تفيض عيوني بالدموع السواكب , و مالي لا أبكي على خير ذاهب
على العمر اذ ولى و حان انقضاؤه , بآمال مغرور و أعمال ناكب
على غرر الأيام لما تصرمت , و أصبحت منها رهن شؤم المكاسب
على زهرات العيش لما تساقطت , بريح الأماني و الظنون الكواذب
على أشرف الأوقات لما غبنتها , بأسواق غبن بين لاه و لاعب
على أنفس الساعات لما أضعتها , و قضيتها في غفلة و معاطب
على صرف الأنفاس في غير طائل , و لا نافع من فضل علم و واجب
على ما تولى من زمان قضيته , و زجيته في غير حق و صائب
على فرص و لو أنني انتهزتها , نلت فيها من شريف المطالب
و أحيان آناء من الدهر قد مضت , ضياعا و كانت موسما للرغائب
على صحف مشحونة بمآثم , و جرم و أوزار و كم من مثالب
على كم من ذنوب كم من عيوب و زلة , و سيئةمخشية في العواقب
على شهوات كانت النفس أقدمت , عليها بطبع مستحث و غالب
على أنني قد آثرت دنيا دنية , منغصة مشحونة بالمعايب
على عمل للعلم غير موافق , و ما فضل علم دون علم مناسب
على فعل طاعات بغير توجه , و من غير اخلاص و قلب مراقب
أصلي الصلاة الخمس و القلب جائل , بأودية الوسواس من كل جانب
على أنني أتلو القرآن كتابه , تعالى بقلب ذاهل غير راهب
على أنني قد أذكر الله خالقي , بغير حضور لازم و مصاحب
على طول آمال كثير غرورها , و نسيان موت وهو أقرب غائب
على أنني لا أذكر القبر و البلى , كثيرا و سفرا ذاهبا غير آيب
على أنني يوم بعثي و محشري , عرضي و ميزاني و تلك المصاعب
مواقف من أهوالها و خطوبها , يشيب من الولدان شعر الذوائب
تغافلت حتى صرت من فرط غفلتي , كأني لا أدري بتلك المراهب
على النار أني ما هجرت سبيلها , و لا خفت من حياتها و العقارب
على السعي للجنات دار النعيم , و الكرامة و الزلفى و نيل المآرب
من العز و الملك المخلد و البقا , و ما تشتهيه النفس من كل طالب
و أكبر من هذا رضا الرب عنهم , و رؤيتهم اياه من غير حاجب
فآه على عيش الأحبة ناعما , هنيا مصفى من جميع الشوائب
و آه علينا في غرور و غفلة , عن الملأ الأعلى و قرب الحبايب