مرثية ابو ذؤيب الهذلي
الشاعر /خويلد بن خالد بن محرث بن زيد بن مخزوم بن صاهله من بني هذيل شاعر مخضرم ادرك الجاهليه ولاسلام
توفي سنة 27ه/648م؛؛
في خلافة عثمان بن عفان بطريق مكة قريبا منها ودفنه ابن الزبير. وغزا
أبو ذؤيب مع عبد الله بن الزبير إفريقية ومدحه. وقيل: إنه مات في غزوة
إفريقية بمصر منصرفاً بالفتح مع ابن الزبير فدفنه ابن الزبير ونفذ بالفتح
وحده. وقيل: إن أبا ذؤيب مات غازيا بأرض الروم ودفن هناك وإنه لا يعلم
لأحد من المسلمين قبر وراء قبره. وكان عمر ندبه إلى الجهاد فلم يزل
مجاهداً حتى مات بأرض الروم. ودفنه هناك ابنه أبو عبيد وعند موته قال
له: «أبا عبيد رفع الكتاب واقترب الموعد والحساب في أبيات».
قال
محمد بن سلام: قال أبو عمرو: «وسئل حسان بن ثابت من أشعر الناس فقال
حيا أم رجلا قالوا: حيا. قال: هذيل أشعر الناس حيا» وأضاف ابن سلام
وأقول: «إن أشعر هذيل أبو ذؤيب». نننن وقال عمر بن شبة: «تقدم أبو ذؤيب
على جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يرثي فيها بنيه».
وقال الأصمعي: أبرع بيت قالته العرب بيت أبو ذؤيب: «والنفس راغبة إذا رغبتها»
هذه
القصيدة تُعدُّ من أمهات المراثي في الشعر العربي الفصيح لأبي ذؤيب الهذلي
يرثي فيها بنيه وكانوا خمسة أصيبوا في عام واحد بمرض الطاعون ,
وفي هذه القصيدة من الحكم الكثيرة والأمثال السائرة :
أَمِـنَ المَنـونِ وَريبِهـا تَتَوَجَّـع *** ُوَالدَهـرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِـن يَجـزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِـكَ شاحِبـاً *** مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثـلُ مالِـكَ يَنفَـع
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِـمُ مَضجَعـاً *** إِلّا أَقَـضَّ عَلَيـكَ ذاكَ المَضجَـع
فَأَجَبتُهـا أَن مـا لِجِسمِـيَ أَنَّـهُ *** أَودى بَنِيَّ مِـنَ البِـلادِ فَوَدَّعـوا
أَودى بَنِـيَّ وَأَعقَبونـي غُصَّـةً *** بَعـدَ الرُقـادِ وَعَبـرَةً لا تُقلِـعُ
سَبَقوا هَـوَىَّ وَأَعنَقـوا لِهَواهُـم *** ُ فَتُخُرِّموا وَلِكُـلِّ جَنـبٍ مَصـرَعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُـمُ بِعَيـشٍ ناصِـبٍ *** وَإَخـالُ أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَـعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِـعَ عَنهُـم *** ُفَـإِذا المَنِيِّـةُ أَقبَلَـت لا تُـدفَـعُ
وَإِذا المَنِيَّـةُ أَنشَبَـت أَظفـارَهـا *** أَلفَيـتَ كُـلَّ تَميمَـةٍ لا تَنـفَـعُ
فَالعَيـنُ بَعدَهُـمُ كَـأَنَّ حِداقَـهـا *** سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عـورٌ تَدمَـعُ
حَتّـى كَأَنّـي لِلحَـوادِثِ مَـروَةٌ *** بِصَفا المُشَرَّقِ كُـلَّ يَـومٍ تُقـرَعُ
لا بُدَّ مِـن تَلَـفٍ مُقيـمٍ فَاِنتَظِـر *** أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصْرَعُ
وَلَقَـد أَرى أَنَّ البُكـاءَ سَفـاهَـةٌ *** وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِـن يَفجَـع
وَليَأتِيَـنَّ عَلَيـكَ يَــومٌ مَــرَّةً *** يُبكـى عَلَيـكَ مُقَنَّعـاً لا تَسمَـعُ
وَتَجَلُّـدي لِلشامِتـيـنَ أُريـهِـمُ *** أَنّي لَرَيبِ الدَهـرِ لا أَتَضَعضَـعُ
وَالنَفـسُ راغِبِـةٌ إِذا رَغَّبتَـهـا *** فَـإِذا تُـرَدُّ إِلـى قَليـلٍ تَقـنَـعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَـوى *** باتوا بِعَيـشٍ ناعِـمٍ فَتَصَدَّعـوا
فَلَئِن بِهِم فَجَـعَ الزَمـانُ وَرَيبُـهُ *** إِنّـي بِأَهـلِ مَوَدَّتـي لَمُفَـجَّـعُ
وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ ***فـي رَأسِ شـاهِقَةٍ أَعَـزُّ مُمَنَّعُ
وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ ***جَـونُ الـسَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
صَـخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ ***عَـبدٌ لِآلِ أَبـي رَبـيعَةَ مُـسبَعُ
أَكَـلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ ***مِـثلُ الـقَناةِ وَأَزعَـلَتهُ الأَمرُعُُ
بِـقَرارِ قـيعانٍ سَـقاها وابِـلٌ ***واهٍ فَـأَثـجَمَ بُـرهَةً لا يُـقلِعُ
فَـلَبِثنَ حـيناً يَـعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ ***فَـيَجِدُّ حيناً في العِلاجِ وَيَشمَعُ
حَـتّى إِذا جَـزَرَت مِياهُ رُزونِهِ ***وَبِـأَيِّ حـينِ مِـلاوَةٍ تَـتَقَطَّعُ
ذَكَـرَ الـوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ ***شُـؤمٌ وَأَقـبَلَ حَـينُهُ يَـتَتَبَّعُ
فَـاِفتَنَّهُنَّ مِـن الـسَواءِ وَماؤُهُ ***بِـثرٌ وَعـانَدَهُ طَـريقٌ مَـهيَعُ
فَـكَأَنَّها بِـالجِزعِ بَـينَ يُـنابِعٍ ***وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
وَكَـأَنَّـهُنَّ رَبـابَـةٌ وَكَـأَنَّهُ *** يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
