامة للنسبية أن تحقق رضاءه التام، لكونها لم تشتمل على الكهرومغنطيسية. فحاول ابتداءً من أواخر عشرينيات القرن العشرين ضم ظاهرتي الكهرومغنطيسية والجاذبية في نظرية واحدة تُسمى بنظرية المجال المُوَحَّد. انظر: الكهرومغنطيسية؛ الجاذبية. وقد فشل أينشتاين في التوصل إلى نظرية مجال موحد بالرغم من قضائه السنوات الخمس والعشرين الأخيرة من عمره بحثًا عنها. وأشار في آخر حياته إلى أنه ربما كان من المفيد الاعتراف بأن مثل هذه النظرية لا وجود لها. فقد كان مهمومًا بأن فشله في التوصل لمثل هذه النظرية، وعدم إشارته إلى استحالة الوصول إليها، قد يدفع البعض لبذل جهد لا طائل من ورائه.
أينشتاين في الولايات المتحدة. بينما كان أينشتاين في زيارة لبريطانيا والولايات المتحدة عام 1933م، استولت الحكومة النازية في ألمانيا على ممتلكاته وجردته من مناصبه وجنسيته. وقد دُعِىَ أينشتاين قبل حدوث ذلك ليكون عضو هيئة تدريس بمعهد الدراسات المتقدّمة، الذي كان قد تم إنشاؤه حديثًا، في برنستون بولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية.
قَبِلَ أينشتاين هذه المنصب واستقر في برنستون، وعاش هناك حتى وفاته في 18 أبريل من عام 1955م.
حياته الشخصية . بالرغم من الحياة الهادئة التي عاشها أينشتاين، فقد حافظ على اهتمام حيوي بالشؤون الإنسانية. فكان مغرمًا بالموسيقى الكلاسيكية، ويحب العزف على الكمان، كما كان شديد التعاطف مع المضطهدين ماديًا وسياسيًا، ولكنه ساند الصهيونية فمنح رئاسة دولة إسرائيل عام 1952م، غير أنه رفض هذا المنصب، بحُجة أنه غير مناسب له. انظر: الصهيونية.
كان أينشتاين قبل نهوض النازية في الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي سلبيًا تمامًا من الناحية السياسية، ولكنه أصبح بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مؤيدًا بشدّة لفكرة إنشاء حكومة عالمية. فقد كان مؤمنًا بأن المحافظة على السلام بين الأمم في العصر النووي لا يمكن أن يتحقق إلا بجمع الشعوب معًا تحت مظلة قانون عالمي.
لم يكن أينشتاين مهتمًا بالشؤون المالية. فقد قدَّم له الناشرون من كل أنحاء الدنيا مبالغ طائلة مقابل كتابة سيرته الذاتية، ولكنه لم يُلْق بالاً لمثل هذه العروض. وفي النهاية كتب مذكرات عن سيرته الذاتية لأنه كما قال: "إنه لشيء طيب أن يرى أولئك الذين يجاهدون معنا، كيف يبدو كفاح الشخص وبحثه، للآخرين". وكانت هذه المذكرات هي الوثيقة الوحيدة التي كتبها أينشتاين متكلمًا فيها عن حياته الخاصة.
تزوج أينشتاين مرتين. انفصل عن زوجته الأولى، وهي فيزيائية تُدعى ميليفا ماريك، بعد وصوله إلى برلين بفترة قصيرة. ثم تزوج بعد الحرب العالمية الأولى من ابنة عمه إلزا. وكان له ولدان وبنت من زوجته الأولى وكان لزوجته الثانية ابنتان من زوجها السابق.
كان أينشتاين عميق الإيمان على الرغم من أنه لم يرتبط بدين محدد؛ فقد كان يعتقد أن العالم لم يخلق بالصدفة، فالعالم بالنسبة له كان عالمًا يسير بنظام دقيق وقانون محكم.