السلام عليكم ورحمة اللهأيّهذا الشّاكي وما بك داءٌ ** كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟
إنّ شرّ الجناة في الأرض نفسٌ ** تتوقّى، قبل الرّحيل، الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود، وتعمى ** أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل ** من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمالٍ ** لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ليس أشقى مّمن يرى العيش مراً** ويظنّ اللّذات فيه فضولا
أحكم النّاس في الحياة أناسٌ ** عللّوها فأحسنوا التّعليلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه ** لا تخف أن يزول حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسك همّ ** قصّر البحث فيه كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الرّوابي ** فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها_ والحقل ملك سواها ** تَخِذتْ فيه مسرحا ومقيلا
تتغنّى، والصّقر قد ملك الجوّ ** عليها ، ولصائدون السّبيلا
تتغنّى، وقد رأتْ بعضها يؤ**خذ حيّا والبعض يقضي قتيلا
تتغنّى، وعمرها بعض عام ** أفتبكي وقد تعيش طويلا؟
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو ** سوَرَ الوجد والهوى ترتيلا
وهي طوراً على الثرى واقعات ** تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا
كلّما أمسك الغصونَ سكون ** صفّقت في الغصون حتى تميلا
فاذا ذهَّبَ الأصيلُ الرّوابي ** وقفت فوقها تناجي الأصيلا
فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطـ**يار عند الهجير ظلاّ ظليلا
وتعلّم حبّ الطبيعة منها ** واترك القال للورى والقيلا
فالذي يتّقي العواذل يلقى ** كلّ حين في كلّ شخص عذولا
أنت للأرض أولا وأخيرا ** كنت مَلْكا أو كنت عبدا ذليلا
لا خلود تحت السّماء لحيّ ** فلماذا تراود المستحيلا ؟..
كلّ نجم إلى الأفول ولكنّ ** آفة النّجم أن يخاف الأفولا
غاية الورد في الرّياض ذبول ** كن حكيما واسبق إليه الذبولا
وإذا ما وجدت في الأرض ظلاّ ** فتفيّأ به إلى أن يحولا
وتوقّع، إذا السّماء اكفهرّت ** مطرا في السّهول يُحْيي السهولا
قل لقوم يستنزفون المآقي ** هل شفيتم مع البكاء غليلا؟
ما أتينا إلى الحياة لنشقى ** فأريحوا ، أهلَ العقول، العقولا
كلّ من يجمع الهموم عليه ** أخذته الهموم أخذا وبيلا
كن هزارا في عشّه يتغنّى ** ومع الكبل لا يبالي الكبولا
لا غرابا يطارد الدّود في الأرض ** ويوما في اللّيل يبكي الطّلولا
كن غديرا يسير في الأرض رقراقا ** فيسقي من جانبيه الحقولا
تستحم النّجوم فيه ويلقى ** كلّ شخص وكلّ شيء مثيلا
لا وعاء يقيّد الماء حتى ** تستحيل المياه فيه وحولا
كن مع الفجر نسمة توسِع الأز**هار شمّا وتارة تقبيلا
لا سموما من السّوافي اللّواتي ** تملأ الأرض في الظّلام عويلا
ومع اللّيل كوكبا يؤنس الغابات ** والنّهر والرّبى والسّهولا
لا دجى يكره العوالم والنّاس ** فيلقي على الجميع سدولا
أيّهذا الشّاكي وما بك داء ** كن جميلا تر الوجود جميلا
( إيليا أبو ماضي )