وَكَـأَنَّما هُـوَ مِـدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ ***فـي الـكَفِّ إلآ أَنَّـهُ هُوَ أَضلَعُ
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ ***الضُـرَباءِ فَـوقَ الـنَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَـشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ ***حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
فَـشَرِبنَ ثُـمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ ***شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
وَنَـميمَةً مِـن قـانِصٍ مُتَلَبِّبٍ ***فـي كَـفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
فَـنَكِرنَهُ فَـنَفَرنَ وَاِمـتَرَسَت بِهِ ***سَـطعاءُ هـادِيَةٌ وَهـادٍ جُرشُعُ
فَـرَمى فَـأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ ***سَـهماً فَـخَرَّ وَريـشُهُ مُتَصَمِّعُ
فَـبَدا لَـهُ أَقـرابُ هـذا رائِغاً ***عَـجِلاً فَـعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
فَـرَمى فَـأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً ***بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
فَـأَبَـدَّهُنَّ حُـتوفَهُنَّ فَـهارِبٌ ***بِـذَمـائِهِ أَو بـارِكٌ مُـتَجَعجِعُ
يَـعثُرنَ فـي حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما ***كُـسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ ***شَـبَبٌ أَفَـزَّتهُ الـكِلابُ مُرَوَّعُ
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ ***فَـإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
وَيَـعوذُ بِـالأَرطى إِذا مـا شَفَّهُ ***قَـطرٌ وَراحَـتهُ بَـلِيلٌ زَعـزَعُ
يَـرمي بِـعَينَيهِ الـغُيوبَ وَطَرفُهُ *** مُـغضٍ يُـصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
فَـغَدا يُـشَرِّقُ مَـتنَهُ فَـبَدا لَهُ ***أَولـى سَـوابِقَها قَـريباً توزَعُ
فَـاِهتاجَ مِـن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ ***غُـبرٌ ضَـوارٍ وافِـيانِ وَأَجدَعُ
يَـنـهَشنَهُ وَيَـذُبُّهُنَّ وَيَـحتَمي ***عَـبلُ الـشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
فَـنَحا لَـها بِـمُذَلَّقَينِ كَـأَنَّما***بِـهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
فَـكَأَنَّ سَـفّودَينِ لَـمّا يُـقتَرا ***عَـجِلا لَـهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
فَـصَرَعنَهُ تَـحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ ***مُـتَتَرِّبٌ وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
حَـتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً ***مِـنها وَقـامَ شَـريدُها يَتَضَرَّعُ
فَـبَدا لَـهُ رَبُّ الـكِلابِ بِكَفِّهِ ***بـيضٌ رِهـافٌ ريـشُهُنَّ مُقَزَّعُ
فَـرَمى لِـيُنقِذَ فَـرَّها فَهَوى لَهُ ***سَـهمٌ فَـأَنفَذَ طُـرَّتَيهِ الـمِنزَعُ
فَـكَبا كَـما يَـكبو فِنيقٌ تارِزٌ *** بِـالخُبتِ إِلّا أَنَّـهُ هُـوَ أَبـرَعُ
وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ ***مُـستَشعِرٌ حَـلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
حَـمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ *** مِـن حَـرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
تَـعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها *** حَـلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها ***بِـالنَيِّ فَـهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
مُـتَفَلِّقٌ أَنـساؤُها عَـن قـانِيٍ *** كَـالقُرطِ صـاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
تَـأبى بِـدُرَّتِها إِذا ما اِستُكرِهَت ***إِ لآ الـحَـميمَ فَـإِنَّـهُ يَـتَبَضَّعُ
بَـينَنا تَـعَنُّقِهِ الـكُماةَ وَرَوغِهِ *** يَـوماً أُتـيحَ لَـهُ جَرىءٌ سَلفَعُ
يَـعدو بِـهِ نَـهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ ***صَـدَعٌ سَـليمٌ رَجـعُهُ لا يَظلَعُ
فَـتَنادَيا وَتَـواقَفَت خَـيلاهُما ***وَكِـلاهُما بَـطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
مُـتَحامِيَينِ الـمَجدَ كُـلٌّ واثِقٌ *** بِـبَلائِهِ وَالـيَومُ يَـومٌ أَشـنَعُ
وَعَـلَيهِما مَـسرودَتانِ قَضاهُما ***داودٌ أَو صَـنَعُ الـسَوابِغِ تُـبَّعُ
وَكِـلاهُـما فـي كَـفِّهِ يَـزَنِيَّةٌ***فـيها سِـنانٌ كَـالمَنارَةِ أَصلَعُ
وَكِـلاهُما مُـتَوَشِّحٌ ذا رَونَـقٍ*** عَـضباً إِذا مَـسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
فَـتَخالَسا نَـفسَيهِما بِـنَوافِذٍ *** كَـنَوافِذِ الـعُبُطِ الَّـتي لا تُرقَعُ
وَكِـلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ ***وَجَـنى الـعَلاءَ لَو أَنَّ شَيئاً يَنفَعُ
منقوووووووووووووول