كلمة فلسفة لا يمـكـن تحديـد معـناهـا بدقـة؛ لأن موضوعها مُعقد جدًا ومثير للجدال. فقد تختلف آراء الفلاسفة حول طبيعتها ومناهجها ومجالها. أما كلمة فلسفة في حد ذاتها فأصلها من الكلمة اليونانية فيلاسوفيا التي تعني حب الحكمة. بناءً على ذلك فالحكمة تتمثل في الاستخدام الإيجابي للذكاء، وليست شيئًا سلبيًا قد يمتلكه الإنسان.
الفكر الفلسفي جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان؛ فما من أحد من غير المؤمنين تقريبًا إلا وقد وجد نفسه بين الحين والآخر مُحتارًا أمام أسئلة يغلب عليها الطابع الفلسفي من نوع: ما معنى الحياة؟ هل كان لي وجود قبل ميلادي؟ هل من حياة بعد الموت؟ أما المؤمنون فقد تعرض لهم هذه الأسئلة ذاتها، ولكنهم سرعان ما يجدون الإجابة عنها بما أوتوا من العلم مما أنزله الله في كتبه الناطقة بالحق المنزلة بالصدق وما صح عن الأنبياء صلوات الله عليهم. ولمعظم الناس نوع من الفلسفة من حيث نظرتهم الشخصية إلى الحياة، وحتى الإنسان الذي يعتقد أن الخوض في المسائل الفلسفية مضيعة للوقت، تجده مع ذلك يولي اهتمامه لكل ما هو عظيم وذو شأن وقيمة.
يستطيع الإنسان بدراسة الفلسفة، أن يوضح جوانب الغموض في مُعتقداته، فيدفعه ذلك إلى التفكير في المسائل الأساسية، ويصبح قادرا على دراسة آراء الفلاسفة القدامى، لكي يفهم لماذا فكروا على النحو الذي فكروا فيه، وأي أثر يمكن لأفكارهم أن تحدثه في حياته.كما أن العديد من الناس يجدون متعة في قراءة آثار كبار الفلاسفة خصوصًا كبار الكتاب منهم.
للفلسفة تأثير كبير في حياتنا اليومية، وحتى في اللغة التي نتحدث بها نصنف الأمور تصنيفا مستمدًا من الفلسفة، فعلى سبيل المثال فإن تصنيف الكلمة إلى اسم وفعل وحرف، يتضمن فكرة فلسفية مفادها أنه يوجد اختلاف بين الكلمات وما يحدث لها. وعندما نتساءل: ما الفرق بين ذا وذاك؟ فإننا بهذا السؤال نشرع في إجراء تحقيق فلسفي.
ما من مؤسسة اجتماعية إلا وهي مرتكزة على أفكار فلسفية، سواء في مجال التشريع أو نظام الحكم أو الدين أو الأسرة أو الزواج أو الصناعة أو المهنة أو التربية. وإن الخلافات الفلسفية قد أدت إلى الإطاحة بالحكومات وإحداث تغييرات جذرية في القوانين وتحويل الأنظمة الاقتصادية بالكامل. إن تلك التغييرات ما كانت لتقع إلا لأن الناس المعنيين بالأمر كانت لهم آراء يؤمنون بها حول ما يعتبرون أنه الأهم والأقرب إلى الحقيقة والواقع والأكثر فائدة، وحول الكيفية التي يجب أن تنظم بها الحياة.
تسير الأنظمة التربوية بمقتضى الأفكار الفلسفية التي يؤمن بها المجتمع حول ما يجب أن يتعلمه الأطفال، ولأي غرض يتعلمون. وتؤكد الأنظمة الديمقراطية على ضرورة تعليم الإنسان كيف يفكر، وكيف يختار بنفسه ما ينفعه. أما المجتمعات التي تفتقد الشورى والحوار فإنها تثبط أمثال هذه المبادرات، وتريد من المواطنين أن يتنازلوا عن مصالحهم لفائدة الدولة. وهكذا فالقيم والمهارات التي يعلمها النظام التربوي إنما تعبر عن الأفكار الفلسفية التي يؤمن بها المجتمع حول ما يعتبره هو الأهم والأصلح.
