سئل مالك بن دينار عن سبب توبته فقال : كنت شرطيا وكنت غارقا في شرب الخمروالمعاصي والأعمال التي لا ترضي الله حتى جاء يوما مررت فيه على أحد الأسواق سمعت فيه رجل يقول لصاحب الحانة إن لدي ثلاث ابناء أريد أريد ان اشتري لكل واحدة منهم حلوى ، فراقت نفسي لان اتزوج علني ارزق بالولد ، فحسنت شيئا قليلا من خلقي لأجد من ستقبلني زوجا لان سمعتي كانت سيئة حتى وجدت فتاة اتزوجها انجبت لي طفلة سميتها "فاطمة" فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبا، وألفتني وألفتها. قال : فكنت إذا وضعت المسكر بين يدقي جاءت إلي وجاذبتني عليه وهرقته من ثوبي ،كل يوم يزداد حبي لها كما تزداد توبتي فلما تم لها سنتان ماتت فأكمدني حزنها.وانقلبت على أسوأ ما كنت عليه في الماضي من شرب الخمر والمعاصي فلما كانت ليلة النصف من شعبان ، وكانت ليلة الجمعة،قلت لأشرب الليلة حتى الثمالة بت ثملا(2)من الخمر؟ ولم أصل فيها عشاء الآخرة. فرأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت ، ونفخ في الصور، وبعثرت القبور، وحشر الخلائق ، وأنا معهم وبدأ المنادي ينادي فلان بن فلان هلم للعرض على الجبار حتى جاء دوري مالك بن دينار هلم للعرض على الجبار فإذا انا وحدي التفت يمينا فلم أجد أحدا التفت شمالا فلم اجد احدا فسمعت صوتا من ورائي ، فالتفت ، فإذا أنا بتنين أعظم ما يكون أسود
أزرق قد فتح فاه مسرعا نحوي فمررت بين يديه هاربا فزعا
فمررت في طريقي بشيخ نقي الثوب طيب الرائحة فسلمت عليه فرد السلام فقلت : أيها الشيخ ! أجرني من هذا التنين أجارك الله ، فبكى الشيخ وقال لي : أنا ضعيف وهذا أقوى مني وما أقدر عليه ! ولكن مر وأسرع فلعل الله
أن يتيح لك ماينجيك منه . فوليت هاربا على وجهي ، فصعدت على شرف من شرف القيامة، فأشرفت على طبقات
النيران ، فنظرت إلى هولها، وكدت أهوي فيها من فزع التنين ! فصاح بي صائح :ارجع فلست من اهلها فاطمأنت الى.
قوله ورجعت , ورجع التنين فلم تفعل فبكى الشيخ وقال اني ضعيف ولكن سر الى هذا الجبل فان فيه ودائع المسلمين فان كان لك فيه وديعة فستنصرك قال فنظرت الى جبل مستدير من فضة وفيه كوى مخرمة وستور معلقة على كل كوه وخوخة مصراعان من الذهب الاحمر مفصلة بالياقوت مكوكبة بالدر على كل مصراع ستر من الحرير فلما نظرت الى الجبل وليت منه هربا والتنين من ورائي حتى اذا قربت منه صاح بعض الملائكة ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع واشرفوا فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوه فاذا الستور قد رفعت والمصاريع قد فتحت فاشرف على تلك من الخرمات اطفال وجوه كالاقمار وقرب التنين مني فتحيرت في امري فصاح بعض الاطفال ويحكم اشرفوا كلكم فقد قرب منه عدوه فاشرفوا فوجا بعد فوج واذا انا بابنتي التي ماتت قد اشرفت علي معهم فلما رأتني بكت وقالت : ابي والله !!ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى مثلت بين يدي فمدت يدها الشمال الى يدي اليمنى فتعلقت بها ومدت يدها اليمنى إلى التنين ففر هاربا
ثم اجلستني وقعدت في حجري وضربت بيدها اليمنى الى لحيتي وقالت :يا ابت ( الم يأ ن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله) فبكيت : وقلت يا بنية ! وانتم تعرفون القران ؟ فقالت : يا ابت نحن اعرف به منكم قلت:
فأخبريني عن التنين الذي اراد ان يهلكني قالت: ذلك عملك السوء قويته بالمعاصي فارا دان يغرقك في نار جهنم
قلت:اخبريني عن الشيخ الذي مررت به في طريقي قالت يا ابت ذلك عملك الصالح اضعفته حتى لم يكن له طاقة لعملك السوء ولما افقت عند الصباح استغفرت الله واغتسلت ولتحقت بالمسجد لصلاة الصبح فإذا الامام يصلي بنا الركعة بالآية <ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله> الآية 16 من سورة الحديد