إن مما يشرح الصدر: كثرة المعرفة، وغزارة المادة العلمية، واتساع الثقافة، وعمق الفكر، وبعد النظرة، وأصالة الفهم، والغوص في الدليل، ومعرفة سر المسألة، وإدراك مقاصد الأمور، واكتشاف حقائق الأشياء ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [فاطر : 28]، ﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ ﴾ [يونس : 39].
إن العالم رحب الصدر، واسع البال، مطمئن النفس، منشرح الخاطر..
يزيد بكثرة الإنفاق منه *** وينقص إن به كفا شددتا
يقول أحد مفكري الغرب: لي ملف كبير في درج مكتبي، مكتوب عليه: حماقات ارتكبتها، أكتبه لكل سقطات وتوافه وعثرات أزاولها في يومي وليلتي، لأتخلص منها، قلت: سبقك علماء سلف هذه الأمة بالمحاسبة الدقيقة والتنقيب المضني لأنفسهم ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة : 2].
قال الحسن البصري: المسلم لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه.
وكان الربيع بن خثيم يكتب كلامه من الجمعة إلى الجمعة، فإن وجد حسنة حمد الله، وإن وجد سيئة استغفر.
وقال أحد السلف: لي ذنب من أربعين سنة وأنا أسأل الله أن يغفره لي، ولا زلت ألح في طلب المغفرة ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون : 60].
*تامل ساعة خير من عبادة مئة سنة*