عطر زهرة النرجس مشرفة منتدى الفن التشكيلي
عدد الرسائل : 1199 الهواية : الرسم المزاج : مُتَفآئِلـةً الوسام الأول : الوسام الثاني : الوسام الثالث : نقاط التقييم : 1339 تاريخ التسجيل : 31/05/2009
| موضوع: لا يستقيم الظل والعود أعوج الإثنين 10 يونيو 2013 - 12:39 | |
| السلام عليكم ورحمة الله
*لا يستقيم الظل والعود أعوج*
لكاظم عايش
* *
«عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعوا»، هكذا هو الحال إذاً، وإن كان رب البيت بالطبل ضارب، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص، والتلم الاعوج من الثور الكبير وهكذا، فمن يريد الاصلاح فليبدأ بنفسه ثم يطلب من الناس ان يصلحوا أحوالهم، ومن أراد من الناس أن يحتملوا ويصبروا، فليرهم من نفسه صبرا وقدوة. جاء أحدهم الى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو الجوع وقد ربط على بطنه حجرا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن بطنه، فإذا هو قد ربط حجرين من الجوع، فسكت الرجل وصبر. وعمر بن الخطاب حرم على نفسه السمن في عام المجاعة حتى يأكله المسلمون قبله، هكذا هي طبيعة المشاريع الناجحة، لا بد أن يكون اصحابها هم أكثر الناس ايمانا بها وتطبيقا لها، وإلا فلن تجد سبيلها الى النجاح والتطبيق. الاصلاح يبدأ من فوق، وليس من تحت، مشروع الاصلاح يحتاج الى وضوح وصدق وشفافية، فمن اراد من الناس أن يزهدوا في المناصب، فليقدم لهم نموذجا من الزهد، أما أن يتمسك بكل المواقع والصلاحيات، ثم يتهم الناس بأنهم يبحثون عن السلطة والمواقع فهذا لعمرك في القياس شنيع! والاصل في المسؤولية أنها مغرم، وأن الناس لا يحرصون عليها، بل يتهربون منها، فكلمة مسؤول تعني أنه محاسب أمام الله والناس، وليس كما يظن البعض أنها مكارم ومغانم، وأنها تتيح لهم التصرف كما يشاؤون. لقد ولى الزمن الذي يستغفل فيه الناس، ويضحك على ذقونهم بحركات بهلوانية، فالناس اليوم ادركوا جيدا ما يعني كونك في مكان المسؤولية؛ ذلك يعني أنك وضعت نفسك في خدمة الناس حين استأمنوك على مصالحهم، وأنك يجب أن تكون ناصحا لهم، فلا تغشهم ولا تخدعهم، ولا تستغل ثقتهم فتسرقهم، وتبدد ما جعلوك عليه مستأمناً. المشكلة أن التهاون في هذا الامر من قبل المسؤول الاول يشيع بين الناس، فيصبح التهاون والتفريط والاعتداء على المال العام والحقوق شيئا مألوفا، ويستفحل الامر، ويصبح عصياً على الاصلاح، ويغرق المجتمع في وحل الفساد، ويصبح مهددا بالهلاك والدمار، هذا ينطبق على الفساد المالي والاداري والاخلاقي، وهي كلها منظومة واحدة؛ فالاستبداد السياسي يكون معه الفساد المالي والاداري والاخلاقي، فتنهار منظومة القيم، ويسود العنف والكراهية، وكل الاخلاق الذميمة، وهذا يؤدي الى شيوع الانانية والحرص على المصالح الشخصية على حساب المصالح العامة، وتتراجع القدرات والامكانات، وتختفي الدوافع النبيلة وتحل محلها الدوافع الخسيسة والفردية، وينشغل الناس في التنافس على جمع الدنيا والاستئثار بها، وهكذا في سلسلة من الانهيارات التي لا تتوقف عند حد حتى تصل بالمجتمع الى الهاوية، وهي أشبه ما تكون بالمرض الذي سرعان ما تنتقل عدواه الى كل ناحية، حتى يهلك الجسم وتقضي عليه. من الصعب أن تطلب من الناس أن يصلحوا أحوالهم، وهم يرون أن الفساد هو الحالة السائدة في مجتمعهم بفعل من هم فوقهم، ومن جهة المسؤولين عنهم، هذه دعوات لا تلقى القَبُول والاستجابة، وإن كان ذلك لا يعفي الناس من مسؤولياتهم تجاه أنفسهم ومجتمعهم، فهناك حساب أمام الله والناس، وغياب القدوة لا يعني مطلقا التخلي عن التمسك بما يعتقد الانسان صوابه، وهذا معنى أن لا يكون الإنسان إمعة يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت. أحوالنا في تراجع مستمر، ومقدراتنا في تناقص، وهناك تهديد حقيقي، وتحديات صعبة، فكيف يمكن أن نواجهها بدون منهج سوي وعقيدة صحيحة صلبة، بدون نماذج فذة مبدعة وقدوات تحتمل لترفع سوية المجتمع تنهض به، متى نتحول الى مسؤولين نشعر بضرورة الوقوف جميعا معا في سبيل إنقاذ مجتمعنا ووطننا، نشعر مع الفقير والضعيف ونسانده، ونحمي مجتمعنا من الانهيار والتفكك، وهذا لا يمكن أن يتأتى لنا إلا من خلال منهج ايماني صارم نلزم انفسنا به، بعد أن فرطنا طويلا، وسكتنا طويلا، وارتفعت كلفة الاصلاح؛ بسبب تراكم الخراب والفساد، ولكن لا خيار لنا إن أردنا البقاء والاستمرار الا بالعودة الى السبيل القويم الذي بينه لنا هذا الدين العظيم، فلا يأس مع الايمان، والله لا يُضِيع أجر المحسنين. | |
|