قصيدة رائعة للشاعر محمود دريش رحمه الله

جندي يحلم بالزنابق البيضاء

يحلم بالزنابق البيضاء
بغصن زيتون..
بصدرها المورق في المساء
يحلم_ قال لي _بطائر
بزهر ليمون
و لم يفلسف حلمه ل،م يفهم الأشياء
إلا كما يحسّها.. يشمّها
يفهم_ قال لي_ إنّ الوطن
أن أحتسي قهوة أمي
أن أعود في المساء..
سألته: و الأرض؟
قال: لا أعرفها
و لا أحس أنها جلدي و نبضي
مثلما يقال في القصائد
و فجأة، رأيتها
كما أرى الحانوت..و الشارع.. و الجرائد
سألته: تحبها
أجاب: حبي نزهة قصيرة
أو كأس خمر.. أو مغامرة
_من أجلها تموت ؟
_كلا!
و كل ما يربطني بالأرض من أواصر
مقالة نارية.. محاضرة!
قد علّموني أن أحب حبّها
و لم أحس أن قلبها قلبي،
و لم أشم العشب، و الجذور، و الغصون..
_و كيف كان حبّها
يلسع كالشموس ..كالحنين؟
أجابني مواجها:
_و سيلتي للحب بندقية
وعودة الأعياد من خرائب قديمة
و صمت تمثال قديم
ضائع الزمان و الهوية!
حدّثني عن لحظة الوداع
و كيف أمّة
تبكي بصمت عندما ساقوه
إلى مكان ما من الجبهة..
و كان صوت أمه الملتاع
يحفر تحت جلده أمنية جديدة :
لو يكبر الحمام في وزارة الدفاع
لو يكبر الحمام!..
..دخّن، ثم قال لي
كأنه يهرب من مستنقع الدماء:
حلمت بالزنابق البيضاء
بغصن زيتون..
بطائر يعانق الصباح
فوق غصن ليمون..
_وما رأيت؟
_رأيت ما صنعت
عوسجة حمراء
فجرتها في الرمل.. في الصدور.. في البطون..
_و كم قتلت ؟
_يصعب أن أعدهم..
لكنني نلت وساما واحدا
سألته، معذبا نفسي، إذن
صف لي قتيلا واحدا.
أصلح من جلسته ،وداعب الجريدة المطويّة
و قال لي كأنه يسمعني أغنية:
كخيمة هوى على الحصى
و عانق الكوكب المحطمة
كان على جبينه الواسع تاج من دم
وصدره بدون أوسمة
لأنه لم يحسن القتال
يبدو أنه مزارع أو عامل أو بائع جوال
كخيمة هوى على الحصى ..و مات..
كانت ذراعاه
ممدودتين مثل جدولين يابسين
و عندما فتّشت في جيوبه
عن اسمه، وجدت صورتين
واحد ..لزوجته
واحد.. لطفله ..
سألته: حزنت؟
أجابني مقاطعا يا صاحبي محمود
الحزن طيّر أبيض
لا يقرب الميدان. و الجنود
يرتكبون الإثم حين يحزنزن
كنت هناك آلة تنفث نارا وردى
و تجعل الفضاء طيرا أسودا
حدثّني عن حبه الأول،
فيما بعد
عن شوارع بعيدة،
و عن ردود الفعل بعد الحرب
عن بطولة المذياع و الجريدة
و عندما خبأ في منديله سعلته
سألته: أنلتقي
أجاب: في مدينة بعيدة
حين ملأت كأسه الرابع
قلت مازحا.. ترحل و.. الوطن ؟
أجاب: دعني..
إنني أحلم بالزنابق البيضاء
بشارع مغرّد و منزل مضاء
أريد قلبا طيبا، لا حشو بندقية
أريد يوما مشمسا، لا لحظة انتصار
مجنونة.. فاشيّة
أريد طفلا باسما يضحك للنهار،
لا قطعة في الآله الحربية
جئت لأحيا مطلع الشموس
لا مغربها
ودعني، لأنه.. يبحث عن زنابق بيضاء
عن طائر يستقبل الصباح
فوق غصن زيتون
لأنه لا يفهم الأشياء
إلاّ كما يحسّها.. يشمّها
يفهم_ قال لي_ إن الوطن
أن أحتسي قهوة أمي..
أن أعود، آمنا مع، المساء بقلم الشاعر: محمود درويش

محمود درويش من الشعراء الفلسطنين الذي أجادوا كتابة و القاء. شكرا لك أختي العنود على الانتقاء المميز

اقتباس :

و لم يفلسف حلمه ل،م يفهم الأشياء
إلا كما يحسّها.. يشمّها

للجندي حلم لا ندري هل تحقق أم أن الحلم بقي أسير الأفواه و الصفحات فقط. و على شاكلة الجندي كل فينا له حلمه فهل يمكن أن يتحقق. أم أنه سيمكث في أذهاننا حينا و بعدها يتبدد

دمتم سالمين
قصيدة رائعة للشاعر محمود دريش رحمه الله 406675

قصيدة رائعة للشاعر محمود دريش رحمه الله 406675

الأحلام شئ رائع . فحرام أن تذهب معنا أحلامنا الى القبور دون أن نقوم بتخقيقها. ما رأيك؟

صدقت. غير ان الصعب في الامر كون الحياة تجري بما لاتشتهيه السفن.
يبقى أن نحاول جاهدين لتحقيق ما يمكن تحقيقه , المهم أن لا يكون هناك يأس بل رغبة و ارادة لبلوغ ما نرمي اليه

يبدو أنها مساجلة بين العنود و تنزروفت فهل لنا أن ندلي بدلونا.
شاعر فذ و حجة دامغة أسالت حبر قلمها لتدافع عن القضية المصيرية العربية الاسلامية * القضية الفلسطينية. صاحب الالقاء المتميز و الرنان - محمود درويش -
شكرا لك اختنا العنود على المساهمة الشعرية .

رحم الله شاعرا كان يدافع عن القضية الفلسطينية بكلمته و بقلمــه

أمـا عن الأحلام فأعــتقد أنها أجمل شيء في الحياة !! ،، لأنــه ما من حقيقة إلا وكانت في وقت ما حلما ،، فلنحلم ما دام الحلم بوابـــة الحقيقة

شكرا جزيــــلا لكِ عنود

شكرا على الردود المميزة. أتمنى أن تحققوا كل الاحلام التي لا تزال حبيسة أفكاركم الجميلة.

أختكم العنود

ماذا عساني أن أقول في شاعر عظيم مثل محمود درويش
غير ما قاله شاعر النيل في محمود سامي البارودي عن موته :
ردو علي فؤادي بعد محمود ... إني عييت وأعيا الشعر مجهودي
ما للبلاغة أضحت لا تطاوعني ... وما لحبل قريضي غير ممدود
تجري السلاسة في أثناء منطقه ... تحت الفصاحة جري الماء في العود
شكرا لكــ على النقل المميز

» قصيدة : (ثورة الشرفاء) للشاعر الجزائري مفدي زكريا رحمه الله
» قصيدة رثاء الشهيد حسن البنا رحمه الله.... للدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله
» قصيدة في رثاء الشيخ محمد باي بلعالم رحمه الله لحفيده محمد بلعالم
» قصيدة قم يا صلاح الدين ... للشاعر أحمد مطر رائعة جدا جدا
» قصيدة في رثاء العلامة الشيخ محمد باي بلعالم رحمه الله