لماذا قد نكون اقل نقدا واقل اهتماما بتصرفات ابنائنا وحركاتهم لو كان الامر لا يمس شخصيتنا . اليس من الافضل ان نعطى للطفل نظرة او فكرة عن نفسه ، وننبهه الى امتيازاته الإيجابية الموجودة في شخصيته، بدل ان نضعه تحت المجهر ونكتفي باظهار عيوبه فقط؟ ان نقد تصرفات الطفل يؤذي نشاط تفتحه ويظهر الاباء كأنهم يعاملون أبناءه كأنهم بضاعة لهم او انتاجا لافكارهم يخصهم وحدهم ، ومن ثم تجد نظرتهم النقدية لابنائهم -كنظرة فنان لانتاجه . ولهذا تجدهم يشعرون بالحزن والاسف اذا كان انتاجهم هذا على غير غرار ما يريدون ... ان هذا خطأ كبير في حق الطفل .
وقد يظنون ان الطفل قابل لبلوغ درجة الكمال فيعملون على محاولة تحسين وضعه .ليكون اجمل واقوى واكثر فطنة وذكاء الخ..... اذا كان الفنان يستطيع تحسين إنتاجه بالنقد الذاتي فالاباء لا يستطعون ان يجعلوا من اطفالهم نموذجا بنقدهم . مساعدة الاباء لابنائهم تنتهي عند مساعدتهم على اكتمال شخصيتهم . وذلك باعطاء الطفل صورة جيدة عن نفسه صورة أي يحبونه ويقبلونه كيف ما كانت احواله -كما يقول المثل الشعبي : كل قنفذ عند ابيه عزيز - لا ننتظر من الطفل ان يحقق لنا آمالنا ،هذا ليس امرا سهلا دائما لان كل اب يكون في نفسه رغبة الافتخار التي يريدها . ذلك طبيعي ولكن يصبح خطرا عندما يصبح ذلك شغلا شاغلا ... لان نزعة اخفاء الرداءة تجعلنا نتهم الطفل ونكشف له عن اضرار تصرفاته السيئة التي الحقها بنا والتي خيبت آمالنا فيه ، وهذا ما يجعله يشعر بالقلق ويؤثر في تصرفاته بالسلب. يمكننا ان نتجنب هذه الازمة اذا اردنا ،الامر سهل ،يكفينا الا نجعله سجينا في ضعفه واخطائه بل نكتفي بذكر محاسن شخصيته ونبرهن له على رضانا وسرورنا بتصرفاته اللائقة ، ونغض البصر عن تصرفاته السيئة {مثلا : اذا اجتهد في المدرسة او ابدع شيئا } هذه احسن طريق للتقويم ان هواية علم النفس سلاح ذو حدين ، وبعض الاباء النفسانيين الهواة يضرون اكثر من حيث يريدون النفع ، وهذا النوع من الثقافة المحدودة خطير لانه يضر اكثر مما ينفع خاصة عندما يطبق بدون فهم حقيقي ...قد نحطم الطفل عندما ننتقد طريقة تفكيره وحركاته وتصرفاته .
وكلما حاول النفسانيون تطبيق معلوماتهم على تعليم ابنائهم ونقد تصرفاتهم السيئة الا وفشلوا ... ان الطفل لا ينتظر من ابيه الا ان يكون ابا فقط ، ومن امه تشعر باحتياجاته وطموحاته ...الاطفال ليسوا في حاجة الى اباء نفسانيين يعرفون ويشرحون مبادئ علم النفس .حقا ان المعلومات العامة لعلم النفس لا تقل اهمية ، ولكن في حدود فهم الاطفال . لان فهم الطفل يساعدنا علي تصحيح نظرتنا اليه ، فان تجاوز ذلك يصبح ضررا خطيرا . ان اعتبار تفتح الطفل شىء هام ، ولا يكون ذلك بنقد اخطائه وضعفه ، واعطائه نظرة سيئة عن نفسه وانما بطريقة تصرفنا معه .
اذا ركزنا علي الاهتمام بمحاسن الطفل وسلطنا عليها الضوء ، واذا فهمنا مجهود نموه ليصير رجل الغد نطمئنه علي ثقتنا به وحبنا له ، وهكذا يجتهد في جلب رضانا .