الساعة السابعة صباحا،الكل نائم ، تستيقظ الأم على بكاء إبنتها ذات السادسة من عمرها.
تسأل الأم :
مابك إبنتي ؟
تجيبها الإبنة :
ألم هنا و تشير إلى موضع القلب،تضع الأم يدها لتحس بضربات قوية بقلب إبنتها.
تستيقظ مسرعة و تجهز حالها و إبنتها لتحملها إلى المستشفى لتعرف ما بها.
كم أما رائعة حقا كانت،فقد كانت الأب و الأم، بسبب غياب الأب لأن عمله كان خارج الوطن.
تحمل الأم إبنتها إلى المستشفى؛ و بعد الفحص يخبرها الطبيب أنها مصابة بمرض القلب،
و نصحها بالعناية الفائقة بإبنتها و منعها من أي إجهاد.
تحمل الأم إبنتها و تعود للبيت محملة بالأدوية التي وصفها الطبيب و قلبها مملوء بالخوف على إبنتها .
كانت إبنتها الوحيدة وثلاث ذكور، وكان ترتيبها الثانية من إخوتها بعد أخ يكبرها بأربع سنوات.
وكانت جد مدللة وسط أفراد عائلتها و خصوصا عند والدها،فقد كان يحبها حبا لا مثيل له وهي أيضا كانت تحبه بشكل غير عادي،وبالنسبة لها كان مثلها الأعلى.
فعندما أخبرته زوجته بخبر مرض إبنته قطع سفره
وعاد مسرعا ليرى هل بإمكانية سفر إبنته للخارج للعلاج، فأخبره الطبيب أنه لا داعي،
فالأدوية التي تم وصفها و العناية كافية للعلاج و التحسن،إرتاح الأب لكلام الطبيب و إكتفى بنصائحه و الدعاء لإبنته.
ومن هنا بدأت معاملة خاصة للطفلة،
و بدأت معاناتها مع واقعها الذي لم تجد مفرا منه.
فهذه الطفلة المسكينة في ربيعها السادس ،كل شيء كان ممنوع عليها ،ممنوع الخروج للعب مع أطفال الحي، ممنوع اللعب حتى داخل البيت و ممنوع لأي طفل الإقتراب منها،
السبب أنها مريضة و كل العائلة خائفة عليها.
و كل العيون مصوبة إليها خوفا من أي مفاجئة بسبب مرضها.
وهن بدأت التعاسة الحقيقية لهذه الطفلة، وكانت تحس أنها مقيدة من كل الجهات.
متنفسها الوحيد كان في المدرسة حيث لا توجد عائلتها، رغم أن الأب لم يبخل بوصاياه لمدير المدرسة و للمدرس، إلا أنها كانت تستطيع أن تتنفس بحرية أكثر من البيت.
و كانت محبوبة من كل رفاقها و رفيقاتها، كما كانت جد متفوقة في دراستها، وكان تميزها الدراسي الأول على صعيد المدرسة إن لم يكن على صعيد الإقليم.
سنة بعد سنة حتى بلغت الثالثة عشر،حيث بدأت تحس بأنوثتها وبالضغط عليها أكثر من السابق، فزيادة على ما حرّم عليها بسبب مرضها،أصبحت هناك ممنوعات ومحرمات أكثر بسبب أنوثتها، لأنها تعيش مجتمع عربي قامع لحرية الأنثى.
هنا بدأ حزنها و مأساتها التي لم تكن تخفف عنها إلا بالكتابة.
كانت ثائرة على الحياة وعلى المجتمع، وكانت لا تجد عزاء نفسها إلا في الكتابة، فكلما حست بثورة وغضب داخلها، رفعت قلمها لتصرخ في وجه دفترها الذي شهد معها كل أحزانها.
يتبع....