بسم الله ؛ والحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
.. إن الإيمان بالله عز وجل وبما جاء به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العمل بمقتضاه، له أعظم الأثر في النصر على أعداء الله، ذلك أن اعتقاد المسلم بأن الجهاد في سبيل الله وملاقاة الأعداء لا ينقص الأعمار، لأن الأعمار قد سبق بها قدر، تلك العقيدة تملأ نفس المؤمن شجاعة وإقدامًا.
كما أن عقيدة المسلم بأن الشهيد في حرب المسلمين للكفار ليس بميت، بل هو حيٌّ حياة أرغد من حياته على ظهر الأرض ، عقيدته تلك تدفعه إلى طلب الشهادة في سبيل الله كما يطلب للنصر.
فقد قال صلى الله عليه وسلم مشيرًا إلى حياة الشهيد بعد موته: "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة بساق العرش ، فلما رأوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد، وينكلوا عن الحرب، فأنزل الله قوله: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله" الآيات.
وكذلك تنفيذ المسلمين ما أمروا به من بذل الجهد في إعداد عدة القتال في حدود الاستطاعة له أثره كذلك في إحراز النصر، فإن واجب المسلمين أن يسبقوا غيرهم في الصناعات الحربية.
ومن هنا يصرح القرآن بأن المسلم الذي امتلأ قلبه بعقيدة الإسلام، وأعدَّ ما استطاع من عدة الحرب ينتصر على عشرة رجال من غير المسلمين، وهؤلاء هم المسلمون في أكمل حالاتهم عقيدة وسلوكًا وتطبيقًا لشرع الله، قال تعالى مشيرًا إلى ذلك، { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين}.
وإن كان المسلمون دون الكمال في العقيدة والسلوك وتطبيق شرع الله فإن الواحد منهم يغلب اثنين فقط من الكفار، قال تعالى: { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين}. فالمسلم في أضعف حالاته يغلب اثنين من الكفار إذا أعد ما يمكنه من السلاح، وتسلح بالصبر كذلك ؛ لأنه مع طلب النصر يحرص على الشهادة ولا يخاف الموت.
هذا ومن الأسرار التي هي من السنن الإلهية في كونه تعالى أن المسلمين إذا اتقوا ربهم بطاعته والبعد عن معاصيه وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وأعدوا ما استطاعوا إعداده من آلات الحرب وتسلحوا بالصبر أيضًا، إذا فعلوا ذلك كله من التقوى والصبر وإعداد العدة فإن الله ينصرهم على أعدائهم، وإن كان الأعداء أكثر عددا أو عدة، ذلك أن الله عز وجل يمد المسلمين عند ذلك بمدد السماء من الملائكة وتلك سنة إلهية جارية إلى يوم القيامة قال تعالى مشيرًا إلى ذلك: { بلي إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين}.
وهكذا تبين لنا أن الإيمان بالله عز وجل وبما جاء به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرآن وسنة مع تطبيقها والعمل بما فيهما يثمر النصر في كل زمان ومكان، وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.