منتدى الإشراقات العلمية
مذكرة موقعة صفين 2510
أهلا و سهلا بك عزيزي الزائر ، إذا كنت عضوا فالرجاء الدخول باسم حسابك ، أما إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى فيمكنك التسجيل معنا أو زيارة القسم الذي ترغب في الإطلاع على مواضيعه، كما بإمكانك إضافــة اقتراحات و توجيهات و أنت زائر من خلالــ : منتدى آراء و إقتراحات الزوار. نتمنى لك إقــامة ممتعة، فحللتم أهـــلا و نزلتمـ سهـــــلا.
مذكرة موقعة صفين 13400110
منتدى الإشراقات العلمية
مذكرة موقعة صفين 2510
أهلا و سهلا بك عزيزي الزائر ، إذا كنت عضوا فالرجاء الدخول باسم حسابك ، أما إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى فيمكنك التسجيل معنا أو زيارة القسم الذي ترغب في الإطلاع على مواضيعه، كما بإمكانك إضافــة اقتراحات و توجيهات و أنت زائر من خلالــ : منتدى آراء و إقتراحات الزوار. نتمنى لك إقــامة ممتعة، فحللتم أهـــلا و نزلتمـ سهـــــلا.
مذكرة موقعة صفين 13400110
منتدى الإشراقات العلمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


البوابة الإلكترونية لمدينة أولف - صوت مدينة أولف
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» مجلة المنتدى الإلكترونية (النبراس) في عددها السادس
مذكرة موقعة صفين I_icon10الجمعة 1 سبتمبر 2023 - 11:22 من طرف ismainame

» تداعيات جائحة كورونا على حرّية الصّحافة: تجاوز العوارض المؤقّتة لتقييد النّشاط الصّحفي والإعلامي
مذكرة موقعة صفين I_icon10الأربعاء 26 أكتوبر 2022 - 23:30 من طرف DahmaneKeddi

» وقفة مهمّة عند آخر الإختراعات التّقنية لشركة Apple
مذكرة موقعة صفين I_icon10الجمعة 11 مارس 2022 - 10:51 من طرف DahmaneKeddi

» مواقيت الصلاة لشهر رمضان المبارك 1441هـ حسب مدينة أولف وضواحيها
مذكرة موقعة صفين I_icon10الأحد 26 أبريل 2020 - 20:41 من طرف DahmaneKeddi

» هنيئا لنا ولكم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
مذكرة موقعة صفين I_icon10الجمعة 24 أبريل 2020 - 23:06 من طرف DahmaneKeddi

» أعراض نقص فيتامين سي في الجسم
مذكرة موقعة صفين I_icon10الإثنين 21 يناير 2019 - 19:59 من طرف DahmaneKeddi

» مستجدات السنة الخامسة"الجيل الثاني"
مذكرة موقعة صفين I_icon10الأحد 23 سبتمبر 2018 - 23:43 من طرف تواتي عبد الحميد

» تمارين في الدوال الأسية و اللوغارتمية
مذكرة موقعة صفين I_icon10الجمعة 21 سبتمبر 2018 - 16:57 من طرف aek1000

» تهنئة لكم بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك
مذكرة موقعة صفين I_icon10الأربعاء 22 أغسطس 2018 - 21:29 من طرف DahmaneKeddi

» تعزية لعائلة البوكادي على إثر وفاة فقيدهم الطالب أحمد بن محمد عبد الله
مذكرة موقعة صفين I_icon10الأربعاء 18 يوليو 2018 - 18:53 من طرف DahmaneKeddi

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
DahmaneKeddi
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
المتميز
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
keddi1990
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
دمعة قلم
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
@عمر@
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
B.Adel
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
FAKKI
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
LMDLAMINE
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
djalloul-88
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
sam.sim
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap2مذكرة موقعة صفين Voting_barمذكرة موقعة صفين Vote_lcap2 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5047 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Ayoub Pho فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 55279 مساهمة في هذا المنتدى في 8957 موضوع
تصويت
هل توافق على سياسة التقشف في الجزائر؟
نعم، أوافق
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap220%مذكرة موقعة صفين Vote_lcap2
 20% [ 87 ]
لا أوافق
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap267%مذكرة موقعة صفين Vote_lcap2
 67% [ 286 ]
بدون رأي
مذكرة موقعة صفين Vote_rcap213%مذكرة موقعة صفين Vote_lcap2
 13% [ 57 ]
مجموع عدد الأصوات : 430
مجلة النبراس (العدد السادس)
خدمـات إعلامية
مذكرة موقعة صفين 1410


صفحتنا على الفيس بوك
للتواصل مـعــنا عبر صفحة منتدانا في الفيس بـوك

مذكرة موقعة صفين 1210

 اضغط على الزر أعجبني


مواقع البريد الإلكتروني
احداث منتدى مجاني
 
احداث منتدى مجاني
 
احداث منتدى مجاني
 
احداث منتدى مجاني
أهم الصحف الوطنية
 
 
 
الساعة الآن
Powered by phpBB2®Ahlamontada.com
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة تراقة
Copyright © 2008-2017
المشاركات التي تدرج في المنتدى لاتعبر عن رأي الإدارة بل تمثل رأي أصحابها فقط
احداث منتدى مجّاني

 

 مذكرة موقعة صفين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kina abdelhamid
عضو جديد
عضو جديد
kina abdelhamid


عدد الرسائل : 15
نقاط التقييم : 15
تاريخ التسجيل : 06/11/2011

مذكرة موقعة صفين Empty
مُساهمةموضوع: مذكرة موقعة صفين   مذكرة موقعة صفين I_icon10الجمعة 10 أغسطس 2012 - 10:32

المبحث الأول : مقدمات
وأسباب معركة صفين


-/1 مكان صفين :
موضع
بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربىِ بين الرَقة وبالس
.
وهي
صحراء ذات كدى وأكمات، وبها كانت الوقيعة العظيمة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما
، في غرة صفر سنة 37هـ والتي جاء فيها الحديث المتفق على صحته: "لا تقوم
الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة" ،
وقُتل في الحرب بينهما سبعون ألفاً، منهم من أصحاب علي خمسة وعشرون ألفاً ومن
أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفاً، وقُتل مع علي خمسة وعشرون صحابياً بدرياً ، وكان
معه منهم سبعون رجلاً، وممن بايع تحت الشجرة سبعمائة، وما لا يحصى من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم ومن خيار التابعين، وكان مع علي رضي الله عنه رايات رسول
الله صلى الله عليه وسلم التي كان يغزو بها، وقد شكك البعض بأنه لم يشهد مع علي من
أهل بدر غير خزيمة بن ثابت، وهو قول مردود عليه، فإن من أهل بدر عمار بن ياسر رضي
الله عنه وقد قتل معه، وبه عرفت الفئة الباغية في قوله صلى الله عليه وسلم لعمار
في حفر الخندق: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية
.[1]

2/-.أسباب المعركة:

شكل
استشهاد الخليفة عثمان رضي الله عنه صدمة كبيرة للمسلمين، فانطلقت الأصوات تطالب
بالثأر من قتلة الخليفة عثمان، فخرج النعمان بن بشير ومعه قميص عثمان مضمخ بدمه،
ومعه أصابع نائلة التي أصيبت حين دافعت عنه بيدها، فقطعت مع بعض الكف فورد به على
معاوية بالشام، فوضعه معاوية على المنبر ليراه الناس، وعلق الأصابع في كم القميص،
وندب الناس إلى الأخذ بهذا الثأر والدم وصاحبه، فتباكى الناس حول المنبر، وجعل
القميص يرفع تارة ويوضع تارة، والناس يتباكون حوله سنة، وحث بعضهم بعضا على الأخذ
بثأره، وقام في الناس معاوية وجماعة من الصحابة معه يحرضون الناس على المطالبة بدم
عثمان، ممن قتله من أولئك الخوارج: منهم عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء.
.

