الوسائل التعليمية و أهميتها
لم يعد اعتماد أي نظام تعليمي على الوسائل التعليمية درباً من الترف ، بل أصبح ضرورة من الضرورات لضمان نجاح تلك النظم وجزءاً لا يتجزأ في بنية منظومتها
ومع أن بداية الاعتماد على الوسائل التعليمية في عمليتي التعليم والتعلم لها جذور تاريخية قديمة ، فإنها ما لبثت أن تطورت تطوراً متلاحقاً كبيراً في الآونة الأخيرة مع ظهور النظم التعليمية الحديثة
وقد مرت الوسائل التعليمية بمرحلة طويلة تطورت خلالها من مرحلة إلى أخرى حتى وصلت إلى أرقى مراحلها التي نشهدها اليوم في ظل ارتباطها بنظرية الاتصال الحديثة Communication Theory واعــتـــمادهـا على مـدخل النظم Systems Approach
وسوف يقتصر الحديث على تعريف للوسائل ودورها في تحسين عملية التعليم والتعلم
تعريف الوسائل التعليمية :
عرفَّ عبد الحافظ سلامة الوسائل التعليمية على أنها أجهزة وأدوات ومواد يستخدمها المعلم لتحسين عملية التعليم والتعلم .
وقد تدّرج المربون في تسمية الوسائل التعليمية فكان لها أسماء متعددة منها :
وسائل الإيضاح ، الوسائل البصرية ، الوسائل السمعية ، الوسائل المعنية ، الوسائل التعليمية ، وأحدث تسمية لها تكنولوجيا التعليم التي تعني علم تطبيق المعرفة في الأغراض العلمية بطريقة منظمة 0
وهي بمعناها الشامل تضم جميع الطرق والأدوات والأجهزة والتنظيمات المستخدمة في نظام تعليمي بغرض تحقيق أهداف تعليمية محددة
أهمية الوسائل التعليمية
قبل أن نتحدث عن أهمية الوسائل التعليمية علينا أن نتعرف على أهداف تكنولوجيا التعليم ، لأن الوسائل التعليمية ما هي إلا عنصر بسيط جداً من عناصر تكنولوجيا التعليم .. إن أهداف تكنولوجيا التعليم تكاد تنحصر في الهدفين التاليين : وهما
الهدف الأول
التعرف على المشكلات التعليمية المعاصرة وإيجاد الحلول المناسبة لها .
الهدف الثاني
تحسين العملية التعليمية .
ومن قراءتنا لتلك الأهداف السامية التي تسعى إلى تحقيقها تكنولوجيا التعليم فإن من السهل التعرف على أهمية الوسائل التعليمية ، فالوسائل التعليمية باعتبارها عنصر من عناصر تكنولوجيا التعليم فإنها تقدم خدمات من أجل تحقيق الهدفين السابقين ومن النقاط الدالة على أهمية الوسائل التعليمية ما يلي : -
1 - بناء وتجسيد المفاهيم والقيم المجردة : فالرموز اللفظية التي يتم تلقينها للطلاب من قبل المعلم تعتبر لهم مفاهيم مجردة لا معنى لها وبعيدة عن الواقع والمحسوس ، وعن طريق توظيف الوسائل التعليمية نستطيع التغلب على ذلك العيب وذلك من خلال تأثير الوسيلة التعليمية على حاسة أخرى من حواس الطالب - مثال ( معلم يشرح لطلابه عن حدود المملكة العربية السعودية باستخدام الرموز اللفظية فقط ، ففي هذه الحالة تعتبر المعلومات مجردة للطلاب ولا شيء محسوس بالنسبة لهم يوضح تلك الحدود وطبيعتها ، ولكن من خلال عرض المعلم لهم مثلاً خارطة مع شرحه اللفظي فإن الوسيلة التعليمية ( الخارطة في هذه الحالة ) قد أثرت على حاسة البصر كحاسة أخرى معاونة مع حاسة السمع وبالتالي نقول أن الخارطة قامت ببناء المفهوم للطلاب عن واقع تلك الحدود وتوضيح معالمها ) .
2 - زيادة انتباه الطلاب وقطع رتابة المواقف التعليمية : إن ما هو معروف لدى علماء النفس التربويين أن التعلم يمر بثلاث مراحل ففي المرحلة الأولى يكون الانتباه وفي المرحلة الثانية يكون الإدراك وفي المرحلة الثالثة يكون الفهم ، وكلما زاد الانتباه زاد الإدراك بالتالي يزيد الفهم لدى الطالب ، والوسيلة التعليمية تساعد المعلم في أن يكون موقفه التعليمي الذي هو بصدده أكثر إثارة وأكثر تشويقاً يؤدي إلى زيادة انتباه الطلاب ويقطع حدة الموقف التعليمي ويمنع شرود ذهن المتعلم .
