ـوظهر الفساد في البر والبحر وبلغت أوربة مبلغا يزيدها فجورا وشراهة وسفكا للدماء ، وغطرسة فوق ذلك تزداد على الأيام تعاليا في نشوة عارمة ، نشوة السكران الثمل إلى جانبها إفاقة من سكر ، وصارت أوربا عالما مخيفا مرهوب الجانب وتزداد كل يوم ثقافة وعلما ، وفهما ويقظة ، وتجربة وخبرة في كل خير وشر ، وتزداد أيضا نفاقا وخبثا ومكرا وغدرا بالآمنيين حيث كانوا في أرجاء عالم كانت تحجبه عنهم دار الإسلام قرونا طويلة ، أما دار الإسلام فعلى الأيام وهنت قوة طليعته المسلمة الناشئة في قلب أوربة ، وصارت دارا محصورة في الجنوب ، بعد أن كانت حاصرة للمسيحية في الشمال، وكذلك بدأت حضارة عتيقة تتضعضع قواها وترث حبالها وقامت في الأرض حضارة جديدة غذيت بالدم المسفوح ومزجت ثقافتها بالمكر والغدر والدهاء والخبث ، تؤزها نار أحقاد مكتمة ، ثم صارت لهيبا يؤج أجا ، حضارة سوف تطبق وجه الأرض ، وهي بذلك كله حضارة إنسانية وعالمية أنها جاءت مبشرة بدين جديد ، عقيدته مبنية على البغضاء والحقد والجشع والغدر وسفك الدماء .
...يتبع