يساهم قطاعي السياحة والصناعات التقليدية في تونس بما معدله 10% من الناتج المحلي الإجمالي و15% من جملة الصادرات، فضلاً عن توفيرها 650ألف فرصة عمل، وحسب الورقة التي قدمتها جويدة القصطلي في المؤتمر الدولي للسياحة والحرف اليدوية فإن قطاع الصناعات التقليدية وحده يوفر أكثر من 300.000حرفي وحرفية، كما أنه يستقطب العنصر النسائي، ويساهم في إدخال العملة الصعبة بنسبة تقدر ب 2.2% من الصادرات أي ما قيمته 250مليون دينار بين السوق السياحية وسوق التصدير.
وتشير القصطلي أن الصناعات التقليدية تساهم في جلب السياح لتونس عبر تنظيم وزارتي التجارة والصناعة المعارض الخارجية للتعريف بالمنتج التقليدي التونسي، كما أن هناك تنسيقاً مع وكالات السفر والسياحة لإدراج القرى الحرفية ضمن المسالك السياحية مثل: قرية الدندان والقيروان ودوار هيشر ونابل، والأسواق العتيقة مثل: تونس، المهدية، سوسة، صفاقس.
وقسم نبيل علي منصر الحرف اليدوية اليمنية إلى نمطين باعتبار المكان، ففي المراكز الحضرية تتركز الحرف اليدوية في أسواق الأحياء حيث يمهر الحرفيون في صناعة التركيبات المعدنية للأبواب والشبابيك، والأدوات الزراعية، والجنابي. أما في الريف فيعمل الحرفيون على صناعة الغزل والنسيج والخزف والأواني الحجرية.
ودعا ناتوسوزكي في ورقته "التنمية السياحية الفعالة عبر تشجيع الحرف اليدوية التقليدية.. تجربة يابانية" الدول الإسلامية لزيارة اليابان للتعرف على التجارب الناجحة في مجال الصناعات التقليدية وتسخيرها للسياحة، وتبادل الرؤى مع الخبراء اليابانيين، فضلاً عن الاطلاع على الدراسات التي أنجزتها جامعة شيبا اليابانية حول "المحافظة على القيم التقليدية تكنولوجياً وترويجها سياحياً. مستعرضاً تجارب بعض المدن اليابانية التي حققت نمواً سياحياً عبر تنمية الحرف اليدوية والصناعات التقليدية.
وعن تجربة مدينة أسوكا ياشيكي اليابانية يوضح أنه في منتصف السبعينات، تبنت إدارة السياحة ببلدية أسوكا فكرة لعرض معدات الزراعة القديمة، ومعدات إنتاج الورق، وما لبثت الفكرة أن تحولت إلى تأسيس بيت زراعي قديم، يتم عرض الحرف اليدوية بداخله، وذلك للحفاظ على جانب من تراث المدينة، وكان من نتائج ذلك تأسيس منظمة أسوكا باشيكي، التي تشرف على منطقة يبلغ حجمها 3000متر مربع يوجد بها 8بيوت لعرض المنتجات الحرفية، بكافة استثمارية تقدر بأكثر من مليون دولار شاركت فيها الجهات البلدية. ويتم عرض 10أنواع من الحرف اليدوية مثل: صناعة صنادل من العيدان، والسلال، والغزل. كما تحتوي المنطقة على مطاعم ومقاهي وحوانيت بيع الهدايا التذكارية المصنوعة غالباً بواسطة الحرف اليدوية.
وعرض سعيد القحطاني في ورقة حول "أهمية الاستثمار في مجال الحرف والصناعات اليدوية التقليدية" مقترحاً لمشروع حول المنتجات الخوصية والأقفاص من جريد النخيل بمحافظة الأحساء، يتم من خلاله استغلال الخوصيات وجريد النخيل في تصنيع الحصير، وسفر الطعام، والزنابيل، والمناسف، والقبعات وأغطية الرأس، والمراوح اليدوية، وأوعية حفظ الطعام والحبوب، والمكانس والحبال، وأقفاص حفظ الفواكه، وأقفاص الدجاج، والكراسي، وغيرها.
ووجه المركز الإسلامي لتنمية التجارة للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي إلى تقديم الحوافز للاستثمار في قطاع السياحة، وتقليص الضرائب وتسهيل إجراءات الاستثمار في القطاع السياحي، وتشجيع الشراكة والتعاون بين الدول الأعضاء والاستفادة من خبرة الوجهات السياحية المعروفة (تركيا، ماليزيا، تونس، المغرب)، وتنظيم ندوات وورش عمل حول تنشيط الاستثمار في قطاع السياحة.
