والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
أعضاء وزوار منتديات الإشراقات العلمية، أسعد الله أوقاتكم بكل خير
التصحيح اللوني يعد مرحلة مهمة في معالجة الصور، فبعد الانتقاء والتأطير والتعديل تأتي عملية تصحيح ألوان الصورة لتبدو بشكل جذاب، فالعديد ممن يلاحظون صوري لا يصدقون أنها ملتقطة بهاتف نقال بسيط، والواقع أن السر يكمن في مرحلة المعالجة التي تعطي بعدا آخرا للصورة، وهذا طبعا لا يعني إهمال فنيات التقاط الصورة الخام كما أشرتُ إليها في دورة التصوير الفوتوغرافي السابقة.
في هذا الموضوع سأتطرق بالشرح والتفصيل لعملية التصحيح اللوني مستخدما مثالا عمليا وأمثلة أخرى من الأنترنت، إذ أن جميع المصورين بما فيهم المحترفون يستعملون اللمسات الأخيرة على صورهم بالبرامج، كما لا يخفى أن التصحيح اللوني لا يقتصر فقط على الصور الفوتوغرافية إنما يتعدى ذلك لصناعة السينما والتلفزيون.
البداية ستكون بمثال تطبيقي لحشرة اليعسوب، وهذه هي الصورة الخام التي التقطتها
فكما ترون، الصورة الأصلية تحتاج إلى تعديلات لونية من أجل إخراجها بالشكل المطلوب، لذلك قمت باستعمال برنامج تحرير ومعالجة الصور الرقمية Photoshop، وهنا أشير إلى أنه تتواجد عشرات البرامج المحترفة في معالجة الصور وتستطيع استعمال أية واحدة منها، ولكن الأشهر فيها على الإطلاق هو الفوتوشوب
عملية التصحيح اللوني تمر بعدة مراحل، وفي مثالنا هذا سأختزلها في مرحلتين، الأولى هي تصحيح الإضاءة، والثانية تصحيح الألوان، لو بدأنا بالمرحلة الأولى فإن الفوتوشوب يوفر خيارات عديدة من أجل تصحيح إضاءة الصورة، إذ يمكن التحكم في التباين والسطوع والظلال والتعريض وخيارات إضافية أخرى، كما يوفر أدوات ممتازة من أجل التعديل عن طريق منحنيات مثلا أو مستويات أو ذبذبات..إلخ، وبعد تعديل الإضاءة أصبحت الصورة كما ترونها
الآن نأتي للمرحلة الثانية والمتعلقة بتصحيح الألوان، وهذه المرحلة لن تحتاج إليها إن كانت صورتك بالأسود والأبيض، ولكن هي مهمة إن كانت الصورة ملونة، نتابع تطبيقنا على المثال السابق، فبعد تصحيح الإضاءة يأتي الدور على الألوان، بحيث يتم التحكم بكل لون على حدة خصوصا الألوان الأساسية RGB (الأحمر والأخضر والأزرق)، وأهم الخيارات في هذه المرحلة هي تعديل درجة اللون كصبغة، أيضا تعديل تشبع اللون، وكذا تعديل مستوى تباين اللون، كما تتواجد خيارات أخرى كإعادة التلوين مثلا واستبدال الألوان أو حذفها، أو عمل مرشحات أو ماسك عليها...إلخ، وبعد عملية تعديل الألوان أصبحت الصورة بالشكل التالي
بعد انتهاء المرحلتين نكون قد وصلنا إلى نتيجة مرضية، فبعد تصحيح الإضاءة وتصحيح الألوان نكون قد أتمننا مثالنا التطبيقي، والنتيجة بين الصورة الأصلية والصورة بعد التصحيح اللوني كما ترون
الفرق واضح، لهذا يعتبر التصحيح اللوني عملية مهمة في معالجة الصورة، والآن لنشاهد معا بعض الصور الأخرى التي وجدتها في الأنترنت والتي توضح أهمية التصحيح اللوني
تجدر الإشارة إلى أن التصحيح اللوني يعتبر فنا، بل مهنة قائمة بحد ذاتها، ولو تحدثنا عن تصحيح ألوان الأفلام مثلا لوجدنا أن هناك فريقا خاصا بالعملية، وفي بعض الأعمال الكبيرة هناك شركات متخصصة تقدم هذه الخدمة، وعلى صعيد الصور الفوتوغرافية لا يقل الأمر شأنا، فالصور الإشهارية الضخمة التي تتواجد في اللافتات أو على العمارات أو... تتطلب فريقا متكاملا من ضمنه من هو مسؤول عن التصحيح اللوني، ولكن نحن كهواة نستطيع تعلم الأساسيات فقط وسنتحصل على نتيجة مرضية.
اليوم أصبحت عملية التصحيح اللوني أكثر بساطة وفي متناول الجميع من خلال التطور الرهيب للبرامج في هذا المجال، فمثلا في الفوتوشوب هناك أدوات كثيرة جدا تعطي نتائج احترافية، كما تستطيع إضافة فلاتر بها قوالب لونية جاهزة كمجموعة Topaz المتخصصة في هذا المجال، أو كفلتر Camera raw الذي اندمج مع الإصدارات الأخيرة للفوتوشوب والذي يقدم خيارات هائلة وجدّ متقدمة للتصحيح اللوني، كما أن إدارة ألوان الصورة أصبحت أكثر مرونة من السابق من خلال القضاء على مشكل تغير الألوان لدى تحويل الصور من نظام RGB إلى CMYK مثلا لتبدو الصور عند طباعتها كما تشاهدها على شاشة الكمبيوتر.
وفي الأخير تذكروا أن عملية التصحيح اللوني ليست من أجل زركشة وزهرشة الصورة، وإنما الهدف منها هي إعطاء الصورة ألوانا قريبة من الحقيقة، أي كما تشاهدها العين المجردة في الواقع، فليس معقولا مثلا أن نصحح لون البشرة إلى الأزرق، أو أن نصحح لون السماء إلى الأخضر، أو نعطي الألوان قوة ونصاعة كبيرة ليست في الواقع، فكل صورة لها تصحيحها الخاص، ولا توجد قيم افتراضية قياسية تطبق على جميع الصور، إنما نقوم بتغيير الإعدادات على الصورة حتى نرضى عن النتيجة النهائية، والألوان نعمة من الله، وهي سر الجمال في هذا الكون، فلنتدبر فيها مليا ولنحمد الله عليها.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك