أطفــــــــــالنــــا وشــــــــاشــــة التلفــــــــاز
للإعلام دور كبير فى تكوين شخصية الطفل والتأثير عليه سلباً أو إيجابا ًفى عصر المعلومات وإنتشار الأطباق الفضائية وذيوع ثقافة الصورة , ولاشك أن الطفل أسبق من غيره فى التعرف وحب الإستطلاع كما أثبتت ذلك كثير من الدراسات العلمية وذلك لرغبته فى أن يكون له صورة مختلفة عن البيئة التى يعيش بداخلها والعالم الذى هو فى محيطه
ولهذه القوة الجامحة المسلّطة من الإعلام على الطفل ولرغبة الطفل للتعرف والإطلاع تكونت علاقة وثيقة بين أطفالنا وشاشة التلفاز والتى تعد من أهم وأبرز مخرجات الإعلام الخطيرة , وهذه العلاقة وإن كان فى تكوينها فائدة كبيرة بالنسبة للإعلام من جهة المورد المالى , ونشر الأفكار والرؤى والتى يتأثر بها فكر المشاهد , وفائدة هى الأقل والأقل جداً للطفل وتكمن فى نضوج فكرة وتنوع ثقافته وتعريفه على عالمه الخارجى
إلا أن الضرر الناتج منها على الطفل كبير جداً وتزداد مساحة ذلك الضرر بإزدياد التوسع الإعلامى الرهيب وتنوع البرامج الخاصة للأطفال , وقدرة أصحاب تلك البرامج فى الخروج بأعمال إبداعية تسحر الباب الأطفال , وتجذب أفئدتهم وتشدهم للمشاهدة ساعات طويلة بدون ملل أو إنقطاع , وتتنوع أضرار شاشة التلفاز وتبعاته السلبية وآثاره الهدامة على أطفالنا بتنوع إهتمامات الأطفال ووضعهم الأسرى والإجتماعى والصحى وسأذكر منها ما يلى :
أولاً ضياع الوقت وإهداره فيما لا ينفع
إنما يعرض عل شاشة التلفاز من برامج الأطفال وما يصاحبها من إغراءات ومغامرات وقصص الخيال وغيرها من ما يسحر عقل الطفل ونظره قد نجحت فى سلب كثير من أوقات الأطفال خاصة فى تلك السنين الأولى التي ينضج فيها عقل الطفل وينمو , وفى دراسة أمريكيه تقول أن الطفل يشاهد التلفاز بمعدل 23 ساعة فى الإسبوع الواحد , وفى دراسة مصرية وجدت أن أطفال مدينة القاهرة يشاهدون التلفاز بمعدل 28 ساعة فى الإسبوع الواحد , وسواء صدقت تلك الإحصائيات أم كان فيها نوعاً من المبالغة إلا إن المهم هو إن شاشة التلفاز فعلاً أخذت من أوقات أطفالنا الشىء الكثير وأصبحوا أسرى لما يبث من مشاهد وبرامج على تلك الشاشة الجذابة , وصار ذلك الوقت مما يحسب سلباً على صحتهم وفكرهم وحياتهم بشكل عام , ونحن بذلك الوضع نشارك فى إيقاع الظلم على أطفالنا وأوقاتهم الثمينة خاصة ونحن نعلم عن قيمة الوقت , وحرص شريعتنا الغراء على الإهتمام به , وأن المؤمن مسئول أمام الله عنه ومجازاً به , فكيف اذاً نربى أطفالنا على هذه القيمة الهدامة وهى " ضياع الأوقات فيما لا ينفع" ونحن نعلم إن أمامهم مستقبل يريد منهم جل أوقاتهم , وأمة ترقب من يتواصل مع منجزاتها ومشاريعها البناءة وقد قيل : " إن الأفضل بناء الطفل بدلاً من إصلاح إنسان "
ثانياً نشوء الأمراض النفسية والجسدية