وبخصوص "جهود الرعاية والحكومة في مجال التنشيط السياحي وتنمية الصناعات التقليدية في لبنان" أوضحت فائقة عويضة رئيسة المؤسسة التنموية للثقافة والفنون ببيروت أن استحداث وزارة السياحة في لبنان كان له دور فاعل في تنشيط الصناعات التقليدية منذ ستينات القرن الماضي، فأنشئ المجلس الوطني للسياحة الذي نص نظامه الداخلي على الحفاظ على التراث، من خلال الصناعات التقليدية، وذلك بتشجيع الحرفيين على الابتكار والمساعدة على تسويق منتجاتهم عبر إقامة المعارض الحرفية، والتواصل مع الحرفيين المهرة في مختلف مناطق لبنان ودعوتهم للمشاركة، ودعوة رؤساء الجمعيات الحرفية والاستثمارية دورياً للمشاركة في وضع البرامج والخطط لتنمية القطاع سياحياً، ودعوة الحرفيين للمشاركة في جوائز البونسكو للابتكار في المنطقة العربية والذي يقام دورياً كل سنتين في عاصمة عربية، وكان من نتيجتها حصول لبنان على جوائز عدة (فستان مطروق 1994- عباءة من الحرير 2000- أعمال من الزجاج المعشق).
وخلص أحمد الصايغ في حديثه عن "الحرف اليدوية التقليدية في قطر" إلى أن بقاء الحرفة أو تلاشيها يعتمد على موقف المجتمعات على الحرفة، كما أن تلاشي حرفة من الحرف في أي مجتمع من المجتمعات يعني تلاشي كم كبير من المخزون الفني الذي وصل إلينا على شكل (حرفة)، مضيفاً أن هذا الكم المتلاشي يشكل خسارة اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية، "إن اندثار الحرفة قد يقود إلى اندثار حضارات وبالعكس فإن تطور الحرفة قد ينمي حضارات وقد يساعد على ميلاد حضارات أخرى".
وتقول نجاة عروة عن "دور الحرف التقليدية في القطاع السياحي في الجزائر" إن استراتيجية تنمية قطاع الحرف التقليدية وقطاع السياحة يعد هدفاً أساسياً ومبدأ هام هو المصلحة الوطنية العامة "فكلاهما تم تسجيله كقطاع حيوي له دور هام في الاقتصاد الوطني"، وتزيد "عانى قطاع السياحة في الجزائر من تفوق شبه مطلق للموارد النفطية، لذلك لم يحظ بالاهتمام والعناية الكافية، وهو اليوم يتطلب تنمية حذرة تعود على السكان المحليين بالفائدة ولا تعرضه للاتلاف، أما السياحة فتبقى أهم وسيلة لتسويق المنتجات الحرفية التقليدية، التي رافقت القطاع السياحي في تدهوره سنين، وهي اليوم تطمح إلى مرافقته في مشروع التنمية المستدامة".
وطالبت منى البريك خلال حديثها عن "الحرف اليدوية في عسير" بعقد دورات تدريبية في أعمال السدو، وعمل الطرح المريشة، وتصنيع البخور، وخياطة وتطريز الثوب العسيري. كما دعت الهيئة العليا للسياحة لوضع ميزانية خاصة بالحرف التقليدية وتطويرها، وتعاون الغرف التجارية والصناعية مع الجهات المهتمة بالحرف اليدوية لتسويق منتجات الحرفيات والحرفيين على المستويين المحلي والدولي، وإقامة مسابقة سنوية في إحياء التراث على مستوى المملكة، وإنشاء هيئة لإحياء التراث تحت رعاية الهيئة العليا للسياحة.
أما المستشار محمد مبارك فخرج بمصطلح جديد أطلق عليه "السياحرفية" وهو عبارة عن مزج بعض حروف كلمتي (السياحة والحرف) فهناك ارتباط وثيق وعلاقة تبادلية بين السياحة والحرف اليدوية، كما يقول في ورقته "العلاقة التسويقية التفاعلية بين السياحة والحرف اليدوية"، ويرى أن التسويق للسياحة والحرف اليدوية علم وفن، مبني على البحوث والدراسات المستمرة، والتعامل الجاد مع الحقائق، والمكاشفة، والمتابعة المستمرة، مطالباً بإعداد دليل لإجراءات الاستثمار في القطاع "السياحرفي" فالمستثمرين يرغبون في توافر قوانين واضحة للاستثمار، ومجالات محددة له، وتسهيلات مناسبة، وإجراءات مبسطة لإنجاز المعاملات، ودراسات جدوى "اقتصادية جادة".
ويتحدث مبارك في ورقته حول الترويج التسويقي المشترك للسياحرفية، ووضع ضوابط لأسعار السلع والخدمات التي يحتاجها السياح، وعن أهمية دور الملتقيات السياحرفية، والنظر للتسويق بعيون السياح "من المفيد النظر إلى المنتجات الحرفية بعيون السياح، والمستهلكين المحليين، وذلك يتطلب التأكد من دوافعهم للشراء، وتطلعاتهم نحو المنتج، ومراعاة عاداتهم وتقاليدهم، ومستويات دخولهم، وثقافتهم".