العلم بين عالم صالح وعالم طالح

إن الحمد لله، ولا نحمد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون.
ثم أما بعد:/
إن من كرم المولى عز وجل أن ميز الإنسان بالعقل، ثم فرض عليه طلب العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة". فكان في طلب العلم خدمة للبشرية جمعاء تقوم به حضارات، وتزدهر به ثقافات.
ولكن قيمة العلم تتوقف على العالم نفسه وكذا المجال الذي يستعمل فيه علمه هذا. فمن العلماء من جعل حياة الناس أقرب إلى نعيم مقيم، ومنهم من جعل حياتهم أقرب إلى جحيم وأي جحيم.
فمنهم من استغل علمه لأغراضه الذاتية ولدمار البشرية وللتكبر والتجبر والطغيان وما إلى ذلك من اعمال عنف واستبداد وظلم، ومنهم من سخروا علمهم لخدمة البشرية فكانوا مفاتيح خير على غيرهم قبل أنفسهم.
لكن! ألم يعلم أولئك الذين استغلوا علمهم لتحويل حياة الناس إلى جحيم أن الله سيسألهم عن علمهم وماذا عملوا به؟ ألم يعلموا أن الله الذي أمدهم بذلك العلم قادر على أن يأخذه عنهم؟ "وما ذلك على الله بعزيز"..
فالعلم محصور بين عالم صالح عمل به وعرف به ربه فخشيه حق خشيته، وزاده علمه تواضعا فرفع الله قدره بين العباد، فمثله كمثل سنبلة كلما امتلأت حبا ازدادت انحناءا وتواضعاً،.
وبين عالم طالح زاده علمه تكبرا وبعدا عن ربه، فهو لا يعمل به بقدر ما يفتخر به، ويرى أن الناس كلهم دونه، فمثله كمثل رجل صعد جبلا شامخا، فلما وصل إلى قمته أصبح يرى الناس صغارا كالنمل، ونسي أن أولئك الناس الذين يراهم صغارا، لا يرونه تماما ولا يعلمون حتي بوجوده على قمة الجبل.
ومن الناس من اختلق لجهله أعذارا كأن يقول أحدهم: " إن كنت سأكسب علماً ولا أعمل به فخير لي ألا أكسبه" فيبقى ذلك الشخص يتخبط في ظلمات جهله، أو أن يقول أحدهم : "أنا أكبر منه - يقصد الذي يريد أن يأخذ العلم من عنده - فلما يجدر بي أن أتعلم عنه فيصير هذا الآخر ضحية لتكبره. ولا أرى ذلك النوع من الناس إلا كذلك الرجل الجاهل الذي تزوج بامرأة فأنجبت له بعد ثلاثة أشهر فهم بطلاقها، فسألته المرأة قائلة: بالله عليك كم مر على زواجنا؟ فأجاب الجاهل: ثلاثة أشهر، فسألته أخرى: وكم مر على زواجك بي؟ فقال الجاهل: ثلاثة أشهر، فسألته ثالثة: وكم مر على زواجي بك؟ فقال الجاهل: ثلاثة أشهر، فقالت المرأة: إذن الثلاثة والثلاثة والثلاثة تساوي تسعة أشهر، فاجابها الجاهل الذي راح ضحية جهله: "صدق من قال أن العلم نور"...
* فيا أيها العالم:
- اعلم أن أي علم لم يترجمه صاحبه إلى عمل فهو رد عليه.
- واعلم أن علمك يجب أن يزيدك خشية وتواضعا إلى الله، قال تعالى: " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ" الآية.
- واعلم أن أي علم تستغله في غير مرضاة ربك ستحاسب عليه.
* أما أنت أيها الجاهل:
- اعلم أن العلم يزيدك رفعة بين العباد وعند رب العباد. قال تعالى: " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" الآية.
- واعلم أن الجاهل يبقى يتخبط في جهله و يكون ضحية له، بينما العالم ينقذه علمه ويبقيه متميزا عن الآخرين، قال تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" الآية.
وفي الأخير أقول أن طلب العلم قد تكون فيه مشقة، وقد يظن الجاهل لجهله أنه في راحة ونعيم
العلم بين عالم صالح وعالم طالح 11910288948826

.
قال الشاعر: ذو العلم يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
العلم بين عالم صالح وعالم طالح 11910288948826

موضوع في غاية الروعة اشكرك عليه استاذ
وبكل اسف اقول ما قاله الشاعر :
هذه معجزة العلم التي...فضحت بالجهل من كان عليما
نشا العلم ملاكا طاهرا ....واستحال اليوم شيطانا رجيما
اما عن اولئك الجاهلون فاذكرهم بحديث النبي ( ص) : "" اغدوا عالما او متعلما او محبا او مستمعا ولا تكن الخامس فتهلك"" والخامس هو المتكبر

موضوع قيم شيخ معتصم مزيدا من التالق

شكر الله لك سعيك ووفقك وسدد خطاك
مقالك جميل ورائع يستحق التتويج بجائزة أحسن مقال

بارك الله فيك اخي الشيخ والله مقال جميل فعلا فالعالم سلاحه علمه ان انتفع به وغيره منه نجا وان اساء به لنفسه ولغيره هلك

شكرا لك اخي الشيخ وتقبل مروري

» كيف تفوزين بزوج صالح
» سال عالم تلميذه
» قوانين الفيفا في صالح المنتخب الوطني
» وزير التضامن الوطني مطلوب في عين صالح
» انسان من عالم النسيان ..