إن مواجهة الطفل لشاشة التلفاز لأوقات طويلة يعرضه لأمراض نفسية وجسدية متعددة , وتختلف هذه الأمراض بإختلاف مدة مكوث الطفل أمام الشاشة وقربه وبعده منها , وتأثره لما يعرض فيها من عدمه ومن تلك الأمراض حصول القلق والإكتئاب والشيخوخة الكبيرة والتى تنتج من التعرض للموجات الكهرومغناطيسية المنبثقة من شاشة التلفاز إضافة إلى ما يحصل من أضرار جسمية كزيادة الوزن وترهل العضلات وآلام المفاصل والظهر واني أعجب من إهمال كثير من الآباء والأمهات لأبنائهم بجعلهم أسرى لذلك الوحش الذى يأكل من أجسامهم ليل نهار وذلك بجلوسهم الطويل والممل أمام تلك الشاشة الجذابة
ثالثاً زيادة معدل الخوف
وذلك نظراً لزيادة المشاهد المرعبة على شاشة التلفاز ( دماء - جرحى – قتلى – أسلحة - حيوانات مفترسة – أشباح ....الخ ) وكل ذلك يولد لدى الطفل شعور بالخوف المتكرر والدائم أحيانا وينزع منه الأمان الذى يستحق أن يتمتع به , بل هو حق واضح على الوالدين خاصة والمجتمع بشكل عام أن يمنحوه أطفالهم , ومكوث الطفل أمام هذه الشاشة بإستمرار يجعله يُؤمن بطبيعتها وإنها حتمية الحصول فتؤثر على مسيرته المستقبلية وشخصيته القادمة الأمر الذى يصاب من خلال ذلك الشعور بالازدواجية فى الشخصية والعقد النفسية المتكررة وهى تنمى فيهم أيضا الصفات السلبية كالحقد والكراهية وحب الإنتقام
رابعاً فقدان الثقة لدى الطفل
إن الطفل وهو يشاهد تلك الأفلام التى أخذت طابع العنف والإستبداد والقتل والخيانة تكوّن له نظرة سلبية تجاه أسرته ومجتمعه مما يؤدى إلى نزع كل أواصر الثقة وحبال الظن الحسن مع الجميع ويبدأ يتلبس بلباس الشك معهم وهذا يعني أيضا أن كراهيته لكل ما حوله قد تتكون من خلال ذلك الشك والظن السيئ بأفراد مجتمعه , وقد يتسبب الوالدين في حصول ذلك الشعور السىء وهما بذلك يناقضان أهم أعمالهم الموكولة إليهم تجاه التربية ألا وهو بناء الثقة فى نفوس أطفالهم وإشعارهم بأهميتهم , وإبعادهم عن أجواء الشك وإساءة الظن
خامساً من الآثار السلبية لشاشة التلفاز
على أطفالنا تبلد مشاعر الطفل وعدم مبالاته لكل من حوله وعدم الإكتراث بكل ما يقدم له من أهله أو اقرأنه ودوام إحساسه بعدم أهمية ما يُفعل لأجله أو ما يواجهه فى حياته
إن ما يراه الطفل من صور ومشاهد على شاشة التلفاز تساعد على جذب كل حواسه وآلياته ساعات طويلة وعلى فترات مختلفة ومن صور ذلك التبلد وعدم المبالاة عدم سماعه لمناداة والديه له وعدم إحساسه بكل ما يقع حوله أو يتحرك , إضافة إلى عدم إهتمامه بأدواته وأغراضه الشخصية وعدم ترتيبه لها , وفوضويته فى حياته
سادساً لإقدام على تناول التدخين أو المخدرات أو السموم وغيرها
فى كثير من المشاهد التى تعرض وللأسف الشديد تظهر التدخين على أنه حل سريع ومهم للقضاء على المشاكل النفسية والهموم الاجتماعية وهناك أيضاً من المشاهد ما يعرض المخدرات بأنواعها وكيفية بيعها وشراءها وترويجها , وأيضاً كيفية تعاطيها وما يصور من أنّ من يتناولها يعيش فى عالم آخر سعيد وكل تلك المشاهد يتقبلها عقل ذلك الطفل بدون وعى مسبق أو حصانة قبلية أو حتى تحذير أو تعليم من الوالدين يوازى ما يراه الطفل من تلك المشاهد فيحصل ما لا يُحمد عقباه وقد يصبح ذلك الطفل أسيراً للمخدرات والسموم , وقد أثبتت الدراسات أن من أهم طرق الإنحراف لدى الفتين والفتيات فى طريق المخدرات هو شاشة التلفاز وما يعرض فيها