فروع الفلسفة
يمكن القيام باستقصاء فلسفي في أي موضوع، لأن الفلسفة تتناول كل ما يوجد في الكون وكل ما له ارتباط بالمعرفة. على أنه من أجل تحقيق أغراض الدراسة، قد جرت العادة أن تُقسم الفلسفة إلى خمسة فروع، وكل فرع ينتظم فيه البحث حول عدد من المسائل المتميزة. هذه الفروع هي: 1- ماوراء الطبيعة (الميتافيزيقا). 2- نظرية المعرفة. 3- المنطق. 4- الأخلاق. 5- علم الجمال. وفضلاً عن ذلك فقد عظم شأن فلسفة اللغة في القرن العشرين، حتى أصبح البعض يعتبرها فرعًا آخر من فروع الفلسفة.
ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا). علم يدرس الواقع والوجود من حيث طبيعتهما الأساسية، كما يدرس ماهية الأشياء. ومن الباحثين من يقسم علم ما وراء الطبيعة إلى ميدانين: علم الوجود، وعلم الكون. فعلم الوجود يدرس الموجودات؛ أما علم الكون فيدرس الكون الطبيعي ككل. كما أن علم الكون يُقصد به ذلك الفرع من العلوم الذي يدرس نظام الكون وتاريخه ومستقبله.
يتناول علم ما وراء الطبيعة مسائل من نوع: ما الواقع؟ ما الفرق بين الظاهر والواقع؟ ما المبادئ والمفاهيم العامة التي يمكن بموجبها تأويل تجاربنا وفهمها؟ هل لدينا إرادة حرة أم أن أعمالنا مُسيرة بأسباب ليس لنا فيها خيار؟
لقد أوجد الفلاسفة عددًا من النظريات في علم ما وراء الطبيعة وهي: المادية، والمثالية، والآلية، والغائية. إن المادية تؤكد أن المادة وحدها هي التي لها وجود حقيقي، وأن المشاعر والأفكار وغير ذلك من الظواهر العقلية إنما هي ناتجة عن نشاط المادة. وتقرر المثالية بأن أي شيء مادي إنما هو فكرة أو شكل من أشكال الفكرة، وبمقتضاها فإن الظواهر العقلية هي وحدها المهمة والمطابقة للحقيقة. أما الآلية فتؤكد أن كل الأحداث إنما هي ناتجة عن قوى آلية محضة، وليس عن غاية معينة، بل لا يعقل أن نقول إن الكون في حد ذاته من ورائه غاية معينة. أما الغائية، فهي على العكس، تقرر بأن الكون وكل شيء فيه يتصف بالوجود والحدوث من أجل غاية معينة.
نظرية المعرفة. هدفها تحديد طبيعة المعرفة وأساسها ومجالها، كما تستكشف الطرائق المختلفة المؤدية إلى المعرفة وجوهر الحقيقة والعلاقات بين المعرفة والإيمان. إن نظرية المعرفة تطرح أمثال الأسئلة الآتية: ما العلامات الدالة على المعرفة الصادقة من أجل تمييزها عن المعرفة الكاذبة؟ ما الحقيقة، وكيف يمكن أن نعرف الصواب والخطأ؟ هل هناك أنواع مختلفة من المعرفة؟ وهل لكل واحدة منها حُجج وخصائص؟
كثيرًا ما يميز الفلاسفة بين نوعين من المعرفة: القَبْلية، والتجريبية. نتوصل إلى المعرفة القبلية بالتفكير من غير أن نستعين بالتجربة . فالمعرفة قبلية .أما النزعة التجريبية فترى أن التجربة أساس المعرفة و أن العقل تابع لها ، فالمعرفة بعدية .
