السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقدم لكم اخواني هذا الموضوع من تاريخ اعلام المنطقة عن الشيخ محمد باي بلعالم - رحمة الله عليه - ، وهذا الموضوع اعده احد تلامذته المحبين له وهو : الاستاذ عبد القادر قدي الحاج مدير ثانوية جبايلي عبد الحفيظ باولف .
بسم الله الرحمان الرحيم
وقفات عند بعض معالم من سيرة الشيخ باي بالعالم
صلة الشيخ بالزاوية ( زاوية حينون )
زاوية حينون كانت حاضنة الشيخ العلمية والاجتماعية منذ أن تم توظيفه بطريقة رسمية ، فقد كانت تربطه ببعض أبنائها خاصة المتعطشين منهم للعلم والمعرفة صلة سابقة ، فقد زامله الشيخ الحاج [ عبد الله بوشنة ] – رحمه الله - أيام طلب العلم في سالي في مدرسة الشيخ مولاي احمد ، وبعد تخرج الشيخ وافتتاحه لمدرسته الدينية بالركينة ، انتسب إليه الكثير من شباب وشيوخ تلك الفترة ، منهم من كان يدرس من قبل عند السيد[ امحمد الصالح بختي] ومنهم من ابتدأ الدراسة عنده مباشرة . ولعل روابطه بالزاوية كانت اسبق من خلال علاقات والده وبعض أقاربه بأهل الزاوية ، وان كنت لا اذكر تاريخ تعينه في مسجد انس بن مالك ، فيغلب على الظن أن ذلك كان في فترة الستينات ومن ثم تحولت الزاوية إلى حاضنة علمية واجتماعية للشيخ ، أحب أهلها وكانت استضافته عندهم دورية ومنحوه وسائل الاستقرار -رغم سكنه الأصلي بالركينة- فوفروا له الدار وأعطوه البستان ووفروا له المركب عندما لم تكن لديه سيارة . وإذا أتم درسه وأراد مغادرة الحي شيعوه إلى خارجه وأصبح واحدا من اقرب الناس إليهم ، وشاركوه الأفراح والأتراح فهو عالمهم وهو فقيههم وهو إمامهم وخطيبهم لم يغير مسجده منذ أن عين أول مرة . اشرف على حفل اختتام البخاري سواء كان ذلك بالزاوية أو في مدرسته بالركينة ، وشاء الله أن تكون آخر خطبة له قبل الفراق بمسجد الزاوية ، وحافظ أهلها على العهد له فكرموه ميتا كما كرموه حيا ، وما زالوا على الوفاء له . وقد خلفه في إمامة المسجد احد ابرز تلامذته [بن مالك احمد الطالب] .
لقد كان في حياته - رحمة الله عليه - كباقي البشر له محبون وأنصار ، وله خصوم وأنداد ، ولكن ما لا نزاع فيه انه كان من ابرز أركان المجتمع وأكثرهم تأثيرا فيه ، له من الروابط والعلاقات ما جعل الكل يجمع على إمامته في الفقه واللغة وسائر علوم الشرع بحيث لا ينازعه في هذه المكانة احد ، وقد ذاع صيته واقترن اسمه باولف فبه عرف وبه اشتهر .
قيادته للحجيج :
إن من ابرز الوظائف الدينية والاجتماعية التي عرف بها هي قيادته لركب الحجيج على مستوى دائرة اولف ، فقد حج أول مرة سنة 1964 وبعدها تولى قيادة الركب من 1974 إلى غاية وفاته لمدة تنيف عن ثلاثة عقود ، وقد اهتم بهذا الجانب أيما اهتمام ، فنظم أمور الحجاج المالية والإدارية والاجتماعية حتى أصبح وفد دائرة اولف مضرب المثل في التنظيم والتعاون والترابط وكان بحكم خبرته الطويلة ومداومته على زيارة البقاع المقدسة مرتين في السنة ، مرة للعمرة وأخرى للحج بحكم اطلاعه على المذاهب الأخرى زيادة على المذهب المالكي ، له اجتهادات في مسائل الحج ييسر بها على الحجاج أثناء أداء هذه المناسك كقضية الإحرام من جدة والتوكيل في الرمي للنساء ، وأصبح ملاذ الكثير من الحجاج في الفتيا فهو رجل أوفر فقها في الدين يرفض التطرف ويمقت الجمود ويحبذا الاستفادة من كل حكم رجحت لديه أدلته ، وقد أفادته قيادته لركب الحجاج في تبادل المعارف والآراء مع العلماء في المشرق والمغرب واستفاد منهم وأفادهم ، وقد أجازه بعضهم في علوم شتى وقويت صلته بعلماء الحرمين وتضم مكتبة الحرم المدني اليوم جل مؤلفاته وبعض الآثار العلمية للمنطقة من وسائل التعليم والتعلم إلى جانب عدم انقطاعه عن الحج لمدة تنيف عن ثلاثة عقود ، فقد كان رحالة زار أوطان عدة إلى جانب زيارته لمختلف مناطق الوطن وقد كتب في آداب الرحلة ، وله كتاب من جزئين كبيرين في هذا الموضوع .
عنايته بالقران
على غرار باقي علماء المنطقة كانت عنايته بالقران الكريم والسنة النبوية الشريفة عظيمة ، فهو الى جانب اهتمامه بتحفيظ القران اهتم بتفسيره فكان مجلسه لا يخلوا من درس في القران الكريم ، كما اهتم بالتأليف في علوم القران ، وكان يحتفي بليلة القدر ويكرم ليلتها حفظة القران من تلاميذ مدرسته كما دأب طول حياته التعليمية على سرد الكتب المعتمدة في الحديث وفي مقدمتها البخاري الذي كان يختمه كل سنة إلى جانب صحيح الإمام مسلم وموطأ الإمام مالك ، وكان يحتفي بختم البخاري فيقيم مأدبة عامة يحضرها كل المحبين حتى من خارج الدائرة قبيل رمضان من كل سنة ، وفيها يقوم بختم هذه الكتب ويبتدئ قراءتها في نفس الوقت ، وهي مناسبة عظيمة كانت تبرم فيها عقود الزواج وتسمى فيها المواليد ويحضرها أفاضل الناس ، كما لم تقتصر عنايته بالسنة على دراسة الكتب السابقة فقد ألف كذلك في علوم الحديث وابرز بعض المخطوطات وعلق عليها واحيا بذلك ما اندثر من تراث المنطقة . انتهى
ملاحظة : سنوافيكم باجزاء اخرى من هذه السيرة الذاتية للشيخ باي .