ابتعثه والده لدراسة الطب .. وأنفق عليه 300 ألف دولار . عاد بالإدمان و « الإيدز » .. بشَّره أبوه بشرى سعيدة .. قال له أنه بإمكانه دراسة الطب في الخارج على نفقته فرح فرحاً شديداً ولكن الأب اشترط على ابنه الزواج قبل السفر وافق دون أن يتردد ، وفي عشرة أيام . تم كل شيء . زُفّ إلى ابنة خاله .
وبعد الزفاف بشهر كانت كل الأمور جاهزة . جوازه وتذاكر السفر وشيكات بمبلغ 300 ألف دولار .ودّع والديه وزوجته. فهي المرة الأولى التي يفارقهم فيها.
وبعد رحلة زادت على الـ 12 ساعة وصل إلى تلك المدينة التي فيها « تمثال الحرية ». لم يكن يعرف أحداً إلا « صديقٌ قديمٌ لوالده » . عندما وصل إلى العنوان لم يجد سوى سكرتيرته . التي قامت بالحجز له في أحد الفنادق بعد أن قالت أنه قريب صاحب الشركة .
وفي اليوم التالي قام بزيارة صديق والده الذي استقبله بترحابٍ شديد . وقام بإرسال أحد العاملين لديه لإتمام التحاق الابن بالجامعة . استأجر شُقة في إحدى العمائر بناءً على مشورةٍ من صديق والده .
أثَّث الشقة بأثاثٍ بسيط . همُّه الوحيد المذاكرة فقط ولا شيء سواها . ذات ليلة استيقظ على طَرَقات شديدة على باب منزله فوجئ بإحدى السيدات المُسِنَّات تطلب منه الإسراع بإحضار طبيب للفتاة التي تسكن بجوارها في نفس العمارة .
أسرع إلى شقة الفتاة وسألها عن الشيء الذي تشكو منه قالت له : إنها تشعر بمغصٍ شديد .. تذكَّر أن لديه بعض الكبسولات الخاصة بعلاج المغص . أحضرها في سرعة وقام بإعطائها حبة منه. لم تمض ساعتان إلا وقد ذهب عنها المغص . شكَرَته على خدمته .
عاد إلى منزله لإكمال نومه . في الصباح فوجئ بوجود باقة ورد على باب شقته مكتوب عليها : إلى الصديق « ... » شكراً لك . المخلصة «...» .
فوجئ بذلك ولكنه لم يكترث . واصل الدراسة في همّة ونشاط .. يتصل بأهله أسبوعياً للاطمئنان على والديه وزوجته . وفي يوم الإجازة الأسبوعي طَرَقت عليه الجارة الباب ودعته لتناول العشاء في منزلها . تردد قليلاً . ولكنه قرر تلبية الدعوة .
ارتدى أجمل ملابسه وذهب إلى شقة جارته .. لم يكن هناك سواه .. وسواها .. قدمت له « الشراب » فرفض .. وأمام الإلحاح الشديد والنظرات الثاقبة وافق .. في سرعة .
بعد أن انتهَيَا من العشاء سألها عن أصلها وفصلها. وهل هي متزوجة أم لا . وما سبب سكنها بمفردها. قالت له: إن أباها وأمها قد توفيا منذ فترة وتركا لها مالاً وفيراً . وتزوجت من شخص ثم انفصلت عنه لسوء خلقه.
سألته نفس الأسئلة .. ولكنه قال لها أنه غير متزوج وأن والديه على قيد الحياة . أراد أن يغادر الشقة لأن الساعة اقتربت من الثانية صباحاً . أَبْدت حزنها الشديد على مغادرته . وطلبت منه الانتظار . قال لها : إن لديَّ امتحاناً مساء غد ورأسي يكاد يتحطم من صداع شديد . أسرعت إلى المطبخ وجلبت حقنة بها سائل أبيض ، وقامت بحقنها إياه . أحسَّ براحة تسري في جسده . وهنا حدث المحظور .
استيقظ على صوت الساعة معلنة الحادية عشرة صباحاً .. هبط إلى شقته مسرعاً للذهاب إلى الجامعة . عندما عاد في المساء ظهرت عليه أعراض ذلك الصداع ولكنها كالمرة السابقة قامت بإعداد تلك الحقنة . المريحة .
وذهب لأداء الامتحان .. استمرت علاقته بتلك الفتاة مدة قاربت على الشهرين وفي كل ليلة تعطيه نفس الحقنة .. وفي إحدى الليالي جاء إليها متوسلاً إعطاءه الحقنة قالت له :
إن هذه الحقنة ثمنها غال جداً وليس لديها مال .. كتب لها شيكاً بـ 1000 دولار لشراء حقنة قال له : إن هذه الحقنة ليست مباحة ، ولكنها ممنوعة .. كاد أن يسقط مغشياً عليه من هول المفاجأة . سألها وماذا تكون .. قالت له في برود ( الهيروين ) !!