إن جوهر الحقيقة قد حيّر الناس منذ قديم الزمان، ربما لأن الناس كثيرًا ما يُطلقون صفة حقيقي على أفكار يتجاوبون معها ويميلون إليها، وكذلك لأنهم كثيرا ما يختلفون في الرأي حول أي من الأفكار تطابق الحقيقة. لقد حاول الفلاسفة أن يحددوا معايير الحكم من أجل التمييز بين الصواب والخطأ، ولكنهم اختلفوا حول معنى الحقيقة، وكيف يمكن التوصل إلى أفكار مطابقة للحقيقة. إن نظرية التطابق تقول: إن الفكرة تعتبر حقيقية إذا كانت مطابقة للوقائع والمجريات. أما النظرية الذرائعية أو البرغماتية، فتؤكد أن الفكرة تطابق الحقيقة، إذا هي أثرت في المشكلة المطروحة، أو قدمت لها حلاًّ. أما نظرية الترابط فتقول: إن الحقيقة مقياسها في الدرجة؛ أي أن الفكرة مطابقة للحقيقة بمقدار ما هي متماسكة أو متوافقة مع أفكار أخرى يؤمن بها الإنسان.
أما نظرية الشك فتدَّعي أنه من المستحيل التوصل إلى المعرفة، وأن وجه الحقيقة لا يمكن أن يُعرف.
المنطق. يتناول بالدراسة مبادئ وطرائق المحاكمة العقلية؛ فهو يستكشف كيفيات التمييز بين الاستدلال السلسم و الاستدلال الفاسد . وفق قواعد فكرية صارمة تضمن عدم تناقض الفكر مع نفسه ( المنطق الصوري ) . أما المنطق المادي فيبحث في شروط عدم تناقض الفكر مع الواقع .
إذن يوجد نوعان أساسيان من المحاكمة العقلية، يسمى أحدهما الاستنتاج والآخر الاستقراء.
يوصف البرهان الاستنتاجي بأنه صحيح عندما يأتي الحكم صحيحًا بالضرورة من المقدمتين. ويوصف بأنه باطل إذا كان حكمه النهائي لا يتولد بالضرورة عن المقدمتين. فالبرهان الذي صيغته: البشر كلهم عُرضة للموت. اليونانيون بشر. إذن اليونانيون كلهم عُرضة للموت، هذا البرهان الاستنتاجي صحيح. لكن البرهان الذي صيغته: البشر كلهم عُرضة للموت. اليونانيون كلهم عُرضة للموت. إذن اليونانيون كلهم بشر، هذا البرهان باطل وإن كان الحكم النهائي صحيحًا، لأن هذا المنوال من المحاكمة العقلية يجعلنا نفترض جدلاً أن الكلاب باعتبار أنها أيضًا عُرضة للموت هي بشر أيضًا.
تُستعمل المحاكمة العقلية الاستنتاجية لاستكشاف النتائج المترتبة على بعض الافتراضات، أما المحاكمة العقلية الاستقرائية فيستعان بها لإثبات الوقائع والقوانين الطبيعية، وليس هدفها أن تكون صحيحة من الناحية الاستنتاجية. فالذي يحكم عقليًا أن السناجب تحب الجوز، على أساس أن كل السناجب التي رصدها تحب الجوز، يكون قد بنى حكمه بطريقة استقرائية. فالحكم النهائي قد يكون هنا باطلاً حتى ولو كانت المقدمة صحيحة. ومع ذلك فالمقدمة توفر سندًا قويًا لاستخلاص الحكم النهائي.
الأخلاق. لها علاقة بسيرة الإنسان وشخصيته وقيمه، فهي تدرس طبيعة الصواب والخطأ، وتميّز بين الخير والشر. فالأخلاق تستكشف خصائص العدل والمجتمع العادل، وكذلك واجبات الإنسان نحو ذاته ونحو غيره ونحو المجتمع.
تطرح الأخلاق أمثال الأسئلة الآتية: ما وجه الصواب في العمل الصائب؟ وما وجه الخطأ في العمل الخاطئ؟ ما الخير وما الشر؟ ما القيم الخاصة بالحياة؟ قد تبرز المشاكل في مجال الأخلاق، لأننا كثيرًا ما نجد صعوبة في إدراك ما يلزم القيام به. وفي العديد من الحالات تتعارض واجباتنا، أو تبدو لنا غامضة فضلاً عن كون الناس كثيرًا ما يختلفون حول ما إذا كان عمل من الأعمال أو مبدأ من المبادئ، صائبًا أو خاطئًا من الناحية الأخلاقية.
