إننا كثيرا ما نهتم بكل الثقافات أو معظمها، كالفنون و الآداب و العلوم و السياسة و الاجتماع و الاقتصاد، و غير ذلك و لكن حتى الآن لم يتسع لدينا ليشمل الثقافة القانونية رغم أنها وثيقة الصلة بحياة الإنسان و سلوكه و تصرفاته.
فلا شك أن كلا منا أفرادا أو جماعات نواجه مشاكل في علاقاتنا مع الآخرين و لكن لا أحد يعرف متى يكون تصرفه صحيحا متفقا مع القانون و متى يكون عكس ذلك.
و أما هذه المشاكل التي يعيشها كل الناس أو معظمهم سواء بوعي أو غير وعي لدى خطورتها و أمام نتائجها التي تتمثل في تعقد العلاقات و تشابك المصالح. وأمام هذا كله يدعونا الأمر إلى التعريف بمبادئ القانون بقصد التوعية القانونية، و لو في أبسط مفهوم كمحاولة لضمان استقرار العلاقات و المعاملات و توفير الوقت و الجهد وتجنبا للاشكالات الحاصلة.
و كلمة- قانون- تستعمل في موضوعنا هذا للدلالة على مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الأفراد و تصرفاتهم داخل المجتمع الذي يعيشون فيه و التي يترتب على مخالفتها توقيع جزاء على المخالف.
فالقانون يفاضل بين مصالح الأفراد المتشابكة و المتصارعة و يفضل مصلحة على أخرى و يصبغ عليها الشرعية و الحماية. و بذلك نشأ الحق لمن اتخذت مصلحته مركزا متميزا ينفرد به دون غيره و هذا الحق لا ينشأ إلا استنادا على قاعدة من قواعد القانون تصبغ عليه حمايتها و تلزم الكافة باحترام هذا الحق.
و حينما يوجد الإنسان يوجد القانون، حيث إن الإنسان اجتماعي بطبعه و لا يستطيع أن يعيش بمفرده و وجود الجماعة يحتم نشوء علاقات متعددة و مصالح متنوعة بين كل فرد من أفرادها و لا بد لهذه العلاقات من تنظيم، و لهذه المصالح من قواعد تحكمها، فلا يمكن أن نتصور مجتمعنا من المجتمعات الإنسانية بلا قواعد تحدد سلوك أفراده و تبين ما لهم من حقوق و ما عليهم من واجبات.
ومن بين القواني التي تضبط حياة الافراد في كلياتها وجزئياتها نجد القانون المدني،القانون الجنائي، القانون الجبائي، القانون ......وقانون المرور.
هذا الاخير هو محور دراستنا باعتبار أنه الاخطر في حال ما إذا تم تجاوزه وعدم احترامه، ولذلك دقت العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية ناقوص الخطر نظرا للانتهاكات المتكررة لقانون المرور الذي ينتج عن عدم احترامه خسائر مادية ومعنوية تصل إلى هلاك العباد، وهو ما حذر منه المولى عز وجل باعتبار أن النفس من بين الكليات الخمس التي حرص عليها الاسلام.
قانون المرور كغيره من القوانين و يتميز بميزات القوانين الاخرى أو القواعد القانونية الاخرى على غرار أنه عبارة عن قواعد مجردة، سلوكية، إجتماعية،...
وهذه الميزات تجعل من تطبيق القانون احتراما بدرجة أولى من كونه إلزاما ، ولكن في لحظة من اللحظات حين تصبح حياة الافراد في خبر كان ، نتيجة السرعة، نتيجة التهور، نتيجة الرغبة في تحقيق المتعة على حساب حياة الآخرين، وبما أن كل ممنوع مرغوب تجد السائق لايتردد بين الفينة والأخرى أن يتعمد عدم تطبيق القانون الذي هو في حالات تجد أن تطبيقه أسهل من عدم ذلك، ومع هذا ومع النشوة المتحققة عن طريق عدم احترام القانون تولد حوادث مرورية ينجم عنها وفاة العشرات.
وهنا وبهذا الصدد حاولت الحكومة تسليط أشد العقوبات على المخالفين عن طريق رف الغرامات المالية والحبس والتي تصل إلى الحرمان النهائي من رخصة السياقة ومع هذا ومع مرور الاشهر على تطبيق التعديلات الجديدة على القانون ولكن يبدو أن الامر بقي على حاله ليزداء الامر سوءا ويزداد الجرح تعفنا ليطر السؤال الذي مازال ينتظر إجابات الحكومة: هل العقوبات الردعية كفيلة بتقويم الجريمة؟ وهل الوضع الحالي سببه عدم وجود القوانين؟..وغيرها من الاسئلة الحرجة التي وفي نظري لايجيب عنها إلا متجاوزوا القانون.
هذا ونضع المتهم في الكفة الاخرى لنطرح سؤالا آخر : هل كل مجازر الطرقات مسؤول عنها السائق بالدرجة الاولى؟ وهل الحكومة مسؤولة عن جزء من هذه الحوادث؟ وهل للمواطن البسيط يد في كل هذا ؟
و إذا طرحت علي هذه الاسئلة أو طرح علي السؤال التالي : من هو المتسبب الحقيقي في حوادث الطرقات ؟ ومن المسؤول عنها؟ لأجبت وبدون تردد نحن جميعا مسؤولون
عن هذه الحوادث وذلكم للشواهد التالية:
- كم من مرة ركبنا مع سائق ونصحناه بعدم تجاوز السرعة القانونية ؟
- كم من مرة ركبنا مركبة وأقسمنا على عدم الركوب فيها مرة اخرى لان سائقها بطيء جدا؟
- كم من مرة تركنا أبناءنا بكل إهمال ليصيبهم حادث مرور أو يتسببوا به؟
- كم مرة رفعنا شكوى للسلطات بغرض وضع الممهلات بشارعنا ؟
- كم من مرة ركبنا سيارتنا ول نضع حزام الامان باعتبار أنه لا توجد دوريات شرطة بالقرب منا؟
- كم من مرة اقتدينا بمن يهوى عدم احترام القانون؟
- ..........؟
ولذلك فالحوادث المرورية التي تحدث كل يوم نحن جميعا مسؤولون عنها ولكن بدرجات متفاوتة ، وذلك يعود أصلا الى غياب الثقافة القانونية او الثقافة المرورية عندنا اذ هذ يتضح جليا مع كلمة: لماذا أضع حزام الامن والشرطة ليست بالقرب منا، إذ يخيل الى المستمع ان المستفيد من تطبيق القانون هو الشرطي، صحيح أن الشرطي هو رجل أمن ولكننا قد نسينا أنه يسعى لأمننا نحن وليس لأمنه هو أو بعبارة أخرى فالدولة تدفع له أجرا على أن يسعى من أجل ان نبقى في أمان، وبهذا الصدد أذكر بانه إذا لم يكن كل السائقين شيطين فكذلك ليس كل رجال الأمن ملائكة، إذ أحيانا تجد رجل الأمن لايضع حزام امن بدون مبرر، او يتجاوز السرعة القانونية المسموح بها ....الى غير ذلك.
على كل لماذا لا نصلح أنفسنا بانفسنا دون ان ننتظر الاصلاح من أحد بتطبيق بعض الحلول التي تعبر عن وجهة نظري لاغير ومن ذلك:
- أن كل فرد يعرف قانون المرور يعلمه لأبنائه حتى لايقعوا ضحية حادث أو يتسببوا به.
- أن يطبق كل واحد منا قانون المرور سواءا بوجود الإشارات أو بعدم وجودها.
- أن نطبق القانون احتسابا لله عز وجل وصونا للامانة وليس خوفا من رجال الامن.
- أن لا نتجاوز السرعة القانونية المسموح بها وهي للتذكير لمن يعلمها وللعلم لمن يجهلها(السرعة القصوى المسموح بها داخل المدينة هي 50كم/سا، خارج المدينة 100كم/سا، الطريق السريع والطريق السيار 120كم/سا) أي أنه لا توجد اطلاقا 180،190،240..؟
وعلى الله قصد السبيل، عسى أن يكون الاصلاح على أيدينا.