شتمها وصفعها على وجهها . ولكن الصداع اللعين أبى مغادرة رأسه . سقط أمامها كالخروف يقبل أقدامها لإعطائه الحقنة . قالت له . اكتب لي شيكاً بكل ما تملك وأنا أحضر لك ما تريد ودون أن يتردد كتب لها شيكاً بالمبلغ المتبقي من الـ 300 ألف دولار التي أعطاها له والده .
أحضرت له الحقنة وقامت بحقنه . أحس بالراحة والاطمئنان . استمرت تحضر له الحقنة ثلاثة مرات في اليوم بدلاً من مرة واحدة . مر شهر وثان وثالث . قلق والداه وزوجته عليه ولكن . دون جدوى .
بعد مرور 4 شهور قالت له أن المبلغ قد نفذ .. قال لها أنه لم يعد يملك ولا .. دولار .. نظرت إليه باشمئزاز ثم قالت له .. سأحضر لك ما تريد من الحقن على أن تقوم بتوصيل بعض الحقائب إلى أحد الأماكن .. هز رأسه مبدياً موافقته .
بعثت له الجامعة إنذاراً بالفصل ولكنه لم يكترث بل استمر في إيصال الحقائب بمعدل 6 حقائب يومياً .. واستمرت هي في حقنه الهيروين ولم يدُر بخلَده أن الحقائب التي يوصلها تحمل أكياساً من « الهيروين والكراك » ..
بعد عام كامل قام والده بالاتصال بالسفارة للسؤال عنه .. قامت السفارة بالبحث عن عنوانه .. وعندما وجدوه اكتشفوا الحقيقة .. وطلبوا منه الاستعداد للعودة إلى بلاده لأن الوضع لم يعد يحتمل ..
وقامت السفارة بإجراء فحوصات طبية له للتأكد من سلامته من الأمراض ، ولكن وقعت الطامة الكبرى .. ظهرت التحليلات تثبت أنه مصاب « بمرض الإيدز » .. أسرعت السفارة ببعث إشارة إلى المستشفى التي تقع في تلك المدينة طالبة منها تجهيز عربة إسعاف لنقل « ... » إلى حيث يتم الحجر عليه .
وفي ثلاثة أيام انتهت الإجراءات المتعلقة بسفره . لم يخبروه بنتيجة الكشف ، ولكن في صباح يوم السفر رأى كلمات مكتوبة على جدار دورة المياه « مرحباً بك في نادي الإيدز » .
حاول أن يُلقي بنفسه من الشرفة ، ولكن قام رجال السفارة بتهدئته استعداداً للسفر . بعد وصوله . نقلته عربة الإسعاف إلى حيث يتم الحجر عليه . بعد ذلك قامت المستشفى بإبلاغ والده بما جرى .
أصيب الأب بحالة هستريا شديدة . عندما رأته الأم صرخت سائلة : ماذا حدث ؟ لم يرد عليها سوى بثلاث كلمات ابنك لديه « ابنك لديه إيدز » . سقطت الأم مغشياً عليها .
حضرت زوجة الابن للاستفسار عن الذي جرى . لم ترَ سوى الأب والأم ملقين على الأرض مغمياً عليهما استدعت الإسعاف . لنقلهما إلى المستشفى . وبعد وصولهما إلى المستشفى قام الأطباء بإجراء اللازم .
ولكن وصلت مكالمة إلى المنزل من المستشفى الذي ينزل فيه زوجها طالبين من زوجته الحضور لزيارته لأنه طلب ذلك . سألتهم عن كيفية وصوله لأنه على حد علمها يدرس في « ... » صارحوها بالحقيقة .. سقطت الزوجة . فاقدة الوعي ومصابة بنوبة قلبية استمر المتحدث يصيح في الهاتف .. ألو .. ألو .
ولكن ليس هناك أحد أسرع بإبلاغ الإسعاف والشرطة بما وقع فقاموا بكسر باب الشقة ليجدوها فاقدة النطق ولا تستطيع الحركة . وعند وصولهم إلى المستشفى اكتشفوا أنها أصيبت بشلل رباعي . أما الوالدان فقد تقرر بقاؤهما في مستشفى الأمراض العقلية لأنهما أصيبا بالجنون . وأغلق ملف هذه المأساة .
وأخيرا .. أقول كما قال الله تعالى : ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) وكما قال الله تعالى : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقَ السمع وهو شهيد ) .