أما وجهة النظر المسماة مذهب النسبية فتقول: إن الصواب والخطأ كلاهما مرهون بنوعية الثقافة المعنية. فما هو صائب في مجتمع قد يكون خاطئًا في مجتمع آخر. هذه النظرة تعتمد على المجادلة، لذا لا توجد معايير أساسية يمكن بموجبها أن نحكم بأن ثقافة ما، على صواب أو على خطأ. أما النظرية الموضوعية فتدعي أنه توجد معايير موضوعية للصواب والخطأ يمكن اكتشافها وانطباقها على أي إنسان. أما النظرية الذاتية فتقول: إن كل المعايير الأخلاقية ما هي إلا مسائل لها علاقة بالذوق أو الرأي.
علم الجمال. يبحث في الإبداع، وكذا في المبادئ التي يقوم عليها الفن والجمال، كما أنه يدرس أفكارنا ومشاعرنا ومواقفنا حينما نرى ونسمع ونطالع شيئًا جميلاً قد يتمثل في شيء جميل، كالأثر الفني، مثل الرسم أو السيمفونية أو القصيدة، أو غروب الشمس أو غيره من الظواهر الطبيعية. فضلاً عن ذلك، فإن علم الجمال يستقصي الخبرة التي اكتسبها من يمارس بعض الأنشطة المختلفة مثل الرسم بأنواعه المختلفة والتمثيل السينمائي والمسرحي.
يتطابق علم الجمال أحيانًا مع فلسفة الفن التي تبحث دائمًا في طبيعة الفن ومجريات الإبداع الفني وطبيعة التجربة الجمالية ومبادئ النقد. لكن ميادين تطبيق علم الجمال أوسع، حيث تشتمل على الأعمال الفنية التي أبدعها الإنسان، وكذا مظاهر الجمال الملحوظة في الطبيعة.
ندرك علاقة علم الجمال بالأخلاق و الفلسفة السياسية حينما نتساءل: أي دور ينبغي أن يؤديه الفن والجمال في المجتمع، وفي حياة الفرد؟ من بين تلك الأسئلة أيضًا: كيف يمكن تحسين ذوق الإنسان في مجالات الفن؟ وكيف ينبغي أن نعلّم الفنون في المدارس؟ هل للحكومات حق في وضع القيود للتعبير الفني؟
فلسفة اللغة. أصبحت ذات أهمية خاصة في الأعوام الأخيرة؛ فبعض الفلاسفة يؤكدون أن جميع المسائل الفلسفية نابعة من مشكلات لغوية، ويؤكد آخرون أن جميع المسائل الفلسفية ما هي في الواقع إلا مسائل تدور حول اللغة. من بين الأسئلة الأساسية هذا السؤال: ما اللغة؟ لكن توجد أسئلة أخرى حول العلاقات بين اللغة والفكر وبين اللغة والعالم، وكذا أسئلة حول طبيعة المعنى والتعريف.
أثيرت مسألة ما إذا كان من الممكن وجود لغة منطقية، تتصف بالكمال، وتعبر مضامينها عن خصائص العالم الأساسية. هذه المسألة تثير مسائل أخرى حول كفاية اللغة الة لكي تكون أداة للفلسفة. فهذه المسائل كلها تندرج في نطاق فلسفة اللغة التي لها ارتباطات وثيقة مع الفروع الأخرى من الفلسفة.
الفلسفة والميادين الأخرى
من خصائص الفلسفة أن السؤال: ما الفلسفة؟ هو في حد ذاته سؤال فلسفي، لكن السؤال: ما الفن؟ ليس سؤالاً فنيًا بل سؤال فلسفي. نفس الشيء يقال عن الأسئلة الأخرى مثل: ما التاريخ؟ و ما القانون؟ فكل واحد منهما سؤال فلسفي. لذلك فأمثال هذه الأسئلة تنطبق على فلسفة التربية وفلسفة التاريخ وفلسفة القانون وغير ذلك من ميادين العلوم. إن كل واحد من هذه الميادين، يحاول أن يحدد الأسس والمقولات الجوهرية والمناهج الصالحة لمؤسسة ما أولقطاع خاص من الدراسة. لذلك توجد علاقة قوية بين الفلسفة والميادين الأخرى من النشاط. وهذا ما يتضح بالنظر في اثنين من الميادين: 1- الفلسفة والعلم. 2- الفلسفة والدين.