كان معاوية بن أبي سفيان والياً على الشام في
عهد عمر وعثمان –رضي الله عنهما، ولما تولى عليّ الخلافة أراد عزله، وتولية سهل بن
حنيف بدلاً منه، إلا أنه ما كاد سهل يصل مشارف الشام حتى لقيته خيل معاوية عليها
حبيب بن مسلمة الفهري، فقالوا له: إن كان بعثك عثمان فحيهلا بك، وإن كان بعثك غيره
فارجع، فرجع .


لقد امتنع معاوية وأهل الشام عن البيعة ورأوا أن
يقتص علي من قتلة عثمان ثم يدخلون البيعة، وقالوا: لا نبايع من يؤوى القتلة,
واستشهد معاوية ومعسكره بأحاديث وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها: عن
النعمان بن بشير، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه، فقال: "يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك
قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني " .


وهناك حديث آخر له تأثيره في
طلب معاوية القود من قتلة عثمان وكان منشطًا ودافعًا قويًا للتصميم على تحقيق
الهدف، وهو: عن النعمان بن بشير عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لعثمان
: "يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصًا، فإن أرادك المنافقون
على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني" ثلاثًا، فقال لها النعمان بن بشير: يا أم
المؤمنين فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله ما ذكرته ،قال: فأخبرتُه معاوية بن أبى
سفيان فلم يرضَ بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إليّ به، فكتبتْ
إليه به كتابًا


بعث الإمام علي رضي الله عنه كتباً كثيرة إلى معاوية رضي الله عنه، ولم يرد
عليها، واستمر ذلك الأمر إلى الشهر الثالث من مقتل عثمان، ثم بعث معاوية رسالة مع
رجل، فدخل به على عليّ فقال له عليّ: ما وراءك؟ قال: جئتك من عند قوم لا يريدون
إلا القود، كلهم موتور، تركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان، وهو على منبر
دمشق، فقال علي: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان. ثم عزم الإمام عليّ على قتال
أهل الشام، فكتب إلى قيس بن سعد بمصر يستنفر الناس للقتال، وإلى أبي موسى الأشعري
بالكوفة، وبعث إلى عثمان بن حُنيف بذلك، وخطب الناس فحثهم على ذلك، وعزم على
التجهز، وخرج من المدينة، ورتّب الجيش، فدفع اللواء إلى محمد بن الحنفية، وجعل ابن
عباس على الميمنة، وعمر بن أبي سلمة على الميسرة، وقيل: جعل على الميسرة عمرو بن
سفيان بن عبد الأسد، وجعل على مقدمته أبا ليلى بن عمر بن الجراح، واستخلف على
المدينة قثم بن العباس، إلا أن ظروف معركة الجمل أعاقته عن قتال أهل الشام[2]



3/- كتاب
علي رضي الله عنه الى معاوية :



تناول معاوية كتاب علي رضي الله عنه من جرير[3] فقراه
،وهذا هو نصه :



) بسم الله الرحمن الرحيم . من عبد الله علي امير المؤمنين الى
معاوية ابن ابي سفيان .



اما بعد : فقد لزمك ومن قبلك من المسلمين بيعتي ، وانا
بالمدينة و انتم بالشام ,لانه بايعني الذين بايعوا ابا بكر وعمر وعثمان رضي الله
عنهم ،فليس للشاهد ان يختار ،ولا للغائب ان يرد ،وانما الامر في ذلك للمهاجرين
والانصار. فاذا اجتمعوا على مسلم فسموه اماما ،كان ذلك لله رضى. فان خرج من امرهم
احد بطعن فيه ،او رغبة عنه رد الى ما خرج منه . فان ابي قاتلوه على اتباعه غير
سبيل المؤمنين ،وولاه الله ما تولى ويصله جهنم وساءت مصيرا . فادخل فيما دخل فيه
المهاجرون و الانصار ، فان احب الامور فيك وفي من قبلك العافية . فان قبلتها و الا
فاذن بحرب ، وقد اكثرت في قتلة عثمان ،فادخل فيما دخل فيه الناس ،ثم حاكم القوم
الي احملك واياهم على مافي كتاب الله وسنة نبيه . فاما تلك التي فانما هي خدعة
الصبي عن الرضاع
(
[4]



4/- استدعاء الاشتر
الى الانضمام الى زياد وشريح:



وعلى ذلك ارسل علي رضي الله عنه الى الاشتر،فقال : يا مالك
ان زيادا وشريحا ارسلا الي يعلماني انهما لقيا ابا الاعور السلمي في جمع من اهل
الشام وانباني الرسول انه تركهم متوقفين فالنجاء الى اصحابك النجاء ،فاذا قدمت
عليهم فانت عليهم و اياك ان تبدا القوم بقتال الا ان يبداوك حتى
تلقاهم فتدعوهم و تسمع . ولا يجرمنك شنآنهم [5] على
قتالهم قبل دعائهم والاعذار اليهم مرة بعد مرة.و اجعل ميمنتك زيادا وعلى ميسرتك
شريحا وقف من اصحابك وسطا ،ولا تدن منهم دنو من يريد ان ينشب الحرب ولا تباعد منهم
نعد من يهاب إلباس حتى أقدم عليك فاني حثيث السير في إثرك إن شاء الله .وكان
الرسول الحارث بن جمهان الجعفي فكتب علي الى زياد وشريح :«اما بعد فانب قد امرت
عليكما مالكا فاسمعا له و اطيعا ،فانه ممن
لا يخاف لا رهقه [6] ولا سقاطه [7] و
لا بطؤه عما الاسراع اليه احزم .ولا الاسراع الى ما البطاء عنه امثل ،وقد امرته
بمثل الذي كنت امرتكما ب هالا يبدا القوم حتى يلقاهم فيدعوهم و يعذر
اليهم » [8]



5/- توجه الامام علي الى الشام :
أرسل
الإمام علي إلى معاوية رضي الله عنهما يدعوه إلى بيعته، حيث عرض جرير بن عبد الله
أن يتوسط بين الطرفين، فقال جرير بن عبد الله: أنا أذهب إليه يا أمير المؤمنين فإن
بيني وبينه وداً، فآخذ لك منه البيعة، فقال الأشتر
: لا
تبعثه يا أمير المؤمنين فإني أخشى أن يكون هواه معه، فقال علي: دعه، وبعثه وكتب
معه كتاباً إلى معاوية يعلمه باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته، ويخبره بما
كان في وقعة الجمل، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس، فلما انتهى إليه جرير
بن عبد الله أعطاه الكتاب فطلب معاوية عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام فاستشارهم
فأبوا أن يبايعوا حتى يقتل قتلة عثمان، أو أن يسلم إليهم قتلة عثمان، وإن لم يفعل
قاتلوه ولم يبايعوه حتى يقتل قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فرجع جرير إلى علي
فأخبره بما قالوا، فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين ألم أنهك أن تبعث جريراً؟ فلو
كنت بعثتني لما فتح معاوية باباً إلا أغلقته، فقال له جرير: لو كنت لقتلوك بدم
عثمان، فقال الاشتر: والله لو بعثتني لم يعيني جواب معاوية ولأعجلنه عن الفكرة،
ولو أطاعني قبل لحبسك وأمثالك حتى يستقيم أمر الأمة، فقام جرير مغضباً وأقام
بقرقيسيا، وكتب إلى معاوية يخبره بما قال وما قيل له، فكتب إليه معاوية يأمره
بالقدوم عليه
.

جهّز
أمير المؤمنين علي جيشاً ضخماً اختلفت الروايات في تقديره، فقيل كان علي في تسعين
ألفاً وكان معاوية في مائة وعشرين ألفاً، وقيل كان علي في مائة وعشرين ألفاً
ومعاوية في تسعين ألفاَ وهذا أصح، وكان مكان تجمع جند علي بالنخيلة وهو على بُعد
ميلين من الكوفة، فتوافدت عليه القبائل من نواحي العراق، وبعث أمير المؤمنين علي
من النخيلة زياد بن النضر الحارثي طليعة في ثمانية آلاف مقاتل، وبعث شريح بن هانئ
في أربعة آلاف، ثم خرج علي بجيشه إلى المدائن، فانضم إليه فيها المقاتلة وولى
عليها سعد بن مسعود الثقفي، ووجه منها طليعة في ثلاثة آلاف إلى الموصل، وسلك رضي
الله عنه طريق الجزيرة الرئيسي على شط الفرات الشرقي حتى بلغ قرقيسياء ، فأتته
الأخبار بأن معاوية قد خرج لملاقاته وعسكر بصفين، فتقدم علي إلى الرقة، وعبر منها
الفرات غرباً ونزل على صفين
.[9]



6/- خروج معاوية إلى صفين:

كان
معاوية جاداً في مطاردة قتلة عثمان، فقد استطاع أن يترصد بجماعة ممن غزوا المدينة
من المصريين أثناء عودتهم وقتلهم، ومنهم أبو عمرو بن بديل الخزاعي ، ثم كانت له
أيد في مصر، وشيعة في أهل "خربتا" تطالب بدم عثمان، وقد استطاعت هذه
الفرقة إيقاع الهزيمة بمحمد بن أبي حذيفة في عدة مواجهات عام 36هـ، كما استطاع
أيضاً أن يوقع برؤوس مدبري ومخططي غزو المدينة من المصريين، مثل عبد الرحمن بن
عديسي، وكنانة بن بشر، ومحمد بن حذيفة فحبسهم في فلسطين، وذلك في الفترة التي سبقت
خروجه إلى صفين، ثم قتلهم في شهر ذي الحجة عام 36هـ ، وعندما علم معاوية بتحرك جيش
العراق جمع مستشاريه من أعيان أهل الشام، وخطب فيهم وقال: إن علياً نهد إليكم في
أهل العراق. وكان أهل الشام قد بايعوا معاوية على الطلب بدم عثمان، والقتال. وقد
قام عمرو بن العاص بتجهيز الجيش وعقد الألوية، وقام في الجيش خطيباً يحرضهم، فقال:
إن أهل العراق قد فرقوا جمعهم وأوهنوا شوكتهم، وفوا حدهم، ثم إن أهل البصرة
مخالفون لعلي قد وترهم وقتلهم، وقد تفانت صناديد أهل الكوفة يوم الجمل، وإنما سار
في شرذمة قليلة، ومنهم من قد قتل خليفتكم، فالله الله في حقكم أن تضيعوه، وفي دمكم
أن تبطلوه
.

وسار
معاوية في جيش ضخم، اختلفت الروايات في تقديره، وكلها روايات منقطعة أسانيدها، وهي
الروايات عينها التي قدرها جيش علي، فقدر بمائة ألف وعشرين ألفاً ، وقدر بسبعين
ألف مقاتل، وقد بأكثر من ذلك بكثير ، إلا
أن الأقرب للصواب أنهم ستون ألف مقاتل، فهي وإن كانت منقطعة الإسناد إلا أن راويها
صفوان بن عمرو السكسكي، حمصي من أهل الشام ولد عام (72هـ)، وهو ثبت ثقة، وقد أدرك
خلقاً ممن شهد صفين، والإسناد إليه صحيح
.

وبعث
معاوية مقدمة جيشه بقيادة أبي الأعور السلمي إلى صفين، فعسكر هناك في سهل فسيح،
إلى جانب شريعة في الفرات، ليس في ذلك المكان شريعة غيرها، وجعلها في حيزه [10].



المبحث الثاني : تفاصيل
ا لمعركة



1/- نشوب
الحرب :



خرج الاشتر حتى قدم ،فاتبع ما امره علي و كف عن القتال فلم
يزالوا متواقفين
،حتى اذا كان عند المساء حمل عليهم ابو الاعور السلمي فثبتوا له
واضطربوا ساعة ، ثم ا ناهل الشام انصرفوا ، ثم خرج اليهم من الغد هاشم بن عتبة
الزهري في خيل و رجال حسن عددها و عدتها ، وخرج اليه ابو الاعور فاقتتلوا يومهم
ذلك ،تحمل الخيل على الخيل و الرجال على الرجال وصبر القوم بعضهم لبعض ، ثم
انصرفوا وحمل عليهم الاشتر فقتل عبد الله ابن المنذر التنوخي . قتله ظبيان بن
عمارة التميمي . وما هو الا فتى حدث وان كان التنوخي لفارس اهل الشام . و اخذ
الاشتر يقول :و يحكم
!اروني ابا الاعور . ثم ان ابا الاعور
دعا الناس فرجعوا نحوه فوقف من وراء المكان الذي كان فيه اول مرة.



وجاء الاشتر حتى صف اصحابه في المكان
الذي كان فيه ابو الاعور فقال الاشتر لسنان بن مالك النخعي . انطلق الى ابي الاعور



فادعه الى المبارزة. [11]






2/-التنازع
على الماء:



وصل جيش علي إلى
صفين، حيث عسكر معاوية، ولم يجد موضعاً فسيحاً سهلاً يكفي الجيش، فعسكر في موضع
وعر نوعاً ما؛ إذ أغلب الأرض صخور ذات كدى وأكمات

فوجئ
جيش العراق بمنع جيش معاوية عنهم الماء، فأسرع البعض إلى على رضي الله عنه يشكون
إليه هذا الأمر، فأرسل على إلى الأشعت بن قيس فخرج في ألفين ودارت أول معركة بين
الفريقين انتصر فيها الأشعت واستولى على الماء
.
ووردت
رواية أخرى تنفى وقوع القتال مفادها أن الأشعت بن قيس جاء إلى معاوية فقال: الله
الله يا معاوية في أمة محمد، هبوا أنكم قتلتم أهل العراق، فمن للبعوث والذرارى؟ إن
الله يقول: "وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا" [12]،
قال معاوية: فما تريد؟ قالوا: خلوا بيننا وبين الماء. فقال لأبى الأعور: خلَّ بين
إخواننا وبين الماء
.
وقد
كان القتال على الماء في أول يوم تواجها فيه في بداية شهر ذي الحجة فاتحة شر على
الطرفين المسلمين، إذ استمر القتال بينهما متواصلاً طوال هذا الشهر، وكان القتال
على شكل كتائب صغيرة، فكان على رضي الله عنه يخرج من جيشه كتيبة صغيرة يؤمر عليها
أميرًا، فتقتتلان مرة واحدة في اليوم، وفي بعض الأحيان تقتتلان مرتين في اليوم،
وكان أغلب من يخرج من أمراء الكتائب في جيش على، الأشتر، وحجر بن عدى، وشبث بن
ربعي، وخالد بن المعتمر، ومعقل بن يسار الرياحي، ومن جيش معاوية أغلب من يخرج،
حبيب بن مسلمة، وعبد الرحمن بن خالد ابن الوليد، وعبيد الله بن عمر بن الخطاب،
وأبو الأعور السلمي، وشرحبيل بن السمط، وقد تجنبوا القتال بكامل الجيش خشية الهلاك
والاستئصال، وأملاً في وقوع صلح بين الطرفَين، تصان به الأرواح الدماء
.[13]

وفي رواية: أن معاوية لما أمر أبا
الأعور بحفظ الشريعة وقف دونها برماح مشرعة، وسيوف مسللة، وسهام مفرقة، وقسي
موترة، فجاء أصحاب علي عليا فشكوا إليه ذلك فبعث صعصعة بن صوحان إلى معاوية يقول
له: إنا جئنا كافين عن قتالكم حتى نقيم عليكم الحجة، فبعثت إلينا مقدمتك فقاتلتنا
قبل أن نبدأكم، ثم هذه أخرى قد منعونا الماء، فلما بلغه ذلك قال معاوية للقوم:
ماذا يريدون؟


فقال عمرو: خل بينهم
وبينه، فليس من النصف أن نكون ريانين وهم عطاش.



وقال الوليد:دعهم
يذوقوا من العطش ما أذاقوا أميرالمؤمنين عثمان حين حصروه في داره،ومنعوه طيب الماء
والطعام أربعين صباحا.



وقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح: امنعهم
الماء إلى الليل فلعلهم يرجعون إلى بلادهم.


فسكت معاوية فقال له
صعصعة بن صوحان: ماذا جوابك؟



فقال: سيأتيكم رأيي
بعد هذا، فلما رجع صعصعة فأخبر الخبر ركب الخيل والرجال، فما زالوا حتى أزاحوهم عن
الماء ووردوه قهرا، ثم



اصطلحوا فيما بينهم
على ورود الماء، ولا يمنع أحد أحدا منه.[14]






3/- علي لا يقابل المثل بالمثل و لا يمنع الماء بعد ان سلكه
:



بعد ذلك كف
الناس عن القتال ، و امر علي رضي الله عنه
انه لا يمنع اهل الشام من الماء ، فكانوا يسقون جميعا و يختلط ببعض و يدخل
بعضهم في عسكر بعض فلا يعرض احد من الفريقين لصالحبه الا بخير و رجوا ان يقع الصلح
.



ولو ان عليا
رضي الله عنه منع اهل الشام الماء و عامل جيش معاوية كما عاملوه لاذاقهم العطش و
هزمهم . لكنه تركهم يشربون ، و قال لجيشه : «خذوا من الماء حاجتكم وارجعوا الى
عسكركم و خلوا عنهم فان الله عز وجل قد نصركم عليهم بظلمهم و بغيهم» [15]



4/- محاولات الصلح بين
الفريقين

:
ما
إن دخل شهر المحرم، حتى بادر الفريقان إلى الموادعة والهدنة طمعًا في صلح يحفظ
دماء المسلمين، فاستغلوا هذا الشهر في المراسلات بينهم، كان البادئ بالمراسلة أمير
المؤمنين على ابن أبى طالب رضي الله عنه، فدعا بشير بن عمرو الأنصاري وسعيد بن قيس
الهمداني وشيث بن ربعي السهمي فقال: إيتوا هذا الرجل فادعوه إلى الطاعة والجماعة
واسمعوا ما يقول لكم، فلما دخلوا على معاوية قال له بشير بن عمرو: يا معاوية! إن
الدنيا عنك زائلة، وإنك راجع إلى الآخرة، والله محاسبك بعملك، ومجازيك بما قدمت
يداك، وإني أنشدك الله أن تفرق جماعة هذه الأمة، وأن تسفك دماءها بينها. فقال له
معاوية هلا أوصيت بذلك صاحبكم؟ فقال له: إن صاحبي أحق هذه البرية بالأمر في فضله
ودينه وسابقته وقرابته، وإنه يدعوك إلى مبايعته فإنه أسلم لك في دنياك، وخير لك في
آخرتك. فقال معاوية: ويطل دم عثمان؟ لا والله لا أفعل ذلك أبدا، ثم أراد سعيد بن
قيس الهمداني أن يتكلم فبدره شيث بن ربعي فتكلم قبله بكلام فيه غلظة وجفاء في حق
معاوية، فزجره معاوية، ثم أمر بهم فأخرجوا من بين يديه
.
كما
أن قراء الفريقين، قد عسكروا في ناحية من صفين، وهم عدد كبير، قد قاموا بمحاولات
للصلح بينهما، فلم تنجح تلك المحاولات لالتزام كل فريق منهما برأيه وموقفه، وحاول
اثنان من الصحابة، وهما أبو الدرداء، وأبو أمامة، رضي الله عنهما، الصلح بين الفريقين،
فلم تنجح مهمتهما أيضًا لنفس الأسباب السابقة، فتركا الفريقين ولم يشهدا معهما
أمرهما
.
وقد
انتقد ابن كثير التفصيلات الطويلة التي جاءت في روايات أبى مخنف ونصر بن مزاحم،
بخصوص المراسلات بين الطرفين فقال: "ثم ذكر أهل السير كلامًا طويلاً جرى
بينهم وبين على، وفي صحة ذلك عنهم وعنه نظر، فإن في مطاري ذلك الكلام من على ما
ينتقص فيه معاوية وأباه، وأنهما إنما دخلا في الإسلام ولم يزالا في تردد فيه، وغير
ذلك، وأنه قال في ذلك: لا أقول إن عثمان قُتل مظلومًا ولا ظالما؛...وهذا عندي لا
يصح من على رضي الله عنه", وموقف على رضي الله عنه من قتل عثمان واضح
. [16]
5/- القتال بعد الهدنة:


{اصطفى الفريقان استعدادا للقتال بعد انسلاخ شهر المحرم و
بعد ان فشلت مفاوضات الصلح و عول علي على الدخول في موقعة حاسمة:



ففي اليوم
الاول كان على من خرج من اهل الكوفة يومئذ
(الاشتر ( و على اهل الشام (حبيب بن سلمة ( فاقتتلوا اقتتالا شديدا ثم انصرفوا عند المساء و كل غير غالب .