3 - تقليص الفروق الفردية : عندما لا يستخدم المعلم الوسيلة التعليمية ويعتمد فقط على الرموز اللفظية في شرحه فإن بعض الطلاب يجد صعوبة في مسايرة المعلم أثناء الشرح وبالتالي فإن الفروق بين الطلاب ستزداد لأن منهم من يستطيع المتابعة والفهم والبعض الآخر منهم لا يستطيع المتابعة وعن طريق استخدام الوسيلة التعليمية فإنها تساعدنا على تقليص تلك الفروق الفردية بين الطلاب وسيرتفع معدل فهم كل طالب منهم إلى درجة معقولة وبدرجة أفضل لو قارنا ذلك بدون استخدام الوسيلة التعليمية .
4 - توفير إمكانية تعلم الظواهر الخطرة والنادرة .
5 - التغلب على البعدين الزماني والمكاني .
6 - تنمية الرغبة والاهتمام لتعلم المادة التعليمية .
7 - تقديم حلول لمشكلات التعليم المعاصر : .
8 - توفير الجهد والوقت .
9 - المساعدة على تذكر المعلومات وإدراكها خصوصاً عند استخدام السمع والبصر .
تصنيف الوسائل التعليمية
حاول المختصون على مدى فترات طويلة تصنيف الوسائل التعليمية ، وبالفعل نتج لنا في الميدان العديد من التصنيفات وكان من أهمها تصنيف ادجارديل فهو من أكثر التصنيفات أهمية ومن أهمها انتشاراً وذلك لدقة الأساس التصنيفي الذي اعتمدت عليه العالم ادجارديل وهذا التصنيف يطلق عليه العديد من المسميات فأحياناً يسمى بمخروط الخبرة وأحياناً أخرى يسمى بهرم الخبرة وهناك من يطلق عليه تصنيف ديل للوسائل التعليمية ومنهم من يطلق عليه تصنيف ادجارديل للوسائل التعليمية . عندما نتمعن في تصنيف ادجارديل للوسائل التعليمية نجده وضع الخبرة المباشرة في قاعدة الهرم والتي اعتبرها أفضل أنواع الوسائل التعليمية لأن الطالب فيها يتعامل مع الخبرة الحقيقية التي سيستفيد منها بعض الخبرات بجميع حواسه والتي ستتصرف فيها الخبرة الحقيقية بسلوكها الطبيعي ، ونجد على النقيض من ذلك وفي أعلى الهرم الرموز اللفظية التي فقط تؤثر على حاسة السمع فقط ( فكلما اتجهنا إلى قاعدة المخروط زادة درجة الحسية ، وكلما اتجهنا إلى قمة الهرم ازدادت درجة التجريد ) وهذا ينطبق فقط على مخروط الخبرة .
إن المتأمل في مخروط الخبرة لادجار ديل يلاحظ ثلاثة أنواع من التعليم :
النوع الأول : ما يسمى بالتعليم عن طريق الممارسات والأنشطة المختلفة وهي تشمل في المخروط ( الخبرات الهادفة المباشرة - الخبرات المعدلة - الخبرات الممثلة أو ما تسمى بالممسرحة ) .
النوع الثاني : ما يسمى بالتعليم عن طريق الملاحظات والمشاهدات وهي تشمل في المخروط ( التوضيحات العملية - الزيارات الميدانية - المعارض - التلفزيون التعليمي والأفلام المتحركة - الصور الثابتة - التسجيلات الصوتية ) .
النوع الثالث : ما يسمى بالتعليم عن طريق المجردات والتحليل العقلي وهي تشمل في المخروط ( الرموز البصرية - الرموز اللفظية ) .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ( لماذا لا يتم دائماً توفير الخبرة المباشرة ؟ )
لأن هناك بعض الصعوبات التي قد تعترض المعلم في اختياره لوسيلة تعليمية معينة ، ومن بين تلك الصعوبات ما يلي : -
1 - صعوبة توفر الخبرة المباشرة في جميع الأوقات .
2 - خطورة الخبرة المباشرة .
3 - الخبرة المباشرة باهظة التكاليف .
4 - الخبرة المباشرة نادرة .
5 - الخبرة المباشرة قد تستغرق وقتاً طويلاً .
6 - الخبرة المباشرة قد تحدث نظام عشوائي داخل قاعة الدرس .
7 - صعوبة الاحتفاظ بالخبرة المباشرة .
لذا يلجأ المعلم لمستويات أقل من الخبرة المباشرة ليتدارك تلك الصعوبات ، ولكن دائماً المشاركة الفعالة بين مختلف أنواع الوسائل هي الأجدى والأكثر كفاءة .