الفلسفة والعلم. إن العلم يدرس الظواهر الطبيعية والظواهر الاجتماعية. لكن العلم لا يدرس العلم في حد ذاته. وعندما يفكر العلم في ذاته، فإنه يتحول إلى ما يسمى فلسفة العلم التي تتناول عددًا من المسائل الفلسفية من بينها: ما العلم؟ ما المنهج العلمي؟ هل الحقيقة العلمية تطلعنا على حقيقة العالم والواقع؟ وما قيمة العلم؟
تولّدت عن الفلسفة عدة ميادين مهمة من العلوم. ولم يكن هناك من تمييز بين العلم والفلسفة إلى نهاية القرن السابع عشر الميلادي. فعلى سبيل المثال، كانت الفيزياء تسمى الفلسفة الطبيعية. بينما كان علم النفس يشكل جزءا مما يسمى الفلسفة الخلقية. أما في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، فقد انفصل علم الاجتماع واللسانيات عن الفلسفة وصارا ميدانين متميزين من العلوم. وكان المنطق دائمًا يعتبر من فروع الفلسفة، لكنه تطور كثيرا، حتى صار يُعد فرعًا من فروع الرياضيات التي هي من العلوم الأساسية.
الفلسفة والعلم يختلفان من عدة وجوه، على سبيل المثال، فقد بلغ العلم الدرجة القصوى في المعرفة الاختبارية بالنسبة للعديد من المواد، واستطاع بالتالي أن يفصل في العديد من الخلافات حولها، عكس الفلسفة. وقد نتج عن ذلك أن الجدل كان دائمًا عن خصائص الفلسفة. على أن العلم والفلسفة يشتركان في هدف واحد مهم: فكل منهما يسعى لاكتشاف الحقيقة، وحل المشكلات وإرضاء غريزة حب الاستطلاع، كما أنهما يثيران المزيد من المسائل والمشكلات، بحيث يجلب كل حلٍّ معه المزيد من المسائل والمشكلات.
الفلسفة والدين. كانت الفلسفة في العصور القديمة نتيجة لتساؤلات متعددة حول طبيعة الحياة والكون والإنسان، وكان بسبب ذلك تأملات في هذه الأمور نمت وتطوّرت حتى أضحت تشكل ما عرف بالفلسفة. وكذلك فقد مازجت هذه التأملات نظرات دينية في عدد من المناطق التي كانت فيها حضارة ما، وقد دارت تلك التساؤلات عن خالق الكون ومسيره وفق نواميس ثابتة، وقد اهتمت الفلسفة في أوروبا في عصورها الوسطى اهتمامًا كبيرًا بموضوع إقامة البرهان على وجود الله سبحانه وتعالى.
أما الدين فهو في الأصل ما أنزله الله على آدم أبي البشر، ثم دخلت عليه شوائب عدة وخرافات وبدع فاختلف الناس شيعًا ومذاهب، وكانوا قبل ذلك أمة واحدة على الدين الحق، فبعث الله الأنبياء والرسل يردونهم إلى الحق ويهدونهم سواء السبيل. وكان محمد – صلى الله عليه و آله و سلم - خاتمهم قال تعالى: ?وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا? يونس: 19 . وقال: ? كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه? البقرة: 213 .
ويرى بعض الفلاسفة أن الهدف الرئيسي للفلسفة ليس اكتساب العلم والمعرفة والعمل بهما فقط بل إن مساعدة الناس لكي يتحملوا متاعب الحياة الدنيا وهمومها وشقاءها هدف رئيسي مهم من أهداف الفلسفة. وفي الواقع لا يستطيع تحقيق هذا الهدف إلا الدين.
ومن هنا كان الفلاسفة الراغبون في تحقيق هذا الهدف يعتمدون على الدين ويتأملون الحقائق الدينية التي يقررها عن الحياة والوجود والمصير.