التدين الحق بين المظهر والجوهر

لا عدِمنا قلمك عزيزي عبد الصمد، فالذي حسن إسلامه وفهم الدين على حقيقته سيتساوى فيه المظهر والمخبأ، أما الذي حسن مظهره وفسدت سريرته ففيه صفة من صفات النفاق والعياذ بالله، وهم الذين يشوهون صورة الإسلام والتدين، كالرجل الذي يقصر اللباس ويضع السواك ولديه لحية ويلبس قميصا (وكلها مظاهر حسنة تدل على تدين المسلم) ولكنه يسب ويشتم ويطلق لبصره العنان ويذيق أهله وأولاده ألوان الإهانة والإساءة ويجعل مظهره لكسب ثقة الناس في التجارة ثم يخون الأمانة.
ومثله امرأة لبست الحجاب أو النقاب حتى لا يُرى منها شيء (وهو مظهر من مظاهر العفة وامتثال للدين) ثم تجدها تقوم بعلاقات مشبوهة أو تذهب إلى السحرة والعرافين، أو تكون سليطة اللسان على زوجها ولا تحسن تبعله.... فهذه النماذج تجعل غير المسلم ينفر من الإسلام وتجعل بعض المسلمين لا يهتمون بمظاهر التدين بسبب ارتباط منتسبيها بالعديد من المخالفات الشرعية التي تناقض ظاهرهم وتهز ثقة المجتمع فيهم.
أما الذي فسد ظاهره وصلحت سريرته فسيعيش منبوذا بين الناس لا يصدقه أحد، بل وسيعيش صراعا داخليا مع نفسه بسبب مخالفته لبعض قناعاته، ناهيك على نظرة المجتمع له بالتسيب والابتعاد عن الصراط المستقيم مما يجعله كارها للمجتمع ولأحكامه ويرى نفسه مظلوما لأن نيته حسنة وسريرته نقية، ومثله المرأة التي تظهر مفاتنها وتجعل جمالها في متناول العيون ثم تقول أن الإيمان في القلب وأنها أطهر وأشرف من صديقاتها المحجبات التي تعرف عنهن أمورا خطيرا، ثم تجدها في صراع مع أسرتها ومع أقاربها والمجتمع من حولها، وترى أن أحكام المجتمع قاسية بحقها وإذا ما عاكسها أحدهم في الشارع تثور وتسبه وفي أحسن الأحوال تبلع الكلام في صدرها ويضيق قلبها ويتعكر صفوها وتقول بينها وبين نفسها: "لماذا يعاملني الناس هكذا؟".
ومن خلال ما سلف يتبين أنه لا يمكن أن نستغني بالجوهر عن المظهر ولا بالمظهر عن الجوهر فكلاهما وجهان لعملة واحدة.