المعلوماتية و الإعلام و الاتصال

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
خلال اطلاعي على بعض المقالات ضمن شبكة الإنترنت وجدت هذا المقال الذي يتمحور موضوعه حول علاقة المعلوماتية بالإعلام و الاتصال، و رأيت بأنه موضوع يستحق القراءة لهذا قررت إدراجه في منتدانا علكم تستفيدون منه

توقع الباحث المغربي المهدي المنجرة في نهاية ثمانينات القرن الماضي، أن الاقتصاد العالمي المتعلق بالمعلوماتية والاتصال والناتج عنهما سيحتل المرتبة الأولى في أولويات الاقتصاد العالمي قبل عام 2010، وسيتغلب على الاقتصاد الناتج عن تجارة السلاح، ويزاحم إنتاج البترول، ولعل المهدي المنجرة هو من أوائل الباحثين في العالم الذي نشر هذه المعلومات علناً (نشرها في الصحافة أولاً ثم في كتاب بعد ذلك).
ولاقت أفكاره تلك، تشكيكاً لافتاً على نطاق واسع، إذ كان من الصعب أن يتصور المرء في ذلك الوقت(ولم تكن الحرب الباردة قد انتهت بعد) أن تطور وسائل المعلوماتية والاتصال، سيكون عاملاً حاسماً في قيام اقتصاد جديد، يلعب دوراً رئيساً في الدخل القومي العالمي، إن لم يكن الدور الرئيس، وأن يصبح الأداة الكبرى لاستخدام (التكنولوجيا المتطورة) ومنتجاتها ويهيئ لها ظروفاً تلعب دوراً استثنائياً في بناء الاقتصاد العالمي.
وأذكر أن كثيرين من الباحثين بل والعلماء كتبوا في الصحف العالمية والعربية أيضاً، معتبرين أن هذه الأفكار مبالغ فيها، وأصر معظمهم على أن أفكار المهدي المنجرة هي في الواقع أوهام لا يمكن أن تتحقق، ورؤى باحث عالمثالثي متعجل، وليس لها مصداقية كافية.
لعب الاتصال دوراً هاماً في تشكيل الوعي الفردي (والجماعي أيضاً) وأصبح مع غيره من العوامل والوسائل صاحب الدور الأول في هذا المجال، وما أن تحققت ثورة المعلومات، حتى تفجرت معها وسائل الحصول على المعرفة وانتشارها، وتطورت الصحافة وأساليبها وتأثيراتها، وتغير مفهوم الأيديولوجيا (ونُحيت جانباً) كما تغيرت مفاهيم البشر المتعلقة بالسلطة والدولة والحرية والعدالة والمساواة، والموقف من القيم والتقاليد، وتولدت أنماط سلوك جديدة.
ووسائل تعبير مختلفة، مع انتشار القنوات الفضائية والشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) والبريد الإلكتروني، ثم وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك واليوتيوب)، حتى غدا للإعلام والاتصال دور هام في رسم بني المجتمع، وتطوير أساليب التواصل بين البشر تطويراً نوعياً، فضلاً عن تأثير ذلك على أشكال التجمعات الإنسانية ومضمونها، المنظمة وغير المنظمة.
وصار بالإمكان إبلاغ ملايين الناس بالمعلومات خلال ثوان، أو الطلب منهم القيام بعمل ما (بما في ذلك التهيئة للثورة على واقع محدد وإعلانها وإدارتها) وغدا للقنوات الإعلامية الفضائية بما تستخدم من صور وأساليب إنتاج للأخبار والمواضيع الإنسانية تأثير طاغ، وهكذا تغيرت أسليب التخاطب والتجمع.
وتشكيل الأحزاب أو التيارات السياسية وأشكال نشاطها، وغدت وسائل الاتصال والإعلام هذه، تمتلك الوسيلة الأقوى لنقد الأنظمة السياسية، أو توجيه الرأي العام أو إعلان الثورة، وفي المساهمة في التنمية المستدامة متعددة الجوانب.
وهكذا، لم يعد تفجر المعلومات والاتصال والإعلام وصناعاتها يلعب دوراً إعلامياً وسياسياً ويساهم في تشكيل وعي الفرد وبناء المجتمعات ورسم ملامح تطورها فقط، وإنما أيضاً أخذ يلعب دوراً اقتصادياً يحتل جانباً هاماً من الدخل القومي، وغدت الصناعات الدقيقة وجلها صناعات اتصالية وإعلامية، تدر ثروة على مالكيها، وتقول الأرقام أن تصدير إسرائيل من الصناعات الدقيقة مثلاً يزيد سنوياً على ثلاثة عشر مليار دولار، وكلها صناعات ذات علاقة بالمعلوماتية والاتصال .
رغم الحذر الشديد من النتائج السلبية التي تنجم عن استخدام المجتمعات الفقيرة والمتخلفة للمنتجات الصناعية الدقيقة، ورغم الخلافات الحادة حول الحاجة إليها من عدمها في هذه المجتمعات، وتأثيراتها المحتملة على انتشار التقاليد الاستهلاكية في مجتمعات متخلفة بما يتناقض خاصة مع الدخل الفردي ومرحلة التطور، فمن المؤكد أن هذه المنتجات أثرت تأثيراً غير محدود في تشكيل حاضر المجتمعات ومستقبلها، وتحفيزها على الانتفاضة والثورة، وهذا ما شهدناه منذ أول العام الحالي في البلدان العربية.
لقد أدت وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك، واليوتيوب) دوراً عجزت الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، وجماهير المناضلين السياسيين، والفلاسفة والقادة وغيرهم عن تأديته، فباستخدام هذه الوسائل استطاع بضعة أفراد أن يتواصلوا مع عشرات الألوف بل مئات الألوف، وان يثيروا فيهم الحمية وروح التمرد، ويحرضوهم على عمل ما (من الاحتجاج إلى الثورة).
وهذا ما شهدناه في تونس بعد حادثة (بو عزيزي) وفي مصر عندما طلبت مجموعة من الشباب من الناس أن يجتمعوا في ميدان التحرير محتجين، وما لبث الاحتجاج أن تحول إلى ثورة، بعد أن تطورت أهدافه وازداد عدد المشاركين فيه، والوسيلة نفسها استخدمها يمنيون وسوريون ليقوموا بانتفاضتهم.
ولابد من التأكيد على أن نتائج استخدام وسائل الاتصال الحديثة لم تكن لتصل إلى مثل هذه النتائج، لو لم تتوفر الشروط الموضوعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتنضج كمقدمات ضرورية للتغيير، حتى أصبح يحتاج لشرارة لينفجر، وهذا ما فعلته وسائل الاتصال الحديثة، التي لم تخلق الوعي وحدها، ولم تولده من عدم، إنما ساعدت في خلقه وأعطت إشارة الانطلاق، بل شرارة الانطلاق، وأبقت الشعلة مرفوعة مضيئة، وزودتها بشروط الاستمرار.
من البديهي القول، أن تفجر المعلوماتية والاتصال هذا سيضاعف، في الوقت نفسه، قوة مالكي وسائل الاتصال، وسيعطيهم القدرة على التلاعب بعقول البشر، ويحول مفهوم العولمة التي نشهدها إلى مفهوم آخر يخدم المالكين وحدهم، ويجعلها (أي العولمة) كارثة على الشعوب إن تُركت لهؤلاء، خاصة في مجال الاختراق الثقافي والقيمي.
وفي نشر تقاليد الحياة الاستهلاكية، وبالتالي منح المالكين إمكانية الهيمنة على العالم بقبضة حديدية أساسها وسائل الاتصال وما تملك من معارف وأساليب إقناع وتشكيل وعي يوصل إلى سلوك بشري جديد، وكأن البشر رجال آليون متماثلون أنتجهم معمل واحد.

