موضوع من إعداد فاروق ابليلة
الأخوة في الله حقيقتها حقوقها وواجبا تها .
مقدمة : ليس في الإسلام نعمة - بعد الإيمان بالله عز وجل- أعظم من نعمة الأخوة الإيمانية يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( ما أعطى عبد بعد الإسلام خير من أخ صالح يذكره بالله فاذا رأى أحدكم من اخيه وداً فليتمسك به ) وقد كانت أولى الدعائم التي أقام عليها رسول الله صلى الله عليها وسلم دولته وربى عليها أمته فأعظم بها من نعمة وأكرم بها من خلق ،وسوف نحاول التعريف بها وبحقوقها في هذه الأسطر نسأله عز و جل أن يلهمنا رشدنا ويسدد رأينا فهو الموفق وعليه التكلان.
مفهوم الأخوة :
تعريف كلمة الاخوة لغة
الاخ من النسب معروف : وهو من جمعتك وإياه صلب أو بطن ، وقد يكون الصديق والصاحب ، وجمع الاخ إخوة وإخوان .
قال أبو حاتم : قال أهل البصرة أجمعون : الإخوة فى النسب ، والإخوان في الصداقة .
تعريف الاخوة اصطلاحاً :
قيل هي مشاركة شخص لآخر فى الولادة من الطرفين او من احدهما او من الرضاع ويستعار لكل مشارك لغير فى القبيلة او فى الدين او فى صنعة او فى معامله او مودة او فى غير ذلك من المناسبات .
قال ابن حجر فى قوله تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) يعنى فى التواد وشمول الدعوة .
الاخ : كل من جمعك وإياه صلب أوبطن والاخوه تستعمل فى النسب والمشابهة والمشاركة فى شئ ما المرء الا بإخوانه كما تقبض الكف بالمعصم ولاخير فى اليد مقطوعة ولاخير فى الساعد الاجذم ، فاخواننا أحب الينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكرونا بالدنيا واخواننا يذكرونا بالاخره ويعينونا على الشدائد فى العاجلة .
فضل التآخي في الله :
1-الأخوة في الله نعمة الله وفضله لقوله تعالى ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً )آل عمران 103
2-الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى : قال صلى الله عليه وسلم (وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين) رواه أحمد
3-المتآخون في الله في ظل الله تعالى : قال صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله...رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ...)
4-الأخوة في الله طريق لحلاوة الإيمان واستكمال عراه يشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار )متفق عليه .
5-الأخوة الإيمانية امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده (إنما المؤمنون إخوة )
6- الأخوة الإيمانية أخوة في طريق تعمير الأرض والتعاون على أعباء الدعوة .
7-الأخوة الإيمانية ارتفاع على كل العصبيات وتجسيد للوحدة العاطفية والشعورية بين المسلمين (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد )
حقوق وواجبات الأخوة الإيمانية :
الأخوة الإيمانية واجب ديني و فريضة شرعية لا مجرد موقف نفسي او تنظير فلسفي . كما أنها مجموعة من المواقف يطلب خروجها من حيز الفكر والإحساس إلى حيز العمل والممارسة، ومن واجباتها ما يلي :
1- محبة الأخ لأخيه وموالاته والمداومة على ذلك مادام الأخ على عقد الإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تدخلوا الجنة حنى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ) ومما يساعد على ذلك الإهداء بلا تكلف وإفشاء السلام (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم )
2- المواساة وحسن الصحبة والعشرة وتتحقق ب :
أ- وجوب العود بالفضل في مال أو طعام فيعود على أخيه بدون الحاجة للسؤال هذا معنى الإيثار
ب- طيب الكلام والمبسم والبشاشة في وجه الأخ ورد السلام والفرح باللقاء كما قال تعالى (وقولوا للناس حسناً) البقرة :83وقوله أيضاً (وهدوا إلى الطيب من القول)الحج : 24
ج- خفض الجناح و لين الجانب وحسن الخلق و التواضع وإقالة العثرات و التزاور في الله و التهنئة و تفقد الحال قد عبر القرآن عن ذلك (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ)الفتح : 29 (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)الشعراء215
وقوله صلى الله عليه وسلم (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً)
د- السعي بالشفاعة الحسنة : قال تعالى (َّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا)النساء : 85 ويكون ذلك بقضاء حاجات ذوي الأيدي الضعيفة ما لم تكن في محرم .
3- بذل النصيحة و المشورة بين الإخوة (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)العصر 1-3 ولأهمية النصيحة فقد كانت مما يبايع عليه الصحابة و لها آداب لا بد من مراعاتها وإلا أدت عكس المطلوب .منها اختيار الأسلوب و الكلام الطيب وعدم كشف العورات و المعايب واختيار الوقت و الواجب منها بيان الحق لا التشهير.
4- التعاون والتآزر فيما بين الإخوة على البر والعمل الصالح . (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)المائدة : 2 . ويدخل في ذلك كل تكاتف على الخير العام أو الخاص .
5- نصرة المظلومين من إخواننا وصيانة الدماء والأعراض والأموال وإغاثة الملهوفين (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)الأنفال 72 ، وقد نزلت الآية فيمن لم يهاجر من الأعراب فقد طلب منا نصرهم وإن لم يهاجروا ما داموا إخواناً ، وفي الحديث (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)