سجع الكهّان
الشيخ: محمد البشير الإبراهيمي
ويلٌ للعرب، من حبل قد اضطرب، وشرٍّ قد حلّ ولا أقول قد اقترب. قُسم الويل، على العميم والخُويل. فويلٌ للعرب من ملوكهم، وويلٌ للعجم من سلوكهم، وويلٌ للروم من صعلوكهم، جنت على الأصفر ناره، وعلى الأبيض ديناره، وعلى الأسود فدامته واغتراره، وعلى العربي ركْبُه البطيّ، ولسانه النّبطي.
ما أكثر الملوك وأهون العنا، وما أكثر السيوف وأقلّ الغنا، سيوف كالدراهم الزيوف، هذه لا تُقني، وتلك لا تغني، ونعيذ العروبة بالله من ملك لا يدفع، وسيف لا يقطع.
أحاجيكم ولا أناجيكم، مملكة في أفحوص، وعاصمة ليس لها (فحوص)، ودولة بلا صولة، وخزينة من أصفار وخزانة بلا أسفار، وكرسي بلا قوائم وعرش بلا دعائم. عرش كعشّ الحمامة، عُودٌ من غرَب وعود من ثُمامة (الغرَب والثمام: عودان رخوان).
قد لصَّه قعيده في هيعه وناله بالبيع لا بالبيعه
وسيوف مجرَّبة، تخيّرن من يوم “تُرَبَة”، وجيش درّبه الغير، وجرّبه إلاّ في الخير، وبطانة مدّ بها الشّيطان أشْطانَه، وحاشية كالماشية، وأسماء بلا مسمَّيات، ومجازات لا حقائق لها، و(مجازات) كلّها حقائق، وملك يأتمر ولا يحجُّ ولا يعتمر، يَحسُن فيه التّمثيل بملك (التّمثيل). بكت الجلالة منه كما بكى الخزّ من روح، وضاق صدرها بسرّه وشرّه ومَن لها بالبوح؟ عشقها يافعًا، والتمس لوصلها شافعًا، فكان الشّافع عدوّ وطنه وقومه، وظالم أمسه ويومه، فأين يقع هذا من أرض الله؟
فأين عرفتموه فسلوه من ملكه، بعد ما لاكه وعلكه، وفي خرت الإبرة سلكه؟ ومن صيَّره غراب بين، وجالب حَيْن؟ ومن أعجم تعريبَه، وأحكم على الشرّ تدريبَه؟