كاتب المقال: حسين العودات

تقبلوا تحياتي الخالصة

مقال رائع سيدي المدير يعكس مدى تطور المعلوماتية والإتصال في الاعوام الأخيرة وهذا ما ينعكس تمامآ على تطور الإقتصاد العالمي و انتشار الثقافة والوعي
شكرآ على المقال

مقال في القمة بارك الله فيك

ونناشد الاعضاء الكرام قرائته بتمعن

السلام عليكم
وتبقـى الوسائط الاتصالية من اكبر الوسائل تاثيرا في حياتنا ومن كل الجوانب
مشكور اخي على الاختيار الجميل

youcef bouhasi كتب:: مقال رائع سيدي المدير يعكس مدى تطور المعلوماتية والإتصال في الاعوام الأخيرة وهذا ما ينعكس تمامآ على تطور الإقتصاد العالمي و انتشار الثقافة والوعي
شكرآ على المقال

السلام عليكم و رحمة الله

بل ردك هو الرائع أخي youcef bouhasi
و قولك بأن تكنلوجيا المعلومات و وسائل الاتصال هي المسؤولة الأولى تطور مختلف ميادين الحياة الإقتصادية العالمية أمر صائب

شكراً على مرورك العطر

medabdoula كتب:: مقال في القمة بارك الله فيك

ونناشد الاعضاء الكرام قرائته بتمعن

جزاك الله خيرا على ردك الجميل أخي

» المعلوماتية
» قرصنة المعلوماتية في الجزائر
» الحرب المعلوماتية ..... صراع من أجل السيطرة
» المعلوماتية في خدمة التعليم والتعلم
» السلامة المعلوماتية او الاجرام الصيبرني