قصيدة مفدي زكريا في التآلف بين الشعب المصر الجزائري والشعوب العربية كلها
نسبٌ بدنيا العُرب.. زكَّى غرسَه
ألمٌ.. فأورق دوحُه وتفرَّعَا
سببٌ، بأوتار القلوب.. عروقُهُ
إن رنّ هذا.. رنّ ذاكَ ورجَّعَا!
إمّا تنهَّد بالجزائر مُوجَع
آسى «الشآمُ» جراحَه، وتوجَّعَا!
واهتزَّ في أرض «الكِنانة» خافقٌ
وأَقضَّ في أرض «العراق» المضجعَا!
وارتجَّ في الخضراء شعبٌ ماجدٌ
لم تُثنِه أرزاؤه أن يَفزعَا
وهوتْ «مُراكشُ» حولَه وتألمّتْ
«لبنانُ»، واستعدى جديسَ وتُبَّعَا
تلك العروبةُ.. إن تَثُرْ أعصابُها
وهن الزمانُ حيالَها، وتضعضعَا!
الضادُ.. في الأجيال.. خلَّد مجدَها
والجرحُ وحَّد في هواها المَنزعَا
فتماسكتْ بالشرق وحدةُ أمّةٍ
عربيّةٍ، وجدتْ بمصرَ المرتعَا
ولَـمِصرُ.. دارٌ للعروبة حُرّةٌ
تأوي الكرامَ.. وتُسند المتطلِّعَا
سحرتْ روائعُها المدائنَ عندما
ألقى عصاه بها «الكليمُ».. فروّعَا
وتحدّث الهرمُ الرهيب مباهياً
بجلالها الدنيا.. فأنطق «يُوشَعا»
واللهُ سطَّر لوحَها بيمينهِ
وبنهرها.. سكبَ الجمالَ فأبدعَا
النيلُ فتّحَ للصديق ذراعَهُ
والشعبُ فتَّحَ للشقيق الأضلعَا!
والجيشُ طهَّر بالقتال (قنالَها
واللهُ أعمل في حَشاها المبضعَا!
(والسدُّ) سدّ على اللئام منافذاً
وأزاح عن وجه الذئاب البُرقعَا!
و تعلّم ( التاميزُ ) عن أبنائها
و ( السينُ ) درساً في السياسة مُقنعَا
و تعلّم المستعمرون ، حقيقة
تبقى لمن جهل العروبة مرجعَا
دنيا العروبة ، لا تُرجَّح جانباً
في الكتلتين .. أو تُفضَّل موضعَا !
يا مصرُ .. يا أختَ الجزائر في الهوى
لكِ في الجزائر حرمةٌ لن تُقطَعَا
هذي خواطرُ شاعرٍ .. غنّى بها
في ( الثورة الكبرى ) فقال .. و أسمعَا
و تشوّقاتٌ .. من حبيسٍ ، مُوثَقٍ
ما انفكّ صبّاً بالكنِانَة ، مُولَعَا
خلصتْ قصائدُه .. فما عرف البُكا
يوماً .. و لا ندب الحِمى و المربعَا
إن تدعُه الأوطانُ .. كان لسانَها
أو تدعه الجُلَّى .. أجاب و أَسْرعَا