كمال بوشامة يكشف أسرار إصداره الجديد "جزائريو الشام" للشروق:"لدي شهادات تثبت أن جثمان الأمير وجد في حالته الطبيعية يوم نقله إلى الجزائر"التقينا السفير السابق للجزائر بسوريا كمال بوشامة على هامش الملتقى الدولي "البيعة.. أبعاد ودلالات" نادي الجيش ببني مسوس، فاغتنمنا الفرصة لطرح بعض الأسئلة التي دار حولها النقاش في الملتقى واختلف المحاضرون في الإجابة عنها لنقص المادة التوثيقية. وشاءت الصدف أن يكون قد استغل ما جمعه خلال فترة إقامته هناك من شهادات ووثائق في كتاب اسماه "جزائريو الشام" سيصدر قريبا وكان لـ "الشروق" الفرصة في معرفة أهم فصوله المتعلقة بالأمير عبد القادر في هذه الدردشة.
إقامتك بدمشق كسفير للجزائر بسوريا لسنوات كانت فرصة ثمينة تعرفت خلالها على عائلة الأمير بدمشق وحصلت على الكثير من المخطوطات والوثائق الخاصة به. كيف فشلت المفاوضات مع وزارة الخارجية في الجزائر في استرجاع قصر دمر وتحويله إلى مركز ثقافي جزائري؟ - فعلا.. خلال مهامي كسفير للجزائر في سوريا، تمكنت من التعرف على أحفاد الأمير عبد القادر واستقيت منهم الكثير من الروايات الصحيحة عن حياته ونضاله وفكره وأحضرت كتاب "المواقف" و"تحفة الزائر". كما تعرفت على الدور الحضاري العظيم للأمير في بلاد الشام حيث كان له الفضل في تأخير استعمار الشام بستين سنة، وكان على رأس شق قناة السويس، وأشير هنا إلى أن الحكومة العثمانية كانت ضده، ومن حظه أن السلطان عبد الحميد كان الوحيد من احترمه، وهي حقيقة تاريخية لا تشوبها أي شبهة. الأمير هو أول من كان على رأس الحركة الثقافية في المشرق وتاريخه حافل بالإنجازات. أما بالنسبة لقصر الأمير في دمر والذي فشلنا في استرجاعه فقد قام الاتحاد الأوروبي بأخذه مقابل ثمن بخس جدا، وهذا شيء مؤسف للغاية.
هناك من يشكك في أن الأمير أوصى بنقل رفاته إلى الجزائر.. هل من شهادات تثبت ذلك أو تنفيه؟ - وصية الأمير كانت أن يدفن في الجزائر، وحفيد الأمير الحقيقي محمد الفاتح الحسني الجزائري يؤكد ذلك بالتواتر، أي أن والده قال له إن جده قال إن الأمير عبد القادر أوصى قائلا "سأرجع إلى الجزائر منتصرا أو محمولا". كما قال لي إنه عندما نزل إلى القبر مع مفتي الديار الشامية لرفع جثمان الأمير وجداه على حالته الطبيعية حتى أغمي على الإمام. وأنهم عندما هموا بحمله بدأت عظامه تصدر صوتا دل على أنها تتهشم وتنكسر.
قلت حفيده الحقيقي، إذن أنت تتفق مع أحفاده الذين استنكروا ادعاءات البعض بنسب الأمير وهم لا يعرفونهم حتى؟ - هذه حقيقة، فهناك الكثيرون ممن يدعون أنهم أحفاد الأمير ولكن لا صلة لهم بعائلته وإنما لهم صلة بالعائلات التي سافرت معه.
مثلما ادعى الماسونيون أنه منهم والمسيحيون شيدوا ساحة باسمه؟ - لما ساعد الأمير عبد القادر المسيحيين انطلاقا من أنه عمل إنساني أعجب الماسونيين بذلك واعتبروا ما قام به يتوافق مع الطريقة الماسونية فاستدعوه فدخل إلى المحفل، ولكن بمجرد أن تفطن إلى أنهم سيستغلونه انسحب قائلا "أنا أدافع عن الإنسانية". ونفس الشيء بالنسبة للمسيحيين الذين ظنوا أنه دافع عنهم لأنه نصراني.
بعيدا عن المسؤولية.. هل وظف بوشامة هذه الوثائق والحقائق في كتاب أو مذكرات مثلا؟ - نعم سيصدر كتاب في شهر مارس المقبل تحت عنوان "جزائريو بلاد الشام.. من سيدي بومدين إلى الأمير عبد القادر 1187 إلى 1911" رصدت فيه رحلة الجزائريين منذ سيدي بومدين الذي حارب الصليبيين في معركة "حطين" وانتصروا ودخلوا القدس أين منحهم صلاح الدين الأيوبي حي المغاربة وحائط المبكى وانتشروا في العديد من القرى الفلسطينية.
ماذا يفعل بوشامة بعد استقالته من آخر منصب مسؤولية كمحافظ لتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية وهل اقترحت عليك مناصب أخرى بعد ذلك؟ - يضحك.. أنا متواجد حاليا في مكانين إما أمارس الرياضة (السباحة) أو تجدني في مكتبة من المكتبات. أنا مرتاح هكذا أنمي معارفي وأطالع أمهات الكتب. اقترح علي بعض المناصب ولكني أفضل التفرغ للكتابة والإبداع.
الشروق:2010/02/08.