ما هي صورة القدس في مخيلتك؟ *

ما هي صورة القدس في مخيلتك؟ *

مقدمة لـلمشروع الفني "القدس في المنفى"

هل أصبحت القدس مدينة للمنفي؟
شهدت القدس عدة احتلالات عبر تاريخها، ولكنها لم تشهد مثيلا لما جرى في الأعوام الثمانية والخمسين الماضية من حرمان لأهلها من الوصول إليها.. ومع بناء جدار الفصل من حولها وداخلها فقد أصبحت القدس نفسها مدينة ضائعة ومعزولة.
قبل سنوات كتب فنان القدس الكبير كمال بُلاطة مقالة عن تجربتي الفنية أشار فيها إلى أنني ورغم معيشتي في القدس "فنان منفي"؛ وهي حقيقة كنت أعيشها وأسهو عنها، أما اليوم فإني أُدرك أن القدس كلها أصبحت مدينة "في المنفى".

للقدس معان خاصة لدى الفلسطينيين، وعند سؤال كل واحد منا يقينا سنعثر على أكثر من توصيف للمدينة؛ فللذين لا يستطيعون زيارتها، أو الذين تُقيّد زيارتهم بإقامة سياحية تفرضها قيود الاحتلال، أو للذين حرموا من حق العودة إليها؛ لهؤلاء جميعا -كما أعتقد- صور ما انفكت تسكن مخيلاتهم. وبمرور الوقت أصبحت هذه المخيلات أفكارا معلقة ومشحونة بالانفعالات، وظلّت تكافح للخروج إلى الضوء والواقع رغم حقيقة أن هذا الواقع مقيّد ومحتل.

ومن هنا نود تحرير هذه المخيلات والأفكار، وتحويلها إلى صور بصرية؛ من أجل خلق صور فوتوغرافية من الوصف المقدم لتلك الصور "الذهنية" المختلفة للقدس، حسبما ستصل إليّ من فلسطينيين من كل العالم.. إن توصيفاتهم لصورهم سوف تمنحني الفرصة لاكتشاف القدس ومعايشتها بطريقة جديدة، وسوف تعمل المخيلة كبعد إضافي وغير مقيد، حيث ستكون الجناح الذي سيحمل تطلعات فلسطينيي العالم لكل زاوية من زوايا القدس لـ"تحريرها" بالمخيلة.. ستكون تفاعل مخيلات، مخيلتي كفنان منفيّ داخل المكان ومخيلات منفيين خارج المكان؛ حيث لا تستطيع الجدران أن تمنع مخيلتنا الجمعية من الوصول للقدس متجاوزة الجدران والحواجز.

نأمل أن هذه المحاولة سوف تستثير الأفكار والمشاعر؛ ليتم تقديمها في النتيجة النهائية ككتاب فنّي تحت عنوان "القدس في المنفى ــ ذكريات مجسّدة" يتولى تحريره الشاعر نجوان درويش الذي طالما جمعتني وإياه أسئلة الفن والهوية والحياة في منفانا المشترك في القدس.. الكتاب الذي نأمل أن يتضمن شهادات ونصوصا قيّمة عن القدس وعن موضوعي الانتماء والوطن، من بينها كتابات لأسماء فلسطينية من فنانين ومفكّرين، (بالإضافة للمشاركات التي ستردنا من أصحابها عبر البريد الإلكتروني: participate@jerusalem-in-exile.net

والتي نسألهم فيها إرسال وصف أول صورة أو مشهد يتبادر إلى أذهانهم بمجرد ذكر اسم القدس). ونأمل في النهاية أن يؤدي هذا كله إلى تحريك وإخصاب صورة القدس في المخيلة الجمعية الفلسطينية.

إن هذه التجربة في تجلّي الكلمات إلى صور، والمخيلات إلى وقائع ملموسة، ستخلق في النهاية فنّا يحتفل بالولادة والولادة من جديد؛ فنّا بإمكانه أن يحيا وأن يتجاوز الحدود.

هذه دعوة مفتوحة لكل "الممنوعين" عن القدس للمشاركة: www.jerusalem-in-exile.net