و في اليوم
الثاني صلى علي و خرج بالناس الى اهل الشام و كان على ميمنة علي عبد الله بن ورقاء
الخزاعي و على ميسرته عبد الله بن عباس ، و القراء مع ثلاثة نفر : عمار ، و قيس بن
سعد ، و عبد الله ابن بديل ، و الناس على راياتهم و مراكزهم ، و علي في القلب في
اهل المدينة بين اهل الكوفة ، و البصرة . اكثر من معه من اهل المدينة ، الانصار و
معه عدد من خزاعة و كنانة و غيرهم من اهل المدينة و زحف اليهم . ورفع معاوية قبة
عظيمة فالقى عليها الثياب و بايعه اكثر اهل الشام على الموت ، و احاط بقية خيل
دمشق . وزحف عبد الله بن بديل في الميمنة نحو حبيب بن مسلمة و هو في ميسرة معاوية
فلم يزل يحوزه و يكشف خيله حتى اضطرهم الى قبة معاوية عند الظهر ، و حرض عبد الله
بن بديل اصحابه فقال : « الا ان معاوية ادعى ما ليس له ، ونازع الحق اهله ، وعاند
من ليس مثله ، و جادل بالباطل ليدحض به الحق ، و صال عليهم بالاعراب و الاحزاب
الذين قد زين لهم الضلالة وزرع في قلوبهم حب الفتنة ، و لبس عليهم الامر وزادهم
رجسا الى رجسهم ، فقاتلوا الطغام الجفاة و لاتخشوهم ﴿ قتلوهم يعذبهم الله بايديكم
و يجزهم و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين ﴾ [17] .



وحرض علي
اصحابه فقال في كلام له :



« فسووا
صفوفكم كالبنيان المرصوص ، وقدموا الدارع و اخروا الحاسر وعضوا على الاضراس فانه
انبى للسيوف عن الهام ، و التووا في الاطراف فانه اصون للالسنة ، و غضوا الابصار
فانه اربطللجاش ، واسكن للقلب ، واميتوا الاصوات فانه اطرد للفشل ، و اولوا
بالوقار . راياتكم فلا تميلوها و لا تزيلوها و لا تجعلوها الابايدي شجعانكم ، و
استعينوا بالصدق و الصبر فان بعد الصبر ينزل عليكم النصر » .



وقاتلهم عبد
الله بن بديل في الميمنة قتالا شديدا حتى انتهى الى قبة معاوية و اقبل الذين
تبايعوا على الموت الى معاوية فامرهم ان يصمدوا لابن بديل في الميمنة ، و بعث الى
حبيب بن مسلمة في الميسرة فحمل بهم و بمن كان معه على ميمنة الناس فهزمهم و انكشف
اهل العراق من قبل الميمنة حتىلم يبق منهم الا ابن بديل في 230 من القراء قد اسند
بعضهم الى بعض و انجفل الناس . و امر علي سهل بن حنيف فاستقدم فيمن كان معه من اهل
المدينة فاستقبلتهم جموع لاهل الشام عظيمة فاحتملتهم حتىواقفتهم في الميمنة . و
كان فيما بين الميمنة الى موقف علي يمشي نحو الميسرة فانكشف عنه مضر من الميسرة و
ثبتت ربيعة ، و كان الحسن و الحسين و محمد بنو علي معه حين قصدالميسرة و النبل يمر
بين عاتقه ومنكبيه ، وما من بنيه احد الا يقيه بنفسه فيرده ، فبصر به احمر مولى
ابي سفيان او عثمان فاقبل نحوه فخرج اليه كيسان مولى علي فاختلفاغ بينهما ضربتان
فقتله احمر ، فاخذ علي بجيب درع احمر فجذبه و حمله على عاتقه ثم ضرب به الارض فكسر
منكبيه و عضديه و شد ابن علي عليه ، حسين و محمد ، فضرباه باسيافهما حتى قتلاه .
ثم دنا منه اهل الشام ، فما زاد قربهم منه الا سرعة في مشيه فقال الحسن . "ما
ضرك لو سعيت حتى تنتهي الى هؤلاء الذين قد صبروا لعدوك من اصحابك ؟ " فقال : « يا بني ان لابيك يوما لن
يعدوه ، ولا يبطئ به عنه السعي و لا يعجل به اليه المشي . ان اباك و الله ما يبالي
اوقع على الموت ، اوقع الموت عليه ».



و لما وصل
علي رضي الله عنه الى ربيعة نادى بصوت عال كغير المكترث لما فيه الناس : «لمن هذه
الرايات ؟ ».



قالوا : «
رايات ربيعة » .



قال : « بل
رايات عصم الله اهلها فصبرهم و ثبت اقدامهم » .



و قال
للحسين بن المنذر : « يا فتى الا تدني رايتك هذه ذراعا ؟ » .



فقال : «
بلى و الله . و عشرة اذرع » فادناها حتى قال : « حيبك مكانك »} [18] .



6/- يوم الجمعة "ليلة
الهرير" [19]
:


عادت الحرب في نفس الليلة بشدة واندفاع لم تشهدها الأيام السابقة، وكان
اندفاع أهل العراق بحماس وروح عالية حتى أزالوا أهل الشام عن أماكنهم، وقاتل أمير
المؤمنين علي قتالاً شديدًا وبايع على الموت وذكر أن عليًا
-رضي
الله عنه- صلى بجيشه المغرب صلاة الخوف وقال الشافعي: وحُفظ عن علي أنه صلى صلاة
الخوف ليلة الهرير ، يقول أحد المقاتلين: اقتتلنا ثلاثة أيام وثلاث ليال حتى تكسرت
الرماح، ونفدت السهام، ثم صرنا إلى المسايفة فاجتلدنا بها إلى نصف الليل حتى صرنا
نعانق بعضنا بعضًا، ولما صارت السيوف كالمناجل تضاربنا بعمد الحديد، فلا تسمع إلاّ
غمغمة وهمهمة القوم، ثم ترامينا بالحجارة وتحاثينا بالتراب وتعاضينا بالأسنان
وتكادمنا بالأفواه إلى أن أصبحوا في يوم الجمعة وارتفعت الشمس وإن كانت لا ترى من
غبار المعركة وسقطت الألوية والرايات، وأنهك الجيش التعب وكلت الأيدي وجفت الحلوق
.

