وهل نسي الصعلوك فيما ينازع
تَمَرَّدَ فِي كِبْرٍ يُبَاهِي زَمَانَهُ ... بِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ كَمِثْلِهِ بَارِعُ
وَلُقِّبَ صُعْلُوكاً لِقِلَّةِ مَالِهِ ... وَهَلْ نَسِيَ الصُّعْلُوكُ فِيمَا يُنَازِعُ
يَقُولُ : "مَتَى تُعْلَى لِصَوْتِنَا رَايَةٌ؟" .. وَصَوْتُ الْحِجَا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْجَوَامِعُ
وَقَاهِرُ الإِنْهِزَامِ زَكَّى فُضُولَهُ ... بِنَكْسَتِهِ فِي الْحُبِّ أَنَّهُ طَامِعُ
كَعُصْفُورَةٍ فِي الْمَاءِ بَلَّلَهَا النَّدَى .. تُثِيرُ لُعَابَ النَّسْرِ مِنْهَا الْمَدَامِعُ
فَأَصْبَحَ كَشْكُولًا يُحِيطُ بِجِسْمِهَا .. يُوَسِّعُ حَجْمَ الْبَطْنِ وَالْبَطْنُ وَاسِعُ
وَشَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ فَازَ بِصَوْتِهِ .. عَلَى مِنْبَرِ الإِشْرَاقِ صَارَ يُدَافِعُ
كَـلـَيْثٍ يَغُضُّ الطَّرْفَ عَنْ كُلِّ صَاغِرٍ .. يُؤَدِّبُ فَهْداً أَوْ نُمُوراً تُقَارِعُ
وَقَالَ بِأَنَّ الدُّفَّ مَجْلَبَةُ الْهَوَى .. كَمَنْ يَهْوَى فِي جُبٍّ فَمَا هُوُ طَالِعُ
وَبَادَلَهُ الجَرْجَانِي صِبْغَةَ عِلْمِهِ .. يُقَلِّلُ لَحْناً فِي الْمَجَالِسِ شَائِعُ
فَيَحْفَظُ ثَغْرَ الضَّادِ مِنْ كُلِّ عَثْرَةِ .. تَزِيدُ اعْوِجَاجَ الثَّغْرِ فِيهِ الشَّوَارِعُ
عَلَى مُنْتَدَى الإِشْرَاقِ خَاضُوا مَعَارِكاً .. وَزُبْدَةُ قَوْلِهِمْ رَوَتْهَا الْمَصَانِعُ
كَأَنَّ قُرَيْشاً دَجَّجَتْ كُلَّ فَارِسٍ .. تُقَيِّدُ لِلصَّابِينَ عَنْهَا الْمَقَامِعُ
وَتُلْصِقُهُمْ أَوْصَافَ كُلِّ مَلِيحَةٍ ... وَيُغْضِبُهُمْ نُشُوزُهَا وَالتَمَايُعُ
فَيَا لَيْتَهُمْ عَادُوا قَلِيلاً وَحَكَّمُوا .... لِرَأْيِهِمُ حِسَّا عَلَيْهِ يُطَاوِعُ
بوشنة عبد الوهاب