*شتان بين دوع ودموع *
-حينما ارسل البرتغاليون جواسيسهم ليروا حال الاندلس وما هي همومهم وأهدافهم ،ولكي لايندفعوا إلى غزوها إلا بعد دراسة وتجهيز،وفي إحدى هذه المرات التي دخل فيها جاسوسا برتغالي متنكرا بزي تاجر إلى الاندلس ،وجد هناك شبابا يتسابقون على خيلهم ،وآخرون يتبارزون بسيوفهم ليتدربوا على فنون القتال ،وفي عزلة من هؤلاء الشباب رآى شابا وحيدا حزينا وهو يبكي بحرقة شديدة،فاقترب منه ذلك الجاسوس وسأله عن بكائه ،فقال له:إني قد رميت عشرة أسهم أصبت في تسعة منها وأخطأت في واحد فلذلك أنا أبكي ...
فعاد الجاسوس إلى بلاده محذرا وناهيا لهم عن غزو الاندلس،
لكن السنوات مرت سريعا وجاء جاسوسا آخر بنفس الشكل والطريقة التي جاء بها الأول ،فوجد شابا يبكي فدنا منه ليسأله عن سبب بكائه فقال الشاب :إن حبيبتي قد فارقتني ،ففرح الجاسوس بهذا الجواب وأنطلق بهذه الكلمات الثلاثة لتكون سببا في سقوط حضارة كاملة ،وعاد الجاسوس ليقول لقومه :الآن الوقت لغزوهم..وهكذا ضاعت الاندلس بعد ثمانية قرون بسبب دموع سكبت على فراق الحبيبة،فشتان بين دموع ودموع...
نعم...حين ترى-وللأسف الشديد- بعض شباب أمتنا يسكبون الدمعات على هزيمة فريق رياضي أو فيلم سينمائي أو فراق حبيبة ،وكأن الهدف أصبح يسير بنا نحو هذه الهموم ...شتان بين من سكب هذه الدموع وبين من سكبها في ختم لكتاب الله ،أو تألما لحال أمته،أو في محراب الصلاة ،أو في خلوة وهو يناجي ربه ((فعينان لا تمسهما النار :عين بكت من خشيت الله ،وعين باتت تحرس في سبيل الله))