ويقول ابن كثير في وصف ليلة الهرير ويوم الجمعة: وتعاضوا بالأسنان يقتتل
الرجلان حتى يثخنا ثم يجلسان يستريحان، وكل واحد منهما ليهمر على الآخر، ويهمر
عليه، ثم يقومون فيقتتلان كما كانا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولم يزل ذلك دأبهم
حتى أصبح الناس من يوم الجمعة وهم كذلك، وصلى الناس الصبح إيماء وهم في القتال،
حتى تضاحى النهار، وتوجه النصر لأهل العراق على أهل الشام
.[20]




المبحث الثالث
: نهاية
القتال والدعوة للتحكيم



أولا : موقف أهل العراق من دعوة أهل
الشام إلى الصلح
:



{ لما طالت حرب صفّين بين الطائفتين المسلمتين(سنة:37ه) ،و اشتد الحال على
أهل الشام ،و ترجّحت كفة أهل العراق، اقترح عمرو بن العاص على معاوية
رضي الله عنهما- رفع المصاحف ، فوافقه
و أمر جيشه برفعها ، فرفعها أهل الشام و دعوا إلى الاحتكام إلى كتاب الله . فما هو
موقف الإمام علي و أصحابه من دعوة هؤلاء إلى وقف القتال ؟ ،و ما هو مضمون اتفاق
وقف القتال ؟ .



(أ ) موقف الإمام علي و أصحابه من وقف
القتال:




تزعم الرواية -الشائعة - التي رواها المؤرخون [21]
عن الإخباري أبي مخنف لوط بن يحي (ت157ه) ، أنه
لما رفع أهل الشام المصاحف ، قال علي
رضي الله عنه لأصحابه : إن في الأمر
مكيدة و يجب الاستمرار في القتال ، و أن
رؤوس أهل الشام ، كمعاوية ،و عمرو بن
العاص ،و ابن أبي معيط ،و حبيب بن مسلمة ،و ابن أبي سرح ،و الضحاك بن قيس ، ليسوا
بأصحاب دين و لا قرآن ،و أنه قد صحبهم أطفالا و رجالا ، فكانوا شر أطفال و شر رجال
. لكن أصحابه لم يوافقوه ، و قالوا له : ما يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله ، فنأبى
أن نقبله . ثم تقدمت إليه
أي إلى علي- جماعة من القراء [22]
-الخوارج - و طالبوه بالموافقة على وقف القتال ،و هددوه بالقتل أو يدفعونه إلى
خصمه إن لم يوافق ، فرضخ لهم و وافقهم بعدما حذّرهم من مغبة فعلهم هذا ، و أمر
قادته بوقف القتال. ثم عندما اختار أهل الشام ابن العاص ممثلا عنهم في التحكيم ، اقترح عليّ على أصحابه
أحد الرجلين : ابن عباس أو الأشتر النخعي كممثل عنه ، لم يوافقه الأشعث بن قيس و
القراء-دعاة وقف القتال- و اختاروا أبا موسى الأشعري ممثلا عن العراقيين ، فلم
يقبل علي ، لكن إصرارهم على موقفهم اضطره إلى الموافقة على تعيين أبا موسى ممثلا للعراقيين
في التحكيم المرتقب عند اجتماع الحكمين . ثم كتب الطرفان وثيقة الصلح (صفر 37ه) ،و
فيها تم الاتفاق على أن يلتقي الحكمان ببلدة دومة الجندل-على الطريق بين دمشق و
المدينة- في رمضان من سنة 37ه ،و لهما أن يؤخرا اللقاء إن أرادا ذلك إلى العام
المقبل و يكون اللقاء ببلدة أذرح-جنوب بادية الشام بين الأردن و السعودية- ، و
عليهما أن يحتكما إلى الكتاب و السنة [23] .



ذلك
هو موجز الرواية المشهورة عن وقف القتال
في صفّين، و اختيار الحكمين و كتابة وثيقة الصلح ، و هي التي سأنقدها اسنادا و
متنا لإظهار قيمتها التاريخية من حيث
الصحة و البطلان . ففيما يخص إسنادها فإن من رواتها : أبو مخنف لوط بن يحي(ت157ه)
، قال عنه علماء الجرح و التعديل هو: إخباري تالف لا يوثق به ، ضعيف ليس بثقة و
ليس بشيء ، و انه شيعي محترق صاحب أخبارهم [24].فهذا
الرجل إذن مطعون فيه ، و غير موضوعي ، و هذا يعني أن روايته مرفوضة من حيث
الإسناد.




و أما متنها فسأنقده من عدة جوانب ، أولها : موقف القراء من وقف القتال و
التحكيم ، فهي
على ما ذكره الطبري-ذكرت أن القراء
وافقوا على وقف القتال و اجبروا عليا على موافقتهم . لكن هذه الرواية يوجد ما
يدفعها و يناقضها ، فمن ذلك أنه روي أن عليا-رضي الله عنه
عندما رجع من صفين إلى
الكوفة انفصلت عنه جماعة من القراء
الخوارج- بمكان يعرف بحروراء ،و خرجت عليه و آذنته بالحرب. و هذا
يعني ان هؤلاء لم يكونوا موافقين على وقف القتال و الصلح منذ البداية ، لذلك خرجوا
على علي بن أبي طالب . و قد يقال
دفعا لما ذهبت إليه انه روي أن القراء لما
اعتزلوا عليا أرسل إليهم ابن عباس ، ثم
التحق به و ناظرهم فقالوا له : نحن الآن غير موافقين على وقف القتال و التحكيم ، و
أننا قد كفرنا ،و ها نحن نعترف بذنوبنا و نتوب ، ثم طالبوه بالتوبة فتاب عما صدر
عنه ، فبايعوه و دخلوا معه الكوفة. و هذا خبر غير صحيح ، لأن هذا الاتفاق المزعوم
بين علي و الخوارح ينقضه أمران ، أولهما ان الطرفين حدثت بينهما معركة النهروان
الشهيرة .و ثانيها أن عليا استمر على عهده مع اهل الشام ، و لم ينقضه و أرسل ممثله
إلى التحكيم بدومة الجندل.




و مما يزيد الأمر وضوحا ،و يدل على أن الخوارج كانوا رافضين للصلح ابتداء
،و لم يرفضوه بعد صفّين ، ان هناك روايات ذكرت ذلك ، أولها أن الذي أجبر عليا على
وقف القتال و الصلح هو الأشعث بن قيس ،مع كثير من أهل اليمن، و ليس القراء و إنما
هم -و على رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي-
أنكروا على الإمام علي قبوله التحكيم ، و قالوا له : إنك أوصلتنا إلى الفرقة و
المعصية و الذل في الدنيا و الآخرة ، ثم دعوه إلى قتال عدوهم .و الرواية الثانية ، فيها أنه لما حمل الأشعث
بن قيس كتاب الصلح ليقرأه على الناس ،و مر بطائفة من بني تميم و قرأه عليهم ، قال
له رجل يعرف بعروة بن أدية : (( تحكّمون في أمر الله عز و جل الرجال ، لا حكم إلا
لله ، ثم شد بسيفه و ضرب عجز دابته ضربة خفيفة
و اندفعت الدابة ، و صاح به أصحابه : أن أملك يدك ، فرجع )) ، فغضب للأشعث
قومه و أناس كثير من اليمن ، و كاد الأمر ان يؤدي إلى فتنة لولا تدخل العقلاء . فهذه الرواية صريحة في أن الرجل الرافض للصلح
هو من القراء
الخوارج- لأنه رفع شعارهم : لا حكم إلا
لله .و هذه الحادثة كانت قبل الانتهاء من
معركة صفين .




و الرواية الثالثة مفادها أن عليا لما أراد إرسال ممثله للتحكيم المتفق
عليه ،أتاه رجلان من الخوارج ، هما : زرعة بن برج الطائي و حرقوص بن زهير السعدي
،و طالباه بالتوبة عن خطيئته ،و بالرجوع عن التحكيم ،و الخروج إلى مقاتلة عدوهم ،
فقال لهما : إنكم قد عصيتموني في البداية ، و أنه قد اعطى العهد و لا يستطيع
نكثه .فهذه الرواية تشير إلى أن الخوارج
كانوا رافضين للصلح قبل أن يجتمع الحكمان ،.و فيها
أيضا نقض دعوى ان عليا اتفق
مع الخوارج ،و أنه تاب عما صدر منه ،و ان الخوارج بايعوه من جديد ،و دخلوا معه إلى
الكوفة .




و الرواية الرابعة إسنادها صحيح ،
رواها الإمام أحمد و ابن أبي شيبة ، و مفادها انه لما أرسل أهل الشام مصحفا لأهل
العراق ،و وافق علي بن أبي طالب على عرضهم ، جاءته الخوارج
و هم القراء أنذاك- و أنكروا عليه فعلته ، و طالبوه بالنهوض لقتال
أهل الشام[25] .
و الرواية السادسة هي خبر موجز ، ذكره الإمام البخاري ، و يحتاج إلى شرح لفهمه ، و
مفاده أن التابعي حبيب بن أبي ثابت قال : أتيت أبا وائل أسأله ، فقال: كنا بصفين ،
فقال رجل
أرسله معاوية- : ألم تر إلى الذين
يدعون إلى كتاب الله ، فقال علي : نعم .
فقال سهل بن حنيف -للقراء -: اتهموا
أنفسكم ،و في رواية : اتهموا رأيكم ، و ذكّرهم بيوم الحديبية عندما عارضوا الصلح
الذي تم بين الرسول- صلى الله عليه و سلم- وبين المشركين ، فأنزل الله سورة الفتح تأييدا لرسوله[26]
. و قد ساق هذا الصحابي حديث الحديبية ، للقراء عندما رفضوا الصلح و التحكيم و
أصروا على مواصلة القتال ، فدعاهم إلى مطاوعة إمامهم علي ،و لا يخالفونه لأنه اعلم
بالمصلحة منهم ، و ذكّرهم بما جرى يوم الحديبية بمعارضة الصحابة للصلح ، ثم ظهر
لهم أن رسول الله كان على صواب .



و يتبيّن مما ذكرناه ، أن الخوارج كانوا
رافضين لوقف القتال و التحكيم منذ البداية ، وان الرواية الشائعة عنهم من أنهم هم
الذين دعوا إلى وقف القتال و الصلح ،و اجبروا عليا على الموافقة ، هي رواية غير
صحيحة . وهذا الرأي قال به بعض الخوارج الإباضيين المعاصرين ، منهم : ابو اسحاق
اطفيش ،و سليمان بن داود بن يوسف ، فالأول ذكر أن الخوارج أبوا التحكيم ،و أنكروا
على عليّ رضوخه لدعاة وقف القتال و التحكيم ،و على رأسهم الأشعث بن قيس.و الثاني
أنكر أن يكون الخوارج هم الذين ألزموا عليا على قبول التحكيم ثم تراجعوا عن رأيهم
،و قال إن هذا زعم باطل لا سند له ،و أن الأشعث بن قيس و قومه
من أهل اليمن- هم الذين أرغموا عليا
على قبول التحكيم و اختيار أبي موسى الأشعري. و يرى الباحث محمد أمحزون أن الزعم
بأن القراء يتحملون مسؤولية وقف القتال و التحكيم و تعيين أبي موسى الأشعري حكما ،
ما هو إلا (( فرية تاريخية اخترعها الإخباريون الشيعة الذين كان يزعجهم أن يظهر
علي
رضي الله عنه- بمظهر المتعاطف مع
معاوية و أهل الشام ،و أن يرغب في الصلح مع أعدائهم التقليديين .و من جهة أخرى
يحمّلون المسؤولية أعدائهم الخوارج و يتخلّصون منها ،و يجعلون دعوى الخوارج تناقض
نفسها ، فهم الذين أجبروا عليا على قبول التحكيم ، و هم الذين ثاروا عليه بسبب
التحكيم )). لكن الملاحظ أن الشيعة و
الخوارج لم يعترفوا بالحقيقة ، فلم يعترف أي واحد منهم ان عليا قبل الصلح طواعية و
عن اقتناع ، فالشيعة قالوا أن الخوارج أجبروه على ذلك ،و الخوارج قالوا أن الأشعث
بن قيس و قومه هم الذين حملوه على قبول الصلح .




و أما الجانب الثاني في نقدنا لرواية الطبري السابق ذكرها ، فهو يخص ما
روته من أن عليا رفض وقف القتال و التحكيم ،و إنما وافق على ذلك مجبرا ، و هذا
الخبر المشهور ينقضه خبر صحيح ، رواه احمد بن حنبل و البخاري و ابن أبي شيبة ،
مفاده انه لما أرسل أهل الشام بمصحف إلى علي بن أبي طالب ،و دعوه إلى الإحتكام
إليه ،و قالوا له : بيننا و بينكم كتاب الله : (( ألم تر إلى الذين أتوا نصيبا من
الكتاب ، يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم
ثم يتولى فريق منهم و هم معرضون ))-سورة آل عمران /23- . فقال علي : نعم
أنا أولى بذلك ، بيننا و بينكم كتاب الله
. فجاءه القراء- الخوارج
و انكروا عليه فعلته [27]
. فيتبين من هذا أن الإمام علي قبل التحكيم من تلقاء نفسه بعيدا عن أي ضغط ،
تماشيا مع ما يوجبه الشرع من الرجوع إلى الكتاب و السنة .




و الجانب الثالث في نقدنا للرواية المشهورة ، يخص ما روته عن علي من أنه
قال عن رؤوس أهل الشام -لما رفعوا المصاحف- : (( فإن معاوية ،و عمرو بن العاص ، و
ابن أبي معيط ،و حبيب بن مسلمة ، ابن أبي سرح ، و الضحاك بن قيس ، ليسوا بأصحاب
دين و لا قرآن ، أنا أعرف بهم منكم ، قد صحبتهم أطفالا و صحبتهم رجالا ، فكانوا شر
أطفال و شر رجال )) ( الطبري: المصدر السابق ج3ص:101 ) . و هذا النص يحمل في طياته
دليل بطلانه ، لأنه إذا كان علي بن أبي طالب ولدسنة (18أو20ق ه)، فإنه من الطبيعي
جدا أن يصحب في طفولته معاوية (ولدسنة:17ق ه) ،و عمرو بن العاص(ولد سنة:20ق ه)
لأنهما من سنه ، لكن لا يمكن ان يصحب في طفولته حبيب بن مسلمة، و الضحاك بن قيس ،و
الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، لأن الأول و لد سنة 2 ق ه ،و الثاني ولد سنة: 8ه أو
نحو: 4ق ه ، و الثالث كان صبيا عند فتح مكة [28]،
و علي كبير متزوّج ! . و مما يزيد هذه الرواية بطلانا أنها ذكرت من بين رؤوس أهل
الشام : عبد الله بن سعد بن أبي سرح ،و عقبة بن أبي معيط ، فالأول لم يبايع عليا و
لا معاوية ،و اعتزل الفتنة ،و التحق بفلسطين إلى أن توفي بها سنة : 36ه قبل معركة
صفين . و الثاني هو الآخر اعتزل الفتنة و لم
ينظم إلى أية طائفة. }[29]



( ب) :مضمون وثيقة الصلح :



{ روى الطبري
نقلا عن أبي مخنف لوط- أن كتاب التحكيم
نص على أن يحتكم الحكمان إلى كتاب الله ، فإن لم يجدا فيه فبالسنة الجامعة غير
المفرقة .و في رواية أخرى أن يحتكما إلى القرآن و يختارا لأمة محمد
عليه الصلاة و السلام- ( الطبري:
المصدر السابق ج3 ص: 103، 105) .و ذكر اليعقوبي و المسعودي أنه على الحكمين أن
يحتكما إلى كتاب الله و لا يتجاوزانه ،و لا يحيدان عنه إلى هوى و مداهنة ( تاريخ
اليعقوبي: ج2ص: 135.و مروج الذهب ج2ص: 471-472) . و سينصب نقدي لهذه الروايات على
الإسناد أولا ، فرواية الطبري الأولى في إسنادها أبو مخنف لوط بن يحي ، و هو
اخباري تالف متعصب لا يوثق به




و أما روايته الثانية ففي إسنادها : عبد الله بن أحمد ،و سليمان بن يزيد ،
فالأول غير ثقة ،و الثاني ليس بالقوي لا يحتج به [30]. و أما رواية اليعقوبي و المسعودي ، فهما لم
يذكرا لما أورداه إسنادا ، و من ثم فلا قيمة لما ذكراه من حيث الإسناد ، مع العلم
أنه يجب علينا اعتبار كل منهما الراوي الوحيد في إسناد روايته ، و بما أنهما
مؤرخان شيعيان ، فإنه لا يوثق بهما ، لأن أهل العلم بالنقل اتفقوا على أن الشيعة
هم أكذب الطوائف ،و الكذب فيهم قديم ،و حذّروا من الأخذ عنهم ، لأنهم يضعون الحديث
و يتخذونه دينا[31] .




و أما ثانيا ، فإن هذه الروايات لم تتفق على المصدر الذي يحتكم إليه
الحكمان ، فالأولى نصت على أنهما يحتكمان إلى الكتاب أولا ، ثم السنة ثانيا . و
الثانية اكتفت بذكر الكتاب دون ذكر لشيء آخر .و الثالثة أكدت على ضرورة الاحتكام
إلى القرآن الكريم دون غيره ، فلا يتجاوز و لا يحاد عنه . أفلا يبعث هذا التباين
الواضح الغريب على الشك في صحة هذه الروايات ؟ و ألا يدل ذلك على تلاعب الإخباريين
بها ؟ .




و ثالثا أن هذه الروايات قد أشارت إلى المصدر الذي يحتكم إليه الحكمان ،
لكنها ضربت صفحا عن الموضوع الذي يناقشانه و يبتان فيه ، . أليس من الغريب جدا أن
لا يذكر موضوع النزاع الذي يبحث له الحكمان عن حل ! ؟ . لكن الرواية الثالثة لمّحت
لذلك بطريقة غامضة حين قالت : (( فاشترطا أن يرفعا ما رفع القرآن ،و يخفضا ما خفض
القرآن ، و أن يختارا لأمة محمد
صلى الله عليه و سلم- )). لكنها لم تقل لنا ماذا يختار الحكمان لأمة
محمد ، فهل يختاران لها حلا لقضية قتلة عثمان التي أوصلت المسلمين إلى الاقتتال ،
أم يختاران لها خليفة جديدا يتولى أمر الناس ؟ . ليس لتلك الروايات إجابة عن هذا
الإشكال ، مما يدل على تلاعب الرواة بها . لكن هذا الإشكال أزالته رواية أخرى
رواها الذهبي حددت موضوع التحكيم صراحة ، و فيها أن عليا و معاوية
رضي الله عنهما- قد نصا في وثيقة الصلح
على ان من ولاه الحكمان الخلافة فهو الخليفة ،و من اتفقا على خلعه خلع. لكن هذا
الخبر تطعن فيه أمور ، أولها أنه يفتقد إلى الإسناد ،و ثانيها أنه تعرّض لقضية
الخلافة في وقت كان سبب الخلاف هو قضية الاقتصاص من قتلة عثمان و ليس مسألة
الخلافة ، فجيش الشام لم يكن ينكر أحقية الإمام علي في الخلافة ، و إنما كان يطالب
بالاقتصاص من قتلة عثمان كشرط للبيعة . و ثالثها أن أهل الشام لم يكونوا في موقف
قوة لكي يشترطوا ذلك الشرط الخطير ، فهم يكفيهم أن يرفع عنهم العراقيون سيوفهم-
بعدما ترجّحت كفتهم
لينجوا بأنفسهم ، كما أن
أهل العراق من المستبعد جدا أن يقبلوا بإمكانية تغيير علي بمعاوية و كفة
الحرب لصالحهم . فإقحام موضوع الخلافة في وثيقة الصلح لا
ينسجم مع سياق الحوادث و أسباب النزاع في الجمل و صفين ؛ الأمر الذي يؤكد أن هذه
الرواية قد تعرّضت للتحريف و التلاعب .




و ختاما لهذا المبحث يتبين لنا
منه أن الزعم بأن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه-قد أجبر على وقف القتال و
قبول الصلح هو زعم باطل ، و الصواب هو أن عليا هو الذي وافق عليه طواعية دون إكراه
، لا من الأشعث بن قيس و قومه ، و لا من الخوارج الذين أصروا على مواصلة القتال لا
على وقفه . كما أن مضمون وثيقة الصلح يؤكد تعرضها للتحريف و التلاعب }[32].









المبحث الرابع



آراء
المؤرخين في أحداث معركة صفين ونقد بعض الروايات
آراء
المؤرخين
-/1



لقد تخللت معركة صفين أحداث، ورويت
عنها روايات تناولها العلماء والمؤرخون بالنقد والتمحيص، ومن هذه الآراء
:
آراء
العلماء والمؤرخين في مقتل الصحابي عمار بن ياسر
:
قال
ابن حجر تعليقاً على مقتل عمار بن ياسر
: " وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة
وفضيلة ظاهرة لعل
المرفقات
مذكرة موقعة صفين Attachmentبحث موقعة الصفين.docx
لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
(64 Ko) عدد مرات التنزيل 1
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذكرة موقعة صفين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الإشراقات العلمية :: المنتديات الإسلامية :: منتدى الشريعة و الحياة